قد لا يفهم المرء المغزى من «كتاب غينيس» ومن أرقامه القياسية، لكن طرافة البعض منها يجعل منها مادة إعلامية بامتياز، وتُلبي وظيفة من وظائف الإعلام الأساسية المتمثلة في الغرابة والطرافة والإمتاع. وبعيدا عن المتعة، قريبا من الاشمئزاز والتقزز، دخل أمريكي هذه الأيام موسوعة غينيس بعد أن أدخل في فمه 16 صرصارا حيا لمدة 10 ثوان. ولأننا هنا في المغرب ابتلينا بصراصير من كل الأنواع، وجدنا أن الكثير من منتخبينا ممن لا يفتحون أفواههم إلاّ عند النوم خلال الاجتماعات وفي المجالس، يخصصون - أو يخوصصون - ميزانيات ضخمة للصراصير، بل إن منهم من ينفق على الصراصير أكثر مما ينفق على أسرته وأبنائه، وكأنه مفوض فقط للسهر على تربية وصحة وسلامة الصراصير. هكذا عندما يطّلع المرء على ما يُخصص للصراصير - أي سراق الزيت وليس سراق البنزين - فإنه سيقف مشدوها وفاتحا فمه، وخائفا من أن يدخل سراق الزيت فمه المحلول، بسبب هذه الأرقام الغليظة التي تُسمن الصراصير لكن دون أن تغنيهم من جوع وهيف وتجوعيف أيضا! قديما، كان جحا ينصح من يريد أن يقضي على الصراصير بأن يمسك بالصرصار، ثم يرفع له جناحه، فيدغدغه - أي يَهُرَّه - حتى يكركر ويقهقه ويفتح فمه على اتساعه، آنذاك يضع بعض السم في فمه المفتوح. لكن الآن، يبدو أن مشكلتنا مع كل هؤلاء الصراصير، وبكل أنواعها، هي هذه الأفواه المفتوحة. هذه الأفواه المفتوحة التي يجب أن تُفهم حرفيا وفي كل الاتجاهات.