أكوامٌ مسجاةٌ من الأطفال تزبدُ أفواههم، وقدْ اختنقُوا بغاز السارِين، وشهُود عيان يحكُون في حالةٍ من الذهُول عن حالة الغثيان والصداع، لدى الناجِين، وخراطيم مياه وأدوات بدائيَّة لإنقاذ المصابين، كانت تلك الصورة، قبل عامٍ بالضبط، وافي الحادي والعشرين من غشت تحديدًا، الذِي شهدت فيه منطقة منطقة الغوطة الشرقيَّة لدمشق، هجومًا بالكيماوِي أسفرَ عن مقتل المئات. الهجُوم الذِي أودَى بحياةِ 1429 شخصًا، 426 منهم أطفال، ظلَّ دونَ عقابٍ، حسب منظمة "هيومان رايتس ووتش الحقوقيَّة"، بعدمَا استطاعَ النظامُ السورِي أنْ يتلافى ضربةً أمريكيَّة، على إثر تفاهم أمريكي روسي، يقضِي بتدمير كامل المخزُون السورِي من الأسلحَة الكيماويَّة. مشاهدُ أطفالٍ رصتْ جثامينُهم على الأرض، فيما يصيحُ أبٌ بابنهِ أنْ يستيقظ، وقدْ خالهُ نائمًا، غير صريعٍ، أذكتْ غضبًا عالميًّا، في غشت 2013، وجعلتْ آمال كثيرة تعقد على تدخلٍ من المجتمع الدولِي، بيدَ أنَّ الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، امتصَّ الغضبة الدوليَّة بتهديد فارغ بالضربَة العسكريَّة ضد نظام الأسد، كما يقُول المعارض السوري، محي الدين اللاذقاني. ويشددُ اللاذقانِي على أنَّ خذلان المجتمع الدولي الذي يصفهُ ب"المافيا السياسيَة الدوليَّة"، للسورِّيين، على إثر مجزرة الغوطة، لن يثنيهم عن ملاحقَة "الرئيس" السورِي، بشَّار الأسد، وإيصال جرائمه إلى محكمَة الجنايات الدوليَّة، بعدمَا ظلتْ ردُود الفعل الصادرة عقب الهجوم "لعب ألفاظ" لا أكثر، حسب المتحدث. نظامُ الأسد، نفى من جانبه، أنْ يكُون قدْ قصفَ معقلي المعارضة في الغوطة الشرقيَّة بالكيماويِّ، وقدمتْ مستشارته، بثينة شعبان، روايةً تتهمُ المعارضة بخطف الأطفال من مدينة اللاذقيَّة في الساحل السورِي، وقتلهم في الغوطة، قائلة إنَّ الولاياتالمتحدة الأمريكيَّة اختلقتْ الأكاذيب كيْ تجدَ مسوغًا لتنفيذٍ هجوم ضدَّ سوريَا. تنفيذًا لقرار مجلس الأمن الصادر في ال27 من شتنبر 2013، أفاد البنتاغُون، قبل أيَّام، أنَّ المخزُون السوري من الأسلحة الكيماويَّة دمرَ بالكامل على متن سفينةٍ أمريكيَّة في المتوسط، وهي خطوةٌ تقُول هيومان رايتس ووتش إنهَا لا تنصفَ مئات الضحايا ولا أهاليهم الذِين ظلُّوا أحياء بعد الهجُوم. وتشددُ المنظمة الحقوقيَّة على أنَّ ملفَّ الكيماوي في سوريَا لنْ يغلق بمجرد تدمير الأسلح الكيماويَّة للنظام السوري الذِي سلمهَا، وإنمَا يطوَى يومَ تجرِي محاكمة من أعطَوْا الأوامر بالقصف ووضعهم خلفَ القضبان، كيْ ينالُوا جزاءَهُمْ. وتوردُ "هيومان رايتس ووتش" أنَّ الدلائل المتوفرة تدينُ النظام السوري، وترجحُ بقوَّة ضلوعه في القصف، بالرغم من تكذيبه الوقوف خلف الجرائم، منتقدةً عجز المجتمع الدولي على التدخل لإنصاف الضحايا. من جانبه، شككَ الائتلاف الوطنِي السوري المعارض، في أنْ يكون بشار الأسد قدْ سلمَ حقًّا كلَّ مخزونه من الكيماوِي، بعد عامٍ من هجوم الغوطة، قائلًا إنَّ معاودة النظام استخدام الأسلحة لا يزالُ أمرًا محتملًا، بالرغم من طمأنته المجتمع الدولي. عضو اللجنة القانونيَّة في الائتلاف، هشام مروة، قالَ إنَّ ملفًّا كاملًا عن الجرائم تمَّ تقديمه إلى ديوان محكمة الجنايات الدوليَّة، بشأن مجزرة الغوطة.