يعاني العديد من الأطفال ذوي العسر القرائي داخل المؤسسات التعليمية من صعوبات مختلفة تؤثر سلبا على إمكانية نجاحهم الدراسي وتهددهم بالانقطاع المبكر وبمراكمة العداء تجاه المدرسة وروادها. ويعتبر العسر القرائي واحدا من صعوبات التعلم الخاصة الأكثر تأثيرا في باقي التعلمات المدرسية، وذلك لكونه يظهر في سن مبكرة ويرتبط النجاح في القراءة شرطا للنجاح في باقي التعلمات المدرسية الأخرى؛ ومن الأكيد أن الاهتمام بمشكلات الأطفال ذوي صعوبات التعلم الخاصة مازال غائبا في السياسة التربوية شأنه في ذلك شأن مجموعة من المشكلات المرتبطة بالتعليم والتعلم والمؤجلة إلى أجل غير مسمى. في هذه الورقة سأتطرق للنقط التالية: • معايير ومؤشرات العسر القرائي في المدرسة؛ • بعض الولوجيات البيداغوجية للأطفال ذوي العسر القرائي في السلك الابتدائي؛ • أدوار المؤسسة التعليمية وباقي المتدخلين؛ ومن خلال ذلك أستهدف: تحسيس الممارسين البيداغوجيين في مستويات التعليم الابتدائي ببعض محددات العسر القرائي والعمل على مدهم ببعض المداخل العملية الكفيلة بالاستجابة لاحتياجات الأطفال ؛ إثارة مشكل الأطفال ذوي العسر القرائي باعتباره مشكلا مرتبطا بفئة عريضة مهددة بتشكيل العداء للمجتمع وبضرورة إدراج احتياجاتهم ضمن اختصاصات اللجنة الوزارية المكلفة بتتبع و تنفيذ الاستراتيجيات والبرامج المتعلقة بالنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة؛ ضرورة تشكيل خلايا جهوية وإقليمية لتتبع صعوبات التعلم الخاصة داخل الأقسام ومصاحبة الأساتذة و توعية الأسر؛ مراجعة أشكال التدبير البيداغوجي والتقويم التربوي بما يستجيب لاحتياجات الأطفال ذوي العسر القرائي؛ تعريف العسر القرائي: أو الديسليكسا بصفة عامة هي "اضطر اب في واحدة أو أكثر من العمليات النفسية الأساسية المتضمنة في فهم اللغة واستخدامها سواء أكان ذلك قراءة أو كتابة ويظهر هذا الاضطراب على شكل عجز في الاستماع ، الكلام ،القراءة ، الكتابة ، التهجئة ، الحساب. ويرجع إلى الصعوبات الإدراكية ، إصابات الدماغ، الحبسة الكلامية النمائية،عسر القراءة . لا يشمل المصطلح الأطفال الذين يعانون من صعوبات تعلمية تعود في سببها إلى صعوبات سمعية ، بصرية، حركية أو إعاقة عقلية أو انفعالية أو الحرمان البيئي أوالاقتصادي أو الثقافي " . معايير العسر القرائي ومؤشراته معايير العسر القرائي نشير في البداية إلى أن: • الديسليكسا تنتج عن خلل وظيفي في أداء الجهاز العصبي المركزي وليس إصابة في الدماغ، ولا يمكن علاجها لكن يمكن الحد من أثارها فقط وتتضمن العسر القرائي والعسر الكتابي والعسر الحركي وفرط الحركة مع صعوبة الانتباه وصعوبات تعلم أخرى. • العسر القرائي اضطراب واحد من اضطرابات صعوبات التعلم الخاصة يتسم بكونه دائم ومحدد في اكتساب اللغة المكتوبة، وبالاستمرارية والشدة. يتحدد معيار الشدة في العسر القرائي في فرق يمتد من 18 شهر إلى سنتين من العمر القرائي؛ يتم الحديث عن العسر القرائي/ الكتابي النمائي في حالة المعايير التالية : • يذهب الطفل للمدرسة بكيفية عادية ولا يعاني من حرمان من حقه في التربية والتعليم؛ • ليس الاضطراب راجعا لاعتلالات حسية أو ذهنية أو حركية أو لروابط عصبية ، أو لمرض عصبي أو لاضطرابات نفسية؛ يمكن أن يكون العسر القرائي مرافقا لمجموعة من الاختلالات المنفردة أو المرتبطة فيما بينها مثل: التأخر اللغوي؛ اضطرابات الصورة الجسدية؛ اضطرابات الجنبية؛ اضطرابات التوجه الزماني - المكاني؛ • تمس الديسليكسا حوالي 3 إلى 5 % من الأطفال الذكور؛ كل الصعوبات ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار؛ لكن كل طفل لديه صعوبات قرائية ليس بالضروري من ذوي العسر القرائي؛ • مؤشرات العسر القرائي في التعليم الابتدائي • في التعليم الأولي ( السنة الثانية) تتمثل الصعوبات في: اضطرابات شديدة في التعبير الشفوي؛ صعوبة في تمييز مقاطع الكلمة؛ صعوبة في الذاكرة اللغوية؛ يجد الأطفال ذوو العسر القرائي في مراحل التعليم الأولي صعوبات كبيرة في التواصل الشفهي، من خلال التعبير بجمل غير مفهومة، أو بكلمات غير مناسبة، أو بتكرار جمل متقطعة، واستخدام أخرى غير ذات معنى أثناء مطالبتهم بالتعبير عن المشاهد المعروضة. كما أنهم يجدون صعوبات في تذكر الأحداث والزمن والشخصيات. تظهر صعوبات الأطفال في أنشطة "الطقوس الاعتيادية" حيث ينسون أسماء الأيام وتختلط لديهم الألوان والفصول والشهور والأرقام. فينسحبون بإحداث الفوضى أو بالانعزال أوبرفض الإجابة لأنهم يعلمون مسبقا أنهم لن يصيبوا يتمثل دور المربي خلال هذه المرحلة في عدم التسرع في إصدار أحكام على الطفل ، وفي تقبل الأخطاء، كما أنه مدعو لتوسيع الاستشارة مع المختصين والانفتاح على الأسر. على المستوى البيداغوجي، يطلب من المربي بناء الثقة في ذات الطفل، وتشجيعه عل المشاركة، وتقبل اختلافه، وجعل الأنشطة في هذه المرحلة لها طابع عملي مناولاتي حسي، ينخرط فيها الأطفال جميعهم بجميع حواسهم. كما أنه مدعو لمراجعة المشاريع المعمول بها لجعلها في خدمة الطفل ذي العسر القرائي؛ وجعل الفعل القرائي متمركزا على القراءة الكلية اللوغوغرافية. مع إرفاق الأنشطة بالمتعة وبالبطاقات الممثلة للصور والإكثار من الألعاب القرائية المتمركزة على ربط الصور بالكلمات وربط الكلمات بما يشابهها. • ابتداء من السنة الأولى ابتدائي: تتمثل صعوبات الأطفال ذوي العسر القرائي في: عدم فهم النظام الكتابي: لا يضع الأطفال علاقة بين الرمز والصوت الممثل له؛ يجد الأطفال صعوبات تمييز الأصوات المتقاربة نطقا أو شكلا أو المتشابهة شكلا : ج، ح ،خ ؛ صعوبات التمييز السمعي بين الحروف؛ صعوبات تمييز الترتيب في بعض المقاطع؛ من الأكيد أن منهجيات وأهداف القراءة تختلف بين التعليم الأولي والتعليم الابتدائي؛ ففي التعليم الابتدائي تؤكد التوجيهات الرسمية اعتماد الطريقة المزجية في تعليم القراءة ( الجزئية والكلية)و يظهر ذلك بكيفية جلية في مختلف الكتب المدرسية المصادق عليها من الوزارة. بينت الدراسات على أن الطريقة المثلى لمساعدة الأطفال ذوي العسر القرائي على تعلم القراءة هي الطريقة الجزئية( من الحرف إلى الكلمة ثم إلى الجملة فالنص ) مما يستوجب على الأساتذة في هذه المستويات تخصيص حصص في استعمالات الزمن لتقديم الحروف المستهدفة بالطريقة المشار إليها والعودة إليها بشكل منتظم تشجيعا للأطفال على التذكر ومن أجل مساعدتهم على فهم النظام الكتابي؛ كما أنه يمكن في بعض الأحيان الاكتفاء بلغة تدريس واحدة اعتبارا لصعوبات الأطفال في التموقع والتذكر والتمييز المرتبط باضطرابات اللغة؛ • الطفل الذي يزيد عمره عن 8 سنوات: تختلف صعوبات الأطفال ذوي العسر القرائي في هذا المستوى بالنظر لتعقد أهداف تدريس القراءة المتمثلة في القراءة الجيدة المرفوقة بالفهم ؛ ومن الصعوبات التي تظهر عند الأطفال ذوي العسر القرائي: استمرار الصعوبات المرتبطة بالمستوى الأول بالإضافة إلى: - فشل في القراءة مع البطء؛ - صعوبة في الاحتفاظ بالكلمات المألوفة الاستعمال؛ وقواعد الربط وتقطيع الكلمات؛ - بطء في التهجئة مع ظهور أخطاء ( عدم كتابة بعض الحروف أو المقاطع أو الكلمات ) - الخلط بين الأصوات ؛ - يتمثل دور الأستاذ في تكييف المداخل البيداغوجية عبر إمكانية الاستعانة بالموارد الرقمية لمساعدة الطفل على تذكر رسم الحروف وتهجئتها بشكل سليم؛ - تعديل مضامين الكتب المدرسية المستعملة نظرا لصغر حجم الخط وعدم مناسبته مع احتياجات الأطفال ذوي العسر القرائي وتعويضها بأدوات أخرى أكثر فائدة على الأطفال - تكييف التعليمات المستهدفة لقياس الفهم من خلال تجنب التعليمات المركبة والطويلة مع عدم تعيين الطفل ذي العسر القراءة قبل تقديم السؤال؛ - تقبل إجابات الأطفال ذوي العسر القرائي مهما بدت بديهية وعدم إشعاره بالحرج؛ • من 11- 12 سنة؟ بالإضافة للعسر القرائي الملازم للطفل في هذا المستوى والمرفوق باضطرابات الفهم تبرز اضطرابات مرتبطة بالكتابة سواء منها كإنتاج في الإنشاء مثلا أو كنقل من السبورة ويستوجب الأمر اتخاذ مجموعة من الاحتياطات من قبيل : - عدم مطالبة الأطفال دوي العسر القرائي من النقل من السبورة لأنه يجد صعوبة كبيرة في الربط بين عمليات القراءة والكتابة وتعةويض ذلك بتمكينه من نصوص مستنسخة بخط واضح مقروء أو السماح له باستعمال حاسوبه أو هاتفه في حالة التعذر للكتابة عوضا عن استعمال القلم والدفتر على مستوى الأنتاج الكتابي " الإنشاء" مثلا ينبغي التركيز على الكلمات الصحيحة والعبارات المكتوبة بشكل صحيح وتوجيه الطفل لها عوضا عن التركيز عن الأخطاء ويمكن في حالة وجود عسر قرائي عميق عند الطفل تعويض التقويم الكتابي بآخر شفوي . • مظاهر أخرى للدسيليكسيا ليست مرتبطة بسن معين أو بمادة معينة بينت الدراسات أن معظم الأطفال ذوي العسر القرائي لذيهم اضطرابا ت في : الخلط بين اليمين واليسار ( الجنبية) تأخر وصعوبة قراءة الساعة و التموقع في الزمان والمكان الصعوبات في تتبع مجموعة من التعليمات الشفوية المقدمة بكيفية متتابعة وهي صعوبات ملازمة للطفل وغير مرتبطة فقط بالقراءة لذلك ينبغي على المتدخل التربوي - العمل على مراجعة أنشطة الرياضيات المقدمة باللغة العربية لكونها تمزج بين اليمين واليسار مما يطرح صعوبة على الأطفال؛ - توفير معالم أخرى داخل القسم لمساعدة ذوي العسر القرائي على التموقع في المكان؛ - مراجعة أساليب التعليم والتقويم داخل القسم ماهي الآثار النفسية للعسر القرائي على الطفل والأسرة ؟ إذا لم يكتشف العسر القرائي مبكرا فإن الأطفال يمكنههم أن : يفشلوا بصفة دائمة ومستمرة في التعلمات المدرسية ؛ ينفعلوا بسرعة نتيجة المقارنة بالآخرين؛ تنعدم عندهم عمليات تقدير الذات؛ يعزفوا عن المدرسة؛ يظهروا سلوكات عدوانية اتجاه المجتمع. ما دور المؤسسة التعليمية ؟ التكفل بالطفل ذي العسر القرائي مبكرا لحمايته من التأخر الدراسي، • تشكيل فريق تربوي وطبي لتتبع الحالات مكون إلزاما من : مقوم النطق،ومروض طبي وشبه طبي؛ • إدخال تكييفات بيداغوجية مندمجة على الفضاء والتعلمات والاختبارات الموجهة للطفل مع توفير دعم نفسي ؛ o هل المدرسة المغربية مؤهلة لتدريس الأطفال ذوي العسر القرائي؟ • تحتاج المدرسة المغربية لاستقبال هذه الفئة من الأطفال إلى : صياغة سيناريو واقعي لمشروع وطني متكامل للكشف عن ذوي صعوبات التعلم بمراحل وأنواع التعليم؛ تنفيذ برنامج للتدخل المبكر في المؤسسات التربوية وتطوير آليات التتبع والتقييم؛ إدخال تعديلات في منهجيات تدريس الرياضيات و القراءة بما يستجيب لاحتياجات الأطفال؛ تكوين الأساتذة والمديرين في مجال صعوبات التعلم وآليات التكييف وطرق استثمار الموارد البيداغوجية الرقمية؛ تأهيل وتدريب الأساتذة لمساعدتهم على تقديم أفضل الخدمات التربوية والتعليمية لكافة فئات ذوي الإعاقات وذوي العسر القرائي وصعوبات التعلم بصفة عامة ، مراجعة ترسانة التقويم الموجهة للأطفال ذوي العسر القرائي؛ توفير أخصائيين نفسانيين لتتبع حالات الأطفال النفسية وأسرهم؛ خلق فرق تربوية وشبه طبية متنقلة في إطار تفعيل الدورية المشتركة بين وزارة الصحة ووزارة التربية الوطنية ةالتكوين المهني لتتبع الحالات على مستوى المؤسسات التعليمية ( ابتدائي وثانوي إعدادي وثانوي تأهيلي)؛ عقد ندوات داخل المؤسسات التعليمية للتعريف بالديسليكسا بصفة عامة وبالعسر القرائي بصفى خاصة؛ إرجاع الأطفال المطرودين بسبب الديسليكسا واتخاذ إجراءات تربوية لضمان استمرار تمدرسهم؛ مساعدة الأسر على تفهم حالات الأطفال ذوي العسر القرائي وعلى تقبل أطفالهم ؛ تلك إذن بعض الأولويات التي يمكن اتخاذها لحماية الأطفال ذوي العسر القرائي من مغادرة المؤسسة و من كن العداء للمجتمع ؛ ويبقى تفعيل هذه الإجراءات وتتبعها رهينا بمشاركة اللجنة الوزارية المكلفة بتتبع و تنفيذ الاستراتيجيات والبرامج المتعلقة بالنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة؛ وانخراط المجلس الأعلى للتربية والتكوين والجمعيات الوطنية والدولية الشريكة وتفعيل وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني. المراجع المعتمدة: 1- محمد مكاوي: أي دور للجنة الوزارية المكلفة بتتبع تنفيذ الاستراتيجيات والبرامج المتعلقة بالنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة في الدخول المدرسي؟ http://www.hespress.com/opinions/240309.html 2- محمد مكاوي: عدة بيداغوجية في تكوين أساتذة الأطفال الديسلكسيين وتحسيس أسرهم http://www.hespress.com/opinions/76572.html 3- محمد مكاوي: الديسليكسا عند الأطفال الصغار وأثرها على النمو الاجتماعي والعاطفي http://www.hespress.com/opinions/76740.html 5 - محمد مكاوي: تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي يكشف أسرار الديسليكسا http://www.hespress.com/opinions/147081.html - مفتش تربوي [email protected]