في غمرة العدوَان الإسرائيلي على غزَّة، الذِي أوقعَ مئات القتلى وآلاف الجرحَى، مذكيًا حماسة مثقفِين كثر حول العالم، انبرَوْا لإدانة جرائم إسرائيل، وجهَ المخرجُ المغربي، نبيل عيُّوش، رسالةً إلى إسرائيل "عنونهَا "شعب إسرائيل فلتنهضْ"، صورَ في معرضهَا فصولًا ممَا يكابدهُ القطاع، إزاء سطوة القوة وسهوِ الإنسانيَّة. "هَا هيَ ذِي القنابلُ تمطرُ غزَّة من جديد، الجيشُ الإسرائيلِي شدَّ مئزرهُ، وطيرانُ أحد أقوى الجيوش حول العالم وبحريَّته، يتحالفان كيْ يبيدَا أهل غزة، كمَا لوْ كانَ الأمر لعبةً من لعب الإبادة، نغلقُ المنافذ أمام كائنات بشريَّة في علبة من العلب ثمَّ نشرعُ في إطلاق الرصاص عليها، بأيَّة طريقة. آه، طبعًا، فقادتك يقولون إنهم يستهدفُون محاربين أوْ "إرهابيين" كما يفضلُون تسميتهم. وإنْ كان واحدٌ منهم أوْ اثنان يموتُون مقابل عشراتٍ من النساء والأطفال، يقضُون معهم النحب". عيُّوش يردفُ في رسالته إلى إسرائيل "قادتك يعدُّون ذلكَ خسائر فادحة، يقتلُون الأبرياء، ويعدُون بفتحِ تحقيق، ثمَّ يأتون بعدها ليقُولُوا إنَّ لا وجود لحربٍ نظيفة، وأنَّ شرب نخب النصر في نهاية المطاف، هو الأهم. الإرهابيُّون ماتُوا، ودولتك في منأى. والحياة بإمكانها أنْ تستأنف مجراها. حيثُ بوسعك أنْ تعود إلى التبضع منْ سوقٍ في حيك. كما بإمكانك أنْ تركض على الشاطيء، كما قدْ تسهر مع أصدقائك في ملهى ليلي، أوْ تخرج في مسيرة للمثليين، ستعود إلى مقاعد الدراسة، وبناء مستقبلك، لكنك ستعُود لتنسى أيضًا أنَّ في الجهة المقابلة من "إريزْ" رجالُ ونساء وأطفال دمرت دولتك مستقبلهم وآمالهُمْ في الإنسانيَّة". ويتابعُ الكاتب "لقدْ علمُوكَ أنْ تكرههُمْ، وألَّا ترى فيهم سوى متوحشين يصبُون إلى قتلك، واغتصاب نسائك، والإلقاء بأبنائك في البحر. منذ ميلادك، علمُوك، أنَّ لا حقَّ لأولئك الناس على أرضك، وأن الأرضَ أرضُ أجدادك التي أنت الوحِيد من يحوزُ فيها حقًّا شرعيًّا وتاريخيًّا، لقدْ علمُوك أنْ تنسى تاريخهم، وأنْ تعظم تاريخك وتخترع فيه وتضفي عليه من الأسطورة. لقدْ علمُوك أنَّ العربي الجيد هو عربيُّ ميت لا محالة. لقد علمُوك أن تحتل وتهين وتتجاهل وتكذب، وأن تكذب على نفسك، وتحارب وتخاف. فكيفَ لكَ بعدَ كلِّ ذلك أنْ تحبهم وهمْ لمْ يعلمُوكَ سوى أنْ تكرههُمْ؟ ويكتب عيوش في رسالته: "أنت تلفي الحبَّ بين أهلك وذويك، وطائفتك، ومن تسري في عروقهم دماء كتلك التي بداخلك، من يتلُون الصلوات نفسها. ومن لهم عقدة التعالي نفسها، ومن يلتقُون أيضًا عند إنكار وجود الآخر، فإلى جانبهم تمضي نحو أفضل المدارس، تدخل الجيش، وتسافر وتعمل، وتحيا، ثمَّ تموت. ذاك هو أفضل ما يمكنُ أنْ تقدمهُ لك دولتك. أمَّا القيم الموروثة عن الأنوار مثل الإخاء مع القريب والقبول بالاختلاف والتسامح، فليسَ أمامهَا سوى أنْ تنتظرَ أزمة تكُون أحسن حالًا.. وَأضاف في ذات الرسالة الموجهة إلى الإسرائيليين "مستقبلكَ مرسومٌ سلفًا، فقدْ رأيت النُّور على هذه الأرض، وفوقهَا ستمُوت، والباقِي لا يهمُّ كثيرًا. وبإمكانك أنْ تكون في حربٍ مع جميع الجيران، وبإمكان الكراهية أنْ تستعر فيك ضدَّ كل العادلين حول العالم، لكن لا ضير في ذلك. لأنَّ الإنسانيَّة مخطئة وأنت على صواب". ويتابعُ المخرج المغربي "يا شعب إسرائيل، أودُّ أنْ أقول لكَ، إنهُم يكذبُونكَ القول. منذُ أنْ ولدت، حكومتك تكذب، حين تجعلك تفكرُ في أنه بإمكانك أن تعيش في أمان، وأنت محاط بالأعداء. ومنابر الإعلام عندك تكذبُ حين تصورُ أنَّ بالمقدُور أنْ تشتريَ السلام دون مقابل، والمناهجُ في مدارسك تكذبُ حين تجعلك تعتقد أنَ الأرض التي تعيشُ عليها كانتْ خلاءً قبل مجيء أجدادك. وأنَّ الهوية الفلسطينيَّة مختلقة". عيُّوش يستطردُ "لكنني أخبرك أنك لنْ تبلغ السلام ما دمت تواصلُ احتلالك، وتواصل الاستيطان والقصف والاحتلال. وأود أن أخبرك أنك لم تعد الضحيَّة منذُ مدة طويلة، وإنما أنت الجلاد، وأنَّ العالم بدأ يكرهم من جديد لذلك. كمَا أنني أخبركَ أنكَ آخذٌ في حفرِ قبرك، وأنك تموتُ بشكلٍ بطيء، وأنت تفقدُ كلَّ إنسانيتك". "يا شعبَ إسرائيل، فلتنهضْ ! ولكَ أنْ تحارب كلَّ الكراهية التي نفثوها في قلبك. حارب الكذب، حارب الجنون الذي تمكن من قادتك، حارب مخاوفك، قاوم الوحش الذي صار بداخلك. ولا تنس أبدًا أنَّ الشجاعة ليست أنْ تمضي إلى حربٍ تقتلُ فيها الأبرياء. لكن الشجاعة الحقيقية أنْ تضعَ أسلحتك جانبًا ثمَّ توقع سلامًا عادلًا"، يختمُ عيُّوش رسالته.