بعدَ عقودٍ أربعة من الاغترابِ في السعوديَّة، ألفى الدكتُور محمد العصَّار، حافزًا على العودَة إلى بلدهِ المغرب، والاستقرار فيه، معَ أبنائهِ الأربعَة منْ زوجَةٍ سوريَّة، اقترنَ بهَا قبلَ خمسَة عشرَ عامًا. بيدَ أنَّ المهاجر المغربي لمْ يدرِ أنَّ منع السوريين من التأشيرة المغربيَّة، سيقلبُ حياته رأسًاعلى عقبٍ، بعدما حزمَ حقائبهُ لمغادرة السعوديَّة، ظنًّا منهُ أنَّ استصدَار تأشيرة منهُ لزوجةٍ يملكُ الضمانات على رعايتها في المغرب، كان تحصيلَ حاصلٍ. بصوتٍ منهكٍ، يحكِي الدكتُور في طب الأسنان، محمد العصار، لهسبريس، عنْ أسرةٍ عالقة صارَ شملهَا يواجهُ التشتت، على إثر منعِ الخارجيَّة المغربيَّة استصدَار التأشيرة لأيِّ مواطن سورِي، قائلًا، إنَّهُ بعدمَا أوقفَ عمله في السعوديَّة، وفصل أبناءه من مدارسها، وباعَ أغلب أثاث بيته، علمَ منْ مسؤولي القنصليَّة والسفارة، أنَّ لا سبِيل أمام زوجته لأخذ التأشيرة، وأنَّ لا حاجةَ لهُ كيْ يعيدَ تقديمَ طلبٍ ثالث، بعدمَا سبقَ لهُ أنْ أودع الملفَّ أوَّل مرَّة القنصليَّة المغربيَّة في جدَّة، وفي المرَّة الثانيَة بسفارة العاصمة الرياض. ويقُول محمد إنه صارَ عالقًا اليوم في السعوديَّة، لأنهُ لنْ يرضَى مغادرة السعوديَّة مع أبنائه الأربعة، الذين يتوفرُون على جنسيَّة مغربيَّة، ويتركَ زوجته بعدَ "عشرة عمر" "لنْ أرضَى فراق أم أولادي، واصطحاب أبنائي معِي إلى المغرب لنعيشَ دونهَا، لأننَا أسرةٌ واحدَة، وأنَا أنهيتُ كلَّ شيءٍ في السعوديَّة كيْ أقفلَ راجعًا إلى بلدِي المغرب، صرتُ اليوم، محاطًا بالتزاماتٍ تثقلُ كاهلِي، أكترِي بيتًا في جدَّة وآخر في الربَاط، كنتُ أنوِي المجيء إليه مع أبنائي وزوجتِي، وأنا أوقفتُ عملي وكلَّ شيءِ". معاناة محمد اليوم باتت تربُو على أشهر أربعة، وهُو لمْ يستوعبْ بعد كيفَ أنَّ الإنسانَ السوريَّ يصدُّ كمَا لوْ أنهُ أذًى، أيًّا كانَ وضعهُ، من دخُول المغرب، دونَ تقديرٍ لوجُود أسر تضمُّ أفرادًا مغاربة وسوريين، قدْ يفكرُون يومًا في الالتحاق بالمغرب، وأنَّ ضررًا سيقعُ عليهم بسبب الحرمان من التأشيرة. المتحدثُ ذاتهُ يناشدُ عبر حديثه لهسبريس، تدخلًا من ملكِ المغرب، محمدٍ السادس، لفائدته، بعدمَا طرقَ أبواب كثيرة، وسمعَ منهَا جوابًا واحدًا، مؤداهُ أنَّ قرارًا حازمًا صارَ يملي "الرفض المباشر" لأيِّ طلب تأشيرة يتقدمُ به مواطنٌ سورِيٌّ في الخارج، مردفًا أنَّ المغرب لمْ يكن يومًا يغلقُ الأبوابَ في وجه الأشقاء ولا هُو يضيقُ بهم ذرعًا. والأنكَى منْ صدِّ الباب، كمَا يقول العصار، أنَّ حالة زوجته لا ترتبط بطلبِ لجوء، أوْ ما شابهه، وإنمَا بسيدة مرتبطة بزوجٍ مغربي يؤمنُ لها سبل الإقامة في المغرب، وأم لأربعة أبناء يحملُون الجنسية المغربية، ولا يريدُون السفر إلى المغرب دونَ أمهم، فيمَا باتَ إكراهَا الزمن والعمل، ينذران الأب "الحائر" بالأسوأ، في الأيَّام المقبلة، إنْ هيَ الأوضاعُ لمْ تنفرجْ.