تعقد حركة التوحيد والإصلاح، نهاية الأسبوع الجاري، مؤتمرها الوطني الخامس واضعة لهذه الغاية ورقة للتوجه الإستراتيجي للمرحلة المقبلة ضمنتها قراءتها للوضع الراهن ورصدت فيها أبرز التحولات الإستراتيجية التي سترسم معالم مستقبلها الدعوي. وقدمت الوثيقة، التي ستعرض على المؤتمرين للتصويت، عددا من الاقتراحات والتوصيات في مختلف مجالات عمل الحركة وخاصة في مجالات العمل التربوي والدعوي، وفي مجال العمل الشبابي والمدني، فضلا على العلاقة بالعمل السياسي وبالتجربة الحكومية التي يقودها حزب العدالة والتنمية. الحركة الإسلامية متضررة من التحكم والاستبداد ترى الوثيقة المرجعية لحركة التوحيد والإصلاح "أن الحركة الإسلامية أكبر المتضررين من مرحلة التحكم والاستبداد"، موضحة أن لها مسؤولية تاريخية في احتضان مشاريع الإصلاح وجهود إسقاط الانقلاب وقيادة مساعي صياغة عقد وطني جامع ومشترك بين كل أطياف الأمة. وعزت الوثيقة التي توصلت هسبريس بخلاصاتها هذا الدور إلى "ما راكمته الحركات الإسلامية من خبرة تاريخية وتنظيمية في الصمود في وجه مخططات الاستئصال ومقاومة انتهاكات حقوق الإنسان"، معتبرة ذلك "يطرح سؤال الاجتهاد الشرعي والتجديد الفكري والتصويب المنهجي والمرونة السياسية لاستعادة قوى الإصلاح لدائرة الفعل الوطني الجامع والموحد". وأوضحت الحركة الدعوية في هذا السياق أنه "إذا كان القرن 20 قرنا لتهميش الدين في الحياة العامة فإن المؤشرات اليوم تؤول في اتجاه تكريس القرن الحالي بوصفه قرنا لعودة الدين"، مشيرة أنه "بعد مرحلة انتقالية قد ستتطلب جهدا لتقليص الفجوة بين الجوانب الكمية والجوانب الكيفية للتدين وبين الدين وبين التدين وبين المظهر والسلوك". تنامي التدين في المجتمع سجلت وثيقة التوحيد والإصلاح استمرار تنامي التدين وتزايد حضور الدين في الوعي الجماعي وفي الحياة العامة، مؤكدة "فشل المحاولات المتكررة لتحويل الثوابت الدينية والقيمية إلى مادة للتقاطب المجتمعي أو الصراع بين الفاعلين". وقالت الحركة في هذا الاتجاه إن النموذج المغربي في الإصلاح وتجربته في التدافع أثبتت رغم التحديات فاعلية الحل الثالث ومنهج التعامل الاستباقي المتوازن مع التطورات والأحداث، مشيدة برفض هذا النموذج " للاستدراج والاستفزاز من محاولات العزل والتهميش"، داعية إلى ضرورة "البحث عن المشترك في القضايا الكبرى وترجيح العمل بالمنطق البنائي والإيجابي على العمل التدافعي والصدامي في القضايا المثيرة خاصة في مراحل الانتقال والتحول". المشاركة لا الصدام "أثبت المنهج القائم على المشاركة والتوافق لا المغالبة والتصادم" حسب التوحيد والإصلاح، نجاعته وصموده في وجه جميع التحديات، مشيرة أنه "قدم إمكانية مغايرة لمآلات الربيع العربي وأبان عن الدور المميز الذي يمكن أن تقوم به الحركة الإسلامية". وأشارت الوثيقة في هذا السياق إلى "قيادة شراكة وطنية تنقل مشروع الإصلاح من قضية جماعة أو حزب أو طرف إلى قضية كل الغيورين وكل الفرقاء الجادين مهما تباينت مشاربهم وأطروحاتهم"، موضحة أن "التعامل مع الإصلاح وقيمه وثقافته كقضية وطن ومشروع أمة وليس مادة للتنافس السياسي أو الحزبي أو التباين الإديلوجي أو الصراع الفكر". تعامل مع تهديدات نوهت وثيقة المؤتمر بتعامل التوحيد والإصلاح مما اعتبرته "تهديدات المحيط"، مشيرة إلى "منهجها الوسطي ومقاربتها الاستباقية في طرح مبادرات مبدعة تحظى بمصداقية". وأشارت في هذا السياق إلى "تعاملها مع الحراك الشعبي بطرح مبادرة الحل الثالث وكذا من خلال أطروحة التمايز بين الدعوي والسياسي ورؤيتها في دعم تجربة الإصلاح التي تشهدها بلادنا بلا تماه والتمايز عن مؤسساتها بلا انسحاب". وأضافت الورقة أن الحركة رفضت الانجرار إلى فخاخ المعارك الإديلوجية والهامشية دون التخلي عن دورها في تدافع الهوية والقيم، مؤكدة أن ذلك عرضها لحملات استهداف ممنهجة اعتبرتها ضريبة مقبولة للنجاح والتميز واستطاعت إبطال مفعولها بعدم الانجرار معها أو مسايرتها ومواصلة عملها وتنفيذ برامجها. البحث عن المشترك مع المخالفين ترى حركة التوحيد والإصلاح أن طبيعة المرحلة الموسومة بالإنتقالية تستدعي البحث عن المشترك فيما يخص تثمين مكتسبات الإصلاحات التي عرفتها بلادنا خاصة في الجانب المتعلق بالثوابت والقيم والسعي إلى جعل قضية قيم الإصلاح قضية جماعية متوافق بشأنها. وأكدت الوثيقة في هذا الاتجاه أن الإصلاح ليس قضية تنافس أو صراع حزبي أو إديلوجي وذلك تفاديا للتقاطب المجتمعي على أساس القيم أو القضايا الإديلوجية، مشددة على ضرورة البحث على استمرار الإجماع والتوافق على القيم والثوابت الدينية والوطنية والبحث عن شركاء ومشاركين في خدمة قيم الإصلاح طالما أن الدستور حسم في قيم المشروع المجتمعي التضامني الديمقراطي. ودعت الحركة إلى ضرورة فتح الحوار ومد الجسور مع المخالفين والبحث مع المشترك معهم، محذرة من الانجرار للمعارك الهامشية التي يكون الهدف منها الاستفزاز أو الاستدراج أو تبديد الجهود .