(3 أو 4 كيلومترات = 3 آلاف كيلومتر).. معادلة بالتأكيد تثير استهزاء البعض، لكنها تعكس مأساة آخرين، ممن حال إغلاق الحدود الجزائرية المغريبية منذ قرابة عقدين، دون لقائهم بأحبائهم، وأصبح لزاما عليهم قطع مسافة طويلة تبدأ بطائرة وتنتهي في حافلة، من أجل مشاركة أقاربهم مناسباتهم. المواطنة المغريبية، أمينة حركاس، المقيمة بمدينة فجيج، جنوب شرقي المغرب، لم تتمالك نفسها وهي تتحدث عن زيارتها لشقيقتها المقيمة بقرية بني ونيف، جنوب غربي الجزائر، إذ احتبست الكلمات في جوفها، وشرعت في البكاء وهي تقف على بعد عشرات الأمتار من الحدود. حركاس التي توجهت قبل مدة بصحبة ابنها إلى قرية بني ونيف المجاورة، لحضور حفل زواج ابنة شقيقتها بمواطن جزائري، قالت "عوض عن أن نقطع 3 أو 4 كيلومترات، سافرنا لمدة 3 أيام". "لم أستطع أن أترك أختي لوحدها في مناسبة كهذه.. فتوجهت أنا وابني، من فجيج إلى وجدة (شمالي شرق المغرب) عبر الحافلة لمسافة تفوق 400 كلم، ومن مطار وجدة استقللنا الطائرة إلى غاية مدينة الدارالبيضاء (شمالي غرب المغرب)، ومنها إلى مطار العاصمة الجزائر (شمال الجزائر)، لنواصل عبر الحافلة ليوم كامل إلى غاية بني ونيف ( 835 كلم جنوبالجزائر)" تحكي أمينة للأناضول، وهي تشير إلى القرية الواقعة خلف الحدود المغربية الجزائرية بيدها. ولفتت المواطنة الأربعينية، إلى أن نصف عدد الأسر المقيمة ببني ونيف الجزائرية، تنحدر من فجيج المغربية، وأن سكان المنطقتين يتحدثون نفس اللهجة الأمازيغية، مضيفة "لكن حين تحل الأفراح أو الأحزان بهذه العائلات، تصطدم بغلق الحدود ولا أحد يقدر مأساة التفريق بين أبناء الأسرة الواحدة". وأضافت "قبل سنوات، حين توفيت والدتي، حاولت شقيقتي عبور الحدود من بني ونيف باتجاه المغرب، لحضور جنازتها ومواساة إخوتها وأخواتها، لكن حرس الحدود منعوها، وبعد اعتصامها أمامهم لمدة، وهي لا تتوقف عن البكاء، قال لها أحدهم، يمكننا أن نسمح لك بالذهاب، لكن شريطة أن تعودي قبل مضي 24 ساعة، إلا أنها رفضت زيارتنا لمدة يوم واحد في ظرف مثل هذا، وعادت أدراجها إلى بني ونيف، وكلها حسرة..". وقال عدد من أهالي فجيج، تحدثوا للأناضول، "لا يستطيع أغلب الناس السفر إلى الجزائر عبر الطائرة، ثم ركوب الحافلة ليوم كامل، بسبب ارتفاع التكلفة، مما يجعل تبادل الزيارات بين فجيج وبني ونيف، يمر في الغالب عن طريق عبور الحدود بشكل غير قانوني. حركاس عادت وقالت "لقد زارتنا شقيقتي، في أكثر من مناسبة، عن طريق عبور الحدود بشكل غير رسمي، بمنطقة قريبة من وجدة"، قبل أن توضح قائلة "أختي، أو غيرها يغامرون بأنفسهم، ولا يهمهم إن تعرضوا للاعتقال والسجن، لأنهم لا يتوفرون على خيار آخر..". وفي العام 1994، أغلقت الجزائر حدودها البرية مع المغرب، التي تبلغ حوالي 1600 كلم، إثر اتهام المغرب للمخابرات الجزائرية بالوقوف وراء هجمات مسلحة استهدفت سياحًا أجانب فى مدينة مراكش المغربية (جنوب)، وفرض تأشيرة دخول مسبقة على المواطنين الجزائريين. وكان العاهل المغربي، محمد السادس، أبدى في خطاب متلفز يوم الأربعاء الماضي، "استغرابه" من "الرفض الممنهج" للجزائر، لكل المبادرات المغربية الرامية إلى إعادة فتح الحدود البرية المغلقة بين البلدين، معتبرا أن الرفض الجزائري "يتنافى وحق شعوب المنطقة في التواصل الإنساني والانفتاح الاقتصادي"، على حد تعبيره. ما رد عليه وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، بعدها بوقت قصير، قائلا إن بلاده حريصة على بناء "علاقات طبيعية" مع المملكة المغربية، لكن مع احترام حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وأضاف في تصريحات لقناة "النهار" التلفزيونية الخاصة أن "الجزائر تكرر اليوم أنها مع مبدأ بناء علاقات ثنائية طبيعية مع المملكة المغربية الشقيقة ومع بناء المغرب العربي الكبير خدمة لمصالح شعوب المنطقة، لكن مع احترم الشرعية الدولية واحترام حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره". *وكالة الأناضول