يتصل حسن، في منتصف عقده الرابع، بعدد من فنادق مدينة أكادير لحجز غرفة بمعية أفراد أسرته الخمسة، قصد قضاء بضعة أيام من عطلته الصيفية بعد عام طويل من الكد والجهد، فيفاجئه نفس الجواب "جميع الغرف ممتلئة"، فلم يجد بدا من تحويل وجهته سريعا إلى البحث عن شقة مفروشة للكراء عله يجد ضالته، غير أنه صدم ثانية بأسعار "ناريّة" ترفع من لهيب الصيف. ولا يخفي حسن خشيته من أن تتكرر تجربته "المريرة" في الصيف الماضي عندما وقع اختياره لقضاء عطلته في مدينة الجديدة، حيث تفاجأ أولا لغلاء أسعار إيواء السياح المغاربة الوافدين على عاصمة دكالة، لكن صدمته الأكبر كانت في تدني جودة العروض السياحية المقدمة، وتجاوزها للقدرة الشرائية لفئة عريضة من السياح من ذوي الدخل المحدود أو المتوسط. وليس "حسن" هذا سوى واحدا من آلاف المغاربة الذي عبروا عن سخطهم من الخدمات التي تُقدم للمغاربة تشجيعا للسياحة الداخلية بالبلاد، وهو الموضوع الذي كان محور استطلاع موقع هسبريس، حيث أبدى قرابة 91% من مجموع 12642 مصوتا، عدم رضاهم من تلك الخدمات السياحية، بينما ما يعادل 9% فقط من المصوتين أعجبتهم عروض السياحة الداخلية. "السياحة الداخلية بالمغرب ليست بخير على كافة المستويات، رغم مجهودات الوزارة الوصية والمشاريع المزمع إقامتها، فالواقع على الأرض شيء والتصريحات المخصصة للترويج لرؤية المغرب في القطاع السياحي شيء آخر تماما"، يؤكد لهسبريس الباحث المتخصص في الوجهات السياحية، سعيد الرايس. وذهب الرايس إلى أن "مخطط بلادي" الذي روج له المغرب منذ سنوات لم تنفذ منه سوى محطتين ضمن 8 محطات سياحية، واحدة منهما بإفران، من المفترض أن تقدم منتجات وعروضا مناسبة للسائح المغربي، غير أن ذلك لم يتحقق في ظل امتلاء الفنادق وارتفاع أسعار الشقق المعدة للكراء، في خضم قطاع غير مهيكل لا ينظر لمصلحة السائح بقدر ما ينظر إلى جيبه". وتابع الباحث ذاته أنه رغم وجود دراسة سابقة تحدد الوجهات السياحية التي يفضلها المغاربة في أسفارهم السياحية، متمثلة في السياحة الثقافية، وبعدها السياحة الشاطئية، ثم السياحة الجبلية، غير أن الحكومة لم تنزل برامج ومخططات ناجعة لمواكبة هذه الاختيارات، فالسياحة الجبلية والطبية والتاريخية هي آخر ما يُفكر فيه وسط غلبة الانجذاب نحو الشاطئ". وبالمقابل لا ترى وزارة السياحة أن هناك مشاكل تعتري الخدمات المقدمة للمغاربة لتشجيع السياحة الداخلية، فهي تقيس السوق السياحية الداخلية بالأرقام، وتؤكد بذلك على أن هناك نموا مضطردا من حيث عدد السياح المغاربة، من خلال مناطق سياحية جديدة تقدم منتجات وأثمانا تستجيب لتطلعات السياح الداخليين. ويقوم "مخطط بلادي"، الذي جاء ليعوض برنامج "كنوز بلدي"، على إقامة ثلاثة نماذج أساسية للإيواء، هي الإقامات الفندقية على شكل شقق، والمخيمات، ثم إقامات الترويج السياحي، وذلك في 8 مناطق للتهيئة السياحية، مع الاعتماد على خفض أسعار المبيت في الفنادق بنسبة تناهز النصف، وتوفير امتيازات للأطفال، وتقديم وجبات الفطور مجانا، إضافة إلى خفض أثمان النقل".