تعهد رؤساء أجهزة استخبارات الجزائر وموريتانيا والنيجر ومالي عقب الاجتماع الذي عقدوه أوّل أمس الأربعاء في العاصمة الجزائرية إنشاء مركز مشترك لتبادل المعلومات بهدف التصدي للأنشطة الإرهابية التي يقوم بها تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في منطقة الساحل والصحراء الكبرى وتنسيق الجهود في كل ما يخص تبادل وتقاسم المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالهجرة غير الشرعية و الجريمة المنظمة. كما اتفق المجتمعون على اختيار الجزائر العاصمة مقرا للمركز المشترك للمعلومات. وخلال هذا اللقاء، وهو الأول من نوعه لرؤساء استخبارات الدول الأربعة المجاورة، أعلنت الجزائر عن تحفظها إزاء مطلب انضمام دول أخرى مثل المغرب وليبيا وتشاد إلي ما يسمى اليوم "بكتلة الساحل" بحجة أن مشاكل المنطقة تهم قبل كل شيء بلدان المنطقة وأن المسائل الأمنية المشتركة بين الجزائر والرباط تعالج دائما في إطار قمم بلدان المغرب. واكتسى لقاء الجزائر أهمية بالغة حسب فيصل مطاوي الصحفي في جريدة "الوطن" الجزائرية المتخصص في الشؤون الأمنية والسياسية حيث قال: "لقاء الجزائر يعتبر مهما للغاية لأنه وضع الحجر الأساس لإستراتيجية أمنية حقيقية بين البلدان الأربعة، ولا شك أنها ستعود بالإيجاب في الشهور القليلة المقبلة". وأضاف: "هذا اللقاء يأتي بعد ذلك الذي جمع وزراء خارجية البلدان الأربعة في مارس/آذار الماضي في الجزائر ولقاء رؤساء أركان الجيش الذي نظم في مدينة تمنراست الجزائرية بأقصى الجنوب الأسبوع الماضي، وهو يدل على أن الجزائر عازمة على توفير كل الإمكانيات المادية واللوجستية والعسكرية للتوصل إلى نتائج ملموسة في ما يخص مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود". وفي ما يتعلق بموقف الدول الغربية، أشار مطاوي إلى أن المواقف متباينة بين فرنسا والولايات المتحدة. فبالرغم من أن باريس تنظر بنوع من التفاؤل إلى هذا المشروع، إلا أنها تخشى أن تفقد السيطرة التي كانت تمارسها على بعض الدول مثل مالي و النيجر وأن تفسح المجال أمام الجزائر لكي تصبح لاعبا أساسيا وقويا في المنطقة وهو الشيء الذي يخشاه الفرنسيون، خاصة وأن العلاقات بين البلدين متذبذبة وتشهد أزمات متكررة. أما بالنسبة للولايات المتحدة، فالأمر مختلف تماما في نظر مطاوي، فواشنطن مستعدة لدعم كل المبادرات التي تصب في هدف واحد وهي مكافحة الإرهاب، جزائرية كانت أم غيرها، مشيرا إلى أن واشنطن سبق لها وأن اقترحت على الجزائر المساعدة اللوجستية الضرورية، خاصة في ميدان الاتصالات ورصد المعلومات. في نفس السياق، كتبت صحيفة "الوطن" نقلا عن موقع مالي للأخبار لم تكشف عنه أن الرئيس أمامدو توماني توري لا يريد أن تتحول المنطقة الشمالية من مالي إلى ميدان للمعارك باسم مكافحة "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، مبديا خشيته أن تتحول المنطقة إلى أفغانستان جديدة وأن تصبح نقطة تجمع جميع الإرهابيين المتواجدين حاليا في اليمن وباكستان وأفغانستان وفي بلدان أخرى.