مذكرة حزب الأصالة والمعاصرة، وعي دقيق بطبيعة المرحلة وست جبهات برؤية واقعية كثيرا ما يهيمن الخطاب الانتخابي، ولاسيما في الشهور الأخيرة بشكل يلغى معه أي نقاش سياسي حول القضايا الكبرى للمغرب. وهكذا يختزل النقاش في تبادل الاتهامات والتهديد بالمقاطعة، بحيث يتحكم في ذلك افتراض نوايا سيئة لدى كل قوة سياسية في تصورها للقوة السياسية المغايرة لها. والحقيقة أن شحن الحوار السياسي بهذه الجرعات المتشنجة والمنغلقة، واختزال التعاطي بين الأحزاب السياسية في انتهازية انتخابية ضيقة من شأنه أن يلغي الممارسة السياسية بمفهومها النبيل والمصيري. إن الانتخابات في العمل السياسي كانت وستظل الوسيلة المثلى لتمكين القوى السياسية من تطبيق برنامجها الحزبي. لكن حينما تتحول الوسيلة إلى هدف فإنها تلغي الحوار، وتجعل الوسيلة غاية يكون ضحيتها المواطن، الذي يتم إغراقه في موجة من الاتهامات والاتهامات المضادة. في حين أن الأجدى أن ينشغل نفس المواطن بتمحيص البرامج والأفكار الحزبية حتى يشعر أنه يساهم في صناعة القرار السياسي، بدل أن يتم تحويله إلى مجرد هدف لقرصنة صوته الانتخابي بطريقة تعدم فيها إرادته وقدرته على التحليل وممارسة استقلالية قراره في الاختيار السياسي. إن هذا المناخ غير الصحي الذي أصبح يسيء للعملية السياسية في بلدنا بمجرد الإعلان عن تاريخ إجراء انتخابات معينة ستبرز انعكاساته بالتأكيد في عملية التصويت، سواء على المستوى الكمي بعزوف حجم كبير من الناخبين الذين لهم الحق في التصويت أو على المستوى الكيفي بتشتت الأصوات وبلقنة الخريطة السياسية بشكل يفقد الشأن العام جودته وتوهجه و جاذبيته الاستقطابية والقدرة على المشاركة الناجعة في تدبير الحياة السياسية ورسم برامجها المرحلية . والغريب في الأمر أن هذه الأخطاء التي تقوض علاقة المواطن بالسياسة ترتكب في كل مرحلة تكون فيها الأحزاب مقبلة على العملية الانتخابية وربما تحت ضغط قواعدها من أجل الفوز بمكاسب سياسية تمكنها من حضور فاعل في القرار السياسي، أو بسبب محاولة حماية الذات السياسية وتحصين الزعامات من قبل القيادات الحزبية. في سياق هذا التشخيص المختزل بادر حزب الأصالة والمعاصرة إلى توجيه مذكرة للأحزاب السياسية حول القضايا المصيرية للبلاد، شكل منطلقها في تقديري، وعي الحزب بطبيعة المرحلة وما يتطلبه من تفكير استراتيجي للرفع من مستوى العملية السياسية برمتها والانتخابية في سياقها، وقد نصت هذه المذكرة في مقدمتها على مجموعة من القواسم المشتركة التي لا خلاف حولها مثل وحدة الأمة وسيادتها ووحدة الدين والمذهب والتنوع الثقافي، التي اعتبرها منطلقات مشتركة وأساس أي تعاقد أخلاقي أو فكري يمكن بنائه حاضرا ومستقبلا. وأطرت المذكرة هذه المنطلقات بالفصول الدستورية ذات الصلة والتي تعد الأساس الشرعي للعملية السياسية ومرتكز وجود مؤسساتها والتي تجعل أي رابط وطني يملك مشروعية دستورية عنصرا مساعدا يؤهل القوى السياسية لبناء سلوك سياسي وطني في خدمة الأهداف المشتركة التي تحظى بالإجماع. ولم يفت المذكرة التذكير أن هذه القواسم المشتركة والمرجعية الدستورية يمكنها أن تكون منبعا للنقاش العمومي الهادف إلى ترسيخ الخيارات الكبرى المؤسسة للإجماع حول الثوابت، وتكريس الديمقراطية التشاركية، باعتبارها رافعة قوية لتمكين الذكاء الجماعي من بناء إطار فكري وسياسي يقوي الممارسة الديمقراطية التي هي صمام الأمان لبناء دولة الحق والقانون. هذه المنطلقات التي استحضرها حزب الأصالة والمعاصرة والتي لا خلاف حولها انطلق منها ليدعوا القوى السياسية إلى تنظيم النضال السياسي وفق ست جبهات تكون مجالا رحبا وصحيا للحوار وبناء أسس الاتفاق العام مع شرعية الاختلاف في التفاصيل، وهي كالتالي: الجبهة الأولى: الوحدة الوطنية وهي بمثابة عود على بدء، فجميع القوى الوطنية ظلت تنصهر في أي فعل سياسي يدافع عن وحدتنا الوطنية غير أن الوقت حان لكي يفتح الباب في وجه الجميع للمساهمة في الدفاع عن القضية باعتبارها قضية الكل وقضية المصير, تهم المجال المدني كما همت المجال السياسي. في هذا الصدد يدعوا الحزب إلى تشكيل هيئة وطنية للدفاع عن الوحدة الترابية، ليس كجهاز رسمي أو احتكاري للقضية، ولكنه بالأساس إطار للتنسيق و التشاور وبناء المبادرات وتحديد الأهداف المرحلية، مع توزيع الأدوار لتحقيق حضور وطني على المستوى الدولي يساهم بجانب الجهاز الرسمي باعتباره المكلف بإدارة الملف رسميا ووفقا للقانون الدولي. ولأن الجهاز الرسمي رغم شرعيته القانونية في تمثيل الدولة أمام الأجهزة الرسمية الدولية، فإن هذا الجهاز يظل في حاجة من أجل القيام بهذا الدور إلى دعم شعبي وتحرك مدني يتسم بالزخم والمبادرة لمساعدته على خلق أجواء دولية إيجابية تسمح للجهاز الرسمي القيام بخطوات لفائدة قضيتنا الوطنية. كل ذلك يجعل من خلق هذه الجبهة مسألة ذات إلحاحية و أولوية قصوى وذلك من منطلق أنه لا خلاف حول القضية وأن الجميع مستعد للقيام بدور فعال لفائدة نصرة هذه القضية المصيرية. إن استثمار الاجماع الوطني حول قضيتنا الوطنية سيجعل الحوار في القضايا الاخرى ممكنا بشكل سلس ومثمر بين جميع الاطراف حول قضايا أخرى، ذلك أن الإجماع الوطني حول وحدتنا الترابية يشكل منبعا فكريا وسياسيا لتكريس ثوابتنا الدستورية وتوجهاتنا الديمقراطية. الجبهة الثانية: التعدد والتنوع داخل الوحدة تهم قضية أخرى وهي قضية الاختلاف والتنوع والتعدد الذي يتسم به المغرب على عدة مستويات، فالمغرب مجال تلاقح الحضارات بل ظل عبر التاريخ يشكل مجال حواراتها، فكل حضارة عرفها تاريخ الإنسانية إلا وتركت بصماتها في بلدنا لأنه بلد مفتوح وشعب يتسم بالتعايش .وهذه التراكمات كانت ولاتزال عاملا إيجابيا في خلق نوع من الانصهار والالتحام من أجل العيش المشترك وبناء الدولة الوطنية. ومن تم كان من الطبيعة الأصلية لمكونات الأمة جوهرها التعددي المتفاعل مع الالتحام والتضامن واحترام الحق في الاختلاف.وهو تكريس للثقافة القائمة على التعددية التي مكنت بلدنا من التعايش بين مكوناته المختلفة على مستوى الديانات اليهودية والمسيحية والإسلام وعلى مستوى اللغة العربية، الأمازيغية، الحسانية وغيرها أو على مستويات أخرى تظهر بعض إشارتها كالرومانية والفينيقية والإغريقية أو على مستوى آخر كالشيعة. والسنة وغيرهم وكلها ساهمت في بناء الذات الوطنية الثقافية والسياسية والحضارية. إن هذا الاختلاف في الوحدة هو مصدر الغنى الفكري والاجتماعي في بلدنا بل مصدر وحدة الوطن وتلاحمه وأن الحفاظ على هذا التنوع هو الضمانة الأساسية لتكريس مجتمع متسامح تتسم العلاقة بين مكوناته بالحوار وقبول الرأي والرأي الآخر . ومن ثم يتعين تطوير هذا البعد التعددي والحفاظ عليه والمساهمة في إغنائه، مع تجديد حضوره كلما كان الوطن في حاجة إلى مساهمة كل مكوناته في الممارسة السياسية. والخلاصة أن القبول بالاختلاف على المستوى الوطني لا يشكل فقط قرارا سياسيا أو مبدأ دستوريا بل سلوكا مغربيا وثقافة وطنية تتناقلها الأجيال وتنصهر من خلالها إرادتنا الوطنية لتقوي وحدة المغرب. الجبهة الثالثة: المناصفة إن موضوع المناصفة لا ينفصل مطلقا عن موضوع الجبهة الثانية، فالتعددية والاختلاف باعتبارهما أساس بناء الوطن يعدان ركيزتين تمنحان الشرعية للاختلاف في النوع. هذا الاختلاف الذي لا ينقص من أي طرف في طبيعته الإنسانية وكرامته ووجوده البشري. غير أن التاريخ والطبيعة البشرية ألغت في كثير من الأحيان الطبيعة الإنسانية للمرأة وفي أحسن الأحوال قزمت قيمتها البشرية والإنسانية. إلا أن التطورات الأخيرة التي عرفتها الإنسانية أعادت للمرأة قيمتها الإنسانية بل ورفعتها إلى الموقع المستحق لها إن لم تكن قد جعلتها في وضعها الأصلي، الذي يتسم بالمساواة مع الرجل في الواجبات والحقوق والمسؤوليات. لذلك فإن مطالب الحركات النساىية في المغرب تظل مشروعة طبيعيا وقانونيا ودستوريا والعمل من أجل ذلك هو فقط إرجاع الأمور إلى سكتها الصحيحة وتشكيل جبهة لفائدة هذا المشروع من شأنه أن يساير في جوهره الوضع الطبيعي للإنسان بنسائه ورجاله. إن تحقيق المناصفة التزاما أخلاقيا وسياسيا بل وحتى إنسانيا لا يجوز أن نختلف حوله، لأنه موضوع يهم كائنا بشريا يساهم بشكل طبيعي وبنفس القوة والقدرة التي يساهم بها الجنس الآخر لاستكمال بناء أمتنا ووطننا. والحقيقة أن المناصفة بقدر ما تعتبر مطلبا للشعب المغربي فهي تشكل توجها نبيلا لإرجاع الحق وإنصاف المرأة إنسانيا، بل وإنصاف الرجل كذلك من الأخطاء التي ارتكبت في مراحل تاريخية ّأساءت الى المرأة باسم قوامة الرجل، وتصحيح الخطأ فضيلة، كما أن إقرار المناصفة هو اعتراف بديهي بدور المرأة في ترسيخ حرية المغرب واستقلاله وبناء صرحه الديمقراطي و التنموي. الجبهة الرابعة: العملية الانتخابية إن الانتخابات هي تدبير سياسي يتحدد في كونه وسيلة مثلى لمشاركة الناخبات و الناخبين في عملية انتداب ديمقراطي لنخبة من المنتخبات والمنتخبين يتولون لتكليف إدارة الشأن العام. ورغم أن هذه العملية هي وسيلة فإنها كثيرا ما تتحول إلى هدف في مرحلة الانتقال الديمقراطي لكونها تعبير على نوايا الأطراف السياسية حول مدى استعدادهم ورغبتهم في احترام الإرادة الشعبية. ولأن الديمقراطية هي أفضل أنواع إدارة الحكم فإن الانتخابات هي روح وجودها وأسلم طريق للوصول إليها، وأن أي إخلال بالعملية الانتخابية هو خرق سافر للديمقراطية كهدف وكسلوك وكمنهج. والعملية الانتخابية ليست شأنا يهم القرار الرسمي فقط بل إنها تعني جميع المكونات السياسية لكونها عملية تضم عددا كبيرا من المتدخلين: الدولة، الأحزاب، المواطن، المجتمع المدني، المترشح، المراقب، الإعلام، الصحافة... ولكل دوره ولكل تأثيره ولكل قدرته على تغيير مسارها. إنها عملية جماعية تقوم على حسن النوايا والاعتراف بالآخر. لذلك فالانتخابات لها قيمتها حتى على مستوى مكانة الوطن بين الأمم الأخرى، فالانتخابات الحرة والديمقراطية النزيهة هي تعبير عن تطور ونضج الشعب والدولة أمام الرأي العام الدولي ومصدر السلم والأمن ومنبع ثقة المكونات الاقتصادية والدولية. إن الانتخابات الناجحة هي مؤشر وازن يلتقطه العالم كله بأن هناك دولة متطورة وشعب متحضر يمكن التعاون معه والاعتماد عليه لإشاعة الأمن والسلم الدولي بل هو فتح لباب التعاون الدولي ولتمكين بلدنا من القيام بدور في المنظومة الدولية. واذا كانت العملية الانتخابية في الماضي قد عرفت بعض الانزلاقات والتعثرات لأسباب مختلفة وبغض النظر عن مصدرها واهدافها فإن النضج السياسي وبناء ممارسة انتخابية متميزة وسليمة يتطلب تراكمات تتسم بالمد والجزر إلى حين بلوغ الأفضل بتجاوز أخطاء الماضي ونبد الأحكام الأبدية والاتهامات بين الأطراف لكون تكرار العملية الانتخابية في توارخها الدستورية هي فرصة تصحيح الاخطاء وتلافي منزلقات الماضي لبناء علاقة جيدة وجديدة في خدمة الديمقراطية والتنمية. الجبهة الخامسة : المدرسة إن الإشارة إلى المدرسة لا تعني إلا بناء المستقبل بشكل أحسن وأفضل لكون الاهتمام بأجيال المستقبل هو ضمان ديمومة الدولة والوطن بل وضمانة أيضا لتطورها واستقرارها ومواجهة تحدياته. فالمدرسة ليست فقط مجالا للتربية و التكوين وللانخراط الفاعل في مجتمع المعرفة بل هي فاعل أساسي لبناء المستقبل فالمدرسة بقدر ما هي مصدر للتعليم والتعلم هي كذلك وسيلة مثلى لخلق جيل يقبل بالتعددية والاختلاف والتنوع فبالإضافة الى كونها وسيلة لإنتاج المعلومات ونشر الإدراكات فهي أيضا الآلية الناجعة لبناء الوطن ونشر الوعي السياسي لبلورة تصور مشترك للوطن وضمان المستقبل بالرفع من المستوى الفكري حتى يتمكن الجيل الحالي من القيام بمسؤوليته تجاه جيل المستقبل لنقل المسؤولية الوطنية إلى أيادي أمينة تحافظ على الوطن وكرامة المواطنين وعلى أمنه وسلامته فالمدرسة إطار نبيل الأهداف قد نختلف على بعض التفاصيل حولها ولكنها مسؤوليتنا المشتركة و التزام متقاسم بل هو نوع من رد الدين إلى الوطن فتكوين جبهة حولها ليست في آخر المطاف سوى القيام بمهمة من صميم مسؤوليتنا الوطنية. الجبهة السادسة: تطوير التشريع الدستوري يعتبر دستور 2011 إحدى الخطوات الجبارة في بناء المجتمع الحداثي والديمقراطي وساهم في تأصيل كثير من الحقوق السياسية والاجتماعية والمدنية التي كانت موضوع مطالب شرائح مختلفة من مكونات الشعب المغربي وكيف ما كانت مساهمة الذكاء الجماعي في بناء الوثيقة الدستورية فإن الواقع السياسي يتطور وإعمال الفصول الدستورية على مستوى الواقع يجعل المراجعة الدستورية ضرورة طبيعية ليست فقط لتطوير الفصل الدستوري بل ولتصحيحه كذلك ليكون الفصل الدستوري معبرا أمينا عن إرادة المشرع ومسايرا لمطالب المواطنين فالدستور ليس وثيقة قانونية أو سياسية تتسم بالجمود والتكلس فهي قبل كل شيء تعبير عن إرادة الأمة وثم كذلك في الأصل مجموعة من التوافقات السياسية. القابلة للنقاش وللتغيير والتحويل دون المساس بالثوابت وإذا تعودنا في تاريخنا السياسي أن نقوم بالفعل الدستوري لتلبية مطالب الحركات السياسية أو القطاعية وفي جل الأحيان استجابة لأحداث سياسية ضاغطة يتحكم فيها ميزان القوى ويكون لعنصر الزمن الدور الضاغط فإنه حان الوقت للقيام بهذا الفعل الدستوري بشكل ممنهج وعملي يسمح بخلق نوع من التفاعل بين النص الدستوري وتطوير مؤسساتنا ونهجنا الديمقراطي مما يسمح بتطوير جهازنا السياسي ومكونات الدولة بشكل متوازن مع تطورنا السياسي واستباق المطالب الدستورية واستشراف متطلبات كل مرحلة فمسايرة النص الدستوري لتطور العمل السياسي ضمانة أساسية لنجاح تطوير الدولة ككل وستكون للوثيقة الدستورية قيمتها الفكرية والسياسية عندما يشارك فيها الجميع لتطويرها وتصحيحها وتعديلها لما فيه مصلحة الديمقراطية والتعددية السياسية وحقوق المواطن وهو مجال قد نختلف فيه غير أنه من المستحيل أن نختلف حول تطوير جهاز الدولة لكونه مسؤوليتنا جميعا. إن هذه الجبهات مجرد موضوعات تجمعنا أكثر مما تفرقنا فقط تحتاج إلى حوار وتبادل الآراء والاستماع إلى الآخر بل هي مجالات يمكن أن تلتقي فيها جميع الأطياف من أجل بناء الوطن والدولة من أجل المستقبل فليس هناك أنضج من أن يختلف الناس حول الوطن بل ويتنافسون من أجل الإبداع فيما هو الأفضل له، وهذه الجبهات هي دعوة لترميم خلافنا السياسي وتطويره، بل دعوة إلى تنقية الأجواء السياسية وخلق علاقات تنافسية تعتمد على خطاب متطور ونظيف يكرس الخلاف بالحوار وينتهي بقبول الآخر. إن الديمقراطية لن تتطور في بلادنا إلا إدا تطور خطابنا السياسي وترفعنا عن الخطاب الأهوج الذي يفقد للعملية السياسية قيمتها الأخلاقية فالديمقراطية إذا كانت مسؤولية الجميع فهي مسؤولية قصوى على عاتق القيادات السياسية لكون الخطاب الرديء الذي يسعى إلى مكاسب ظرفية قد يغتال العملية الديمقراطية في مجملها وهي مسؤولية سياسية وأخلاقية وتاريخية لذلك فالمذكرة تدعوا الجميع إلى تجاوز بعض المعيقات التي تعرقل بناء الثقة بين الأطراف وفي المؤسسات وفي النهج الديمقراطي المتفق عليه كتابت دستوري يجب تتمينه عمليا وتجاوز ترديد خطاب ذو مضمون اتهامي حول بعض التصرفات التي راكمتها ممارسات انتخابية سابقة وذلك من أجل خلق جو صاف ونزيه يسمح ببناء للديمقراطية وتقوية المستقبل دون جعله رهينة لأخطاء الماضي. إن هذه المحاولة في تفكيك الدلالة الفكرية لمذكرة حزب الصالة والمعاصرة تجعلنا امام تحدي إعطاء البعد العملي لها حتى تساهم في تأطير عملنا السياسي وممارستنا الحزبية أثناء الاستحقاقات المقبلة. وهو ما يتطلب قدرة نوعية على تعميق الوعي السياسي بها ووضع قواسم عملية تسمح بمساهمة الجميع في ترسيخ قواسم مشتركة حول قضايا المصير المشترك للوطن. *قيادي في الأصالة والمعاصرة