تزامُنا مع انطلاق الموسم الدراسي الجديد، طفَا على السّطح خلافٌ بين الحركة الأمازيغية ووزارة التربية الوطنية التي يشرف عليها رشيد بلمختار، إثْر اتّهام هذه الأخيرة بتحْويل 80 أستاذا كان من المفروض أن يُدرّسوا اللغة الأمازيغية، وفْق عدد المناصب المالية المخصّصة لها في قانون المالية، خلال الموسم الدراسي الحالي، إلى تدريس موادّ وتخصّصات أخرى. قرار غريب وقال رئيس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، أحمد عصيد، في تصريح لهسبريس، إنّ المرصد من خلال تتبّعه للتطوّر الأخير، توصّل إلى أنّ الأساتذة الذين كان من المفترض أن يُدرّسوا الأمازيغية طُلبَ منهم تدريس العربية أوْ موادّ أخرى مباشرة بعد أن تولّوا مهامّ التدريس. وانتقد عصيدُ بشدّة حرمان الأمازيغية من 80 أستاذا، قائلا "هذا القرار خطير وغريب، وغادي يْنوض عليه الصداع"، وأضاف "نريد أن نعرف هل يتعلّق الأمر بقرار اتخذه وزير التربية الوطنية لوحده، أمْ أنّ الأمر يتعلّق بسياسةٍ جديدة للدّولة في تعاملها مع ملف تدريس اللغة الأمازيغية. وفي غياب أيّ بلاغ رسمي من طرف الوزارة حول هذا الموضوع، أصدر المرصد المغربي للحقوق والحريات بيانا استنكاريا شديد اللهجة حول وضعية الأمازيغية في التعليم، قال فيه إنه يتابع "بقلق بالغ وضعية الأمازيغية في التعليم في ضوء اجتماع المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، ومستجدات الدخول المدرسي للسنة الحالية". ووصف المرصد، انطلاقا من العديد من الشكايات التي وردت عليه، من مختلف جهات المغرب، من مدرسين وفاعلين جمعويين، "واعتمادا على معاينتنا المباشرة لما يجري داخل المؤسسات التعليمية" -حسب نصّ البيان- (وصف) القرارَ ب"الاستهتار الخطير بقرارات الدولة المغربية والتزاماتها السياسية والدستورية تجاه الأمازيغية". إقصاء واستخفاف وشنّ المركز هجوما على وزارة التربية الوطنية، معتبرا تكليف 80 أستاذ من خرّيجي مراكز التكوين المتخصّصين في الأمازيغية، خلال الموسم الدراسي الحالي بتدريس اللغة العربية والفرنسية في عدد من المناطق "تكريسا واضحا للميز والعنصرية الثقافية واللغوية، وتراجعا عن المكتسبات التي تحققت خلال أزيد من اثني عشر سنة الماضية". وفيما قال المرصد إنّ حرمان الأمازيغية من المناصب المالية المخصّصة لتدريسها، في القانون المالي، "يعرقل بوضوح تعميمها الذي ما فتئت الوزارة تتعهد به منذ 2003"، انتقدت إنهاء تكليف أساتذة اللغة الأمازيغية المتخصصين والممارسين لتدريسها خلال السنوات السابقة وتوجيههم لتدريس العربية والفرنسية، معتبرا في بيانه أنّ ذلك "يدلّ على سياسة مزاجية في التعامل مع اللغة الأمازيغية الرسمية". وبخصوص الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى للتعليم، انتقد المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات عدم إشارة وزير التربية الوطنية رشيد بلمختار في مداخلته "من قريب أو من بعيد للغة الأمازيغية، في الوقت الذي تحدث فيه عن "تعلم المعارف الأساسية في اللغة العربية" و"إتقان اللغات الأجنبية". وفق ما ورد في بيان المرصد. وفيما نوّه المرصد بعدد من المبادرات للتي اتخذها وزير التربية الوطنية السابق محمد الوفا، من قبيل إصدار مذكّرة لتفعيل تعميم تدريس الأمازيغية، وضرورة بلوغ مليون تلميذ مستفيد من تعلّمها، وكتابة واجهات المؤسسات التعليمية باللغة الأمازيغية انتقد (المرصد) وزير التربية الوطنية الحالي، متهما إيّاه ب"تزايد الاستخفاف بتدريس الأمازيغية في عهده بشكل علني ومكشوف". إلى ذلك، أصدرتْ تنسيقية "تامسنا لحركة توادا نيمازيغن" بيانا قالتْ فيه فيه إنّ نيابات وزارة التربية الوطنية في العديد من الجهات عمدت إلى إقصاء الثقافة واللغة الأمازيغيتين من خلال إعفاء جل الأساتذة المكلفين بتدريس الأمازيغية بالتخصص وتكليفهم بتدريس مواد أخرى، وأضاف البيان أنّ نيابة التعليم بتارودانت أعطتْ أوامر بعدم توزيع الكتاب المدرسي الأمازيغي". الوزارة تنفي في المقابل، نفتْ المسؤولة عن التواصل بوزارة التربية الوطنية في اتصال مع هسبريس بشدّة ما تُدوول حوْل تكليف 80 أستاذا مخصّصين لتدريس الأمازيغية بتدريس تخصّصات أخرى، مُوضحة أنّ ما تمّ الترويج له عارٍ من الصحّة. وأضافت المتحدّثة أنّه ليس هناك أيّ قرار رسميّ صادر عن الوزارة في هذا الصدد، وأنّ وزير التربية الوطنية سيتحرّى للبحْث في ما تمّ الترويج له. وفي الوقت الذي قال فيه المرصد إن "الاستخفاف بالأمازيغية تزايد في عهد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، رشيد بلمختار" أشار هذا الأخير، خلال ندوة صحفية نظمتها وكالة المغرب العربي للأنباء يوم الثلاثاء بالرباط، إلى ان مكان الأمازيغية في المدرسة المغربية "غير واضح". وتابع بلمختار مجيبا على تساؤلات صحفيين في الموضوع بالتشديد على أن الدستور المغربي لم يتحدث عن تدريس الأمازيغية و"إنما على رسميتها"، مضيفا أن المسؤول عن قضية تدريسها هو المجلس الأعلى للغات، "ننتظر أن يعطينا رؤية واضحة وفق دراسة فعلية لكي نتخذ قرارنا باستشارة من المجلس الأعلى للتعليم".