ان كل قوانين العالم المتقدمة منها و المتخلفة تجمع على تجريم العنف الجنسي كشكل من اشكال امتهان كرامة الانسان و الاعتداء على حرمة جسده , ولعل من ابشع صور هذا العنف الجنسي بلا منازع الاغتصاب التي تخلف اضرار جسيمة على المستوى الجسمي و النفسي و الاقتصادي, فآراء كل القوانين لا تختلف في تجريم هذه الجريمة ولكن تتباين فيما يخص العقوبة, وكما نعلم ان من وظائف العقوبة تحقيق الردع العام و الخاص. فالعقوبة تختلف من بلد إلى آخر, فتتراوح العقوبات الناتجة عن جريمة الاغتصاب مابين السجن لمدد تصل للمؤبد كما هو معمول به في بعض الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعض دول أوروبا ,ومدد تتراوح مابين الخمس سنوات إلى خمسة عشر أو عشرون عاما كما هو معروف في معظم دول العالم. إلا أن هناك دول تعاقب مرتكبي جريمة الاغتصاب بكافة أنواعها بعقوبة الإعدام كما هو الحال في في المملكة العربية السعودية و بعض الدول الإسلامية. و في المغرب فأن القانون الجنائي يعاقب طبقا للفصل 486 بعقوبة تتراوح مابين خمس و عشر سنوات, أي بعقوبة حدها الأدنى خمس سنوات و الأقصى عشر سنوات. و في الواقع لم يقض حتى بالحد الأدنى للعقوبة بل نزل عن ذلك بحكم ظروف التخفيف. فإذا كان سن المجنى عليها يقل عن 15 سنة فإن العقوبة هي السجن من 10 إلى 20 سنة ; لكن القضاء المغربي لم يتعامل مع هذه النصوص بطريقة صارمة;في هذا الصدد نسوق مثال لقرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط ورد فيه أن الضحية تقدمت بشكايتها في شأن اغتصابها من طرف المتهم و هو أخ لزوجها الذي هاجمها في فراشها و قام بخنقها بيده و حقق رغبته الجنسية .فقضت المحكمة بمؤاخذة المتهم من أجل ما هو منسوب إليه و حكمت عليه بسنتين سجنا نافذا. فالملاحظ هو أن القاضي في هذه القضية كما في العديد من القضايا لم يحكم بالحد الأدنى للعقوبة المقررة قانونا فقط بل نزل عن ذلك بموجب سلطته التقديرية المخولة له. و في نازلة أخرى للاغتصاب المقرونة بالضرب و الجرح حكمت نفس المحكمة على المتهم بسنة واحدة. و في قضية أخرى ناتجة عن افتضاض بكارة قاصر حكمت المحكمة على المتهم بثلاث سنوات. فالمتتبع للعمل القضائي المغربي في هذا الاطار سيلمس التعامل الغير المتشدد في ايقاع العقوبة لهذه الجريمة البشعة. فالمطالبة الان يجب ان تنصب حول دعوة القضاة على الاقل الى عدم اللين في تطبيق المادة 486 ,او الميل إلى الرأفة بمرتكبي هذا النوع من الجرائم و خصوصا في حالة اقتران الاغتصاب بعدة جرائم اخرى ان لم نقل ان الوقت قد حان لإخراج قانون جنائي للمرأة في محاولة لتوفير حماية أكبر للمرأة ,فنحن نحتاج لعقوبة قادرة ان تجبر ضرر الضحية و تردع الجاني ردعا كافيا . - طالبة باحثة بسلك الماستر العلوم القانونية-أكدال-الرباط