بعد مشاورات عسيرة بين أعمدة قطاعاتها الحكومية، أفرجت الحكومة أخيرا على مشروع قانون الخاص بالحق في الوصول للمعلومة والذي ينص الدستور على حق المواطنين في الحصول على المعلومات، الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام. المشروع الذي خضع لتعديلات كثيرة بعد رئاسة رئيس الحكومة للجنة مشتركة شكلت لهذه الغاية، وسع من الاستثناءات، والتي حصرها الدستور، في "كل ما يتعلق بالدفاع الوطني، وحماية أمن الدولة الداخلي والخارجي، والحياة الخاصة للأفراد، وكذا الوقاية من المس بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور، وحماية مصادر المعلومات والمجالات التي يحددها القانون بدقة"، لتضيف العديد من الاستثناءات في عملية يرى فيها العديد من المراقبين نوعا من تضييق واسع الدستور. وفي هذا الاتجاه منع المشروع المنقح الكشف عن جميع المعلومات التي تمس حقوق ومصالح الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين فيما يخص جرائم الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ، وكذا السياسة النقذية والاقتصادية والمالية للدولة، بالإضافة لحقوق الملكية الفكرية والصناعية. من جهة ثانية هدد المشروع كل من كشف عن المعلومات المستثناة في القانون، متوعدة إياه بتعرضه لعقوبة جريمة إفشاء السر المهني وذلك مالم يتم تكييف الفعل بعقوبة أشد، استنادا لما ينص عليه القانون الجنائي المغربي. ويدخل ضمن الاستثناءات التي فرض المشروع السرية التامة عنها أشغال المجلس الوزاري والمجلس الحكومي حيث لم تعد أشغالهما سرية فقط أثناء مناقشتهما للقضايا الأمنية والدفاعية والحريات والحقوق الأساسية، بل جميع أشغالها، وكذا سرية الأبحاث الإدارية، بالإضافة لمبادئ المنافسة الحرة وحماية مصادر المعلومات. إلى ذلك يضمن المشروع للمغاربة الحق في الاطلاع على منشورات الإدارات العمومية بشكل استباقي وفي مقدمتها المعلومات المتعلقة بالميزانيات الجماعات الترابية، وحسابات التسيير المتعلقة بها، وشروط منح التراخيص والمأذونيات ورخص الاستغلال المقالع والمناجم. ورغم عدم تنصيصه على عقوبات للرافضين الإدلاء بالمعلومات للمواطنين مثلما جاء في النسخة الأولى قبل التنقيح، فقد ترك مجال المتابعات التأديبية إلى النصوص الجاري بها العمل. وتعتبر الحكومة المشروع الجديد/ القديم إطارا لتنظيم الحق في المعلومة، من حيث مجال تطبيقه وكيفية ممارسته بروح من المسؤولية والمواطنة الملتزمة، ووفق مسطرة واضحة ويسيرة، ومن حيث تدابير النشر الاستباقي للمعلومات، والجديرة بتعزيزه وضمان حسن تفعيله، وكذا الاستثناءات الواردة عليه، والعقوبات المترتبة عن الإخلال بأحكامه.