أعاد السجال حول جلابة زوجة رئيس الحكومة، نبيلة بنكيران، والدفاع المستميت لناشطين إسلاميين عن الحجاب، أو غطاء الرأس "الفولار"، الذي ظهرت به في البيت الأبيض الأمريكي، إلى الأذهان جدلا سابقا حول هجومات نفس النشطاء وغيرهم على اللباس الذي ارتدته الصحفية، خديجة الرحالي، وأثار حفيظة الوزير الحبيب الشوباني، بسبب ما رأوه لباسا "غير محتشم" للصحفية. ويرى البعض أن هذا السجال انطلق خاطئا منذ البدء، فالذي تهجم على الصحفية فقط لأنها لم تكن تضع "الفولار" على رأسها، وهي تغطي عملية انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب في أبريل المنصرم، هو مخطئ تماما، كما هو مجانب للصواب من انتقد طريقة لباس زوجة رئيس الحكومة، وجلبابها وحجابها الذي ارتضته لنفسها. الحشمة واللباس نقاش "الفولار" واللباس المحتشم جعل عددا من الناشطين، خاصة من ذوي المرجعية الإسلامية، يتيهون في واد سحيق من الجدل الإيديولوجي العقيم الذي لا ساحل ولا قرار له، حيث صار هذا الزي معيارا لتوزيع صكوك الغفران هنا وهناك، فمرتدية الحجاب طاهرة ومحتشمة، بينما الذي لا تغطي رأسها سافرة تستحق اللعن والإقصاء. "العبرة ليست في "الفولار" في حد ذاته، بل في المرأة التي تضع هذا الفولار، فكم من سيدة تغطي شعر رأسها قد تقترف من الموبقات ما لا يخطر على بال أحد، وكم من متبرجة تكون أتقى وأورع وأحسن أخلاقا من تلك المتغطية"، تؤكد الباحثة في علم الاجتماع ابتسام العوفير. وأفادت الباحثة، في تصريحات لهسبريس، أن الوقار والحشمة في نهاية المطاف لا تقاس باللباس، ولا بغطاء الرأس أو الحجاب، ولا بالجلابة المنسدلة، كما لا تكون بأي لباس آخر كيفما كان، فهي سلوك وخصلة يتربى عليها الإنسان من خلال قيم أسرية ومجتمعية منذ الصغر". وبالنسبة للمنصفين من ذوي الرأي الحصيف فإن نبيلة بنكيران ومن على شاكلتها، هي مثل خديجة الرحالي وغيرها، فهما معا محتشمتان من حيث الزي الذي يلبسانه، فاللباس في نهاية الأمر يعبر عن شخصية مرتديه وطريقته في الحياة، كما قد لا يعبر حقيقة عن كنه تصرفاته وسلوكياته، وبالتالي لكل واحد طريقته لستر جسده وروحه. عقلية إطلاقية القيادي اليساري، فؤاد عبد المومني، لديه رأي أيضا في السجال الدائر، فهو يرى أن هذا النوع من النقاش يؤشر على ما سماه "العقلية الإقصائية والإطلاقية عند قطاع عريض من المغاربة الذين لم يتربوا بعد على احترام الآخر والقبول به، كما هو في فكره وطريقة تعبيره وهويته وشكل لباسه. وقال عبد المومني، في تصريحات لهسبريس، إنه تابع عن كثب هجومات مناصري حزب العدالة والتنمية خصوصا على من يخالفهم الرأي في مسألة اللباس الخاص بالمرأة، ويتهمون من لا ترتدي اللباس بنكهته الإسلامية بشتى النعوت، كما تابع هجومات الطرف الآخر الذين يسرفون في انتقاد الإسلاميين بدون مسوغات منطقية. وأبرز الناشط السياسي بأن المشكلة التي أدت إلى هذا النوع من اسلجال تعتبر ثقافية بامتياز، ميؤكدا أن هؤلاء وأولئك كلهم لم يتعلموا عبد طريقة قبول الغير، فالمرأة التي اختارت لباسا تقليديا بصبغة إسلامية لها الحق في ذلك، كما للمرأة التي اختارت زيا غيره الحق في ذلك أيضا، ولا يمكن حينها نعتها بأنها تخالف الحشمة". وحري بالذكر أن جدلا واسعا اندلع قبل أشهر قليلة عندما انبرى الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، لنهر الصحفية خديجة الرحالي، ووجهها إلى مغادرة مقر البرلمان بدعوى لباسها "غير المحتشم"، وفق ما صرحت به حينها الصحفية المذكورة، والتي اتهمت الوزير بدورها بأنه "كان يسترق النظر إلى جسدها ولباسها رغم أنها كانت بعيدة عنه".