انتقد شباب مغاربة ما اعتبروه إجباراً للطفل المغربي على التديّن بالإسلام، وما وصفوه بإقصاء حقوق الأقليات غير المسلمة، معتبرين أن من حقهم كمواطنين لا يدينون بالإسلام، أن يفطروا بشكل علني في رمضان، وأن تتزوج الفتيات منهم من غير المسلمين، وأن لا تطبق عليهم القوانين الخاصة بالإرث وما إلى ذلك، منادين بتطبيق المغرب لتعهداته الدولية، ومنها حرية المعتقد، واحترام معتنقي الديانات الأخرى، وذلك في إطار دولة علمانية بدل الشكل الحالي الذي يعرفه المغرب. الشباب المتكونين من عدة تنظيمات ك"مجلس المسلمين السابقين" و"الحركة البديلة للدفاع عن الحريات الفردية" المعروفة اختصاراً ب"مالي"، وهم ابتسام لشكر، سفيان فارس، عماد الدين حبيب، سهام شيطاوي، بثينة الحريري، وشيماء خبويز، اختاروا عقد ندوة صحفية صباح اليوم الاثنين بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط، وذلك في تنويع منهم لأنشطتهم التي شهدت سابقاً دعوتهم لإفطار علني بالمحمدية، وكذلك تنظيم وقفة لتبادل القبل أمام مبنى البرلمان بالرباط. وانتقد الحاضرون في هذه الندوة، الفصل 222 من القانون الجنائي الذي يعاقب على الإفطار العلني في رمضان، والفصل 220 الذي يجرّم إجبار الناس على مباشرة أو منع ديانة ما، مطالبين بتجريم فتاوى التكفير وبتعديل الدستور كي يتضمن نصوصاً تحمي حرية المعتقد بشكل يلائم المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، ومن هذه الاتفاقيات تلك المتعلقة بحماية حقوق الطفل التي تمنحه الحق في عدم التدين بمعتقد والديه، وهي الاتفاقية التي نالت نصيباً وافراً من تدخلاتهم. وانتقدت شيماء خبويز الفصل 220 من القانون الجنائي، معتبرة أن الدولة هي من تخرّب هذا القانون عندما تفرض على الأطفال اتباع الإسلام، وتجبر المواطنين على الصيام بمنعهم من الإفطار العلني في رمضان:"من حق المسلم أن يدعو إلى الإسلام وأن ينشر تعاليمه في المغرب، أما معتنقي الديانات الأخرى فهم محرومين من هذا الحق" تقول المتحدثة منتقدة غياب التسامح في المغرب، ومن ذلك عدم تمكين المسيحيين المغاربة من ممارسة شعائرهم ومحاكمة المبشرين المسيحيين، وذلك على حد قولها. كما اعتبرت سهام شيطاوي في معرض حديثها عن الفصل 222، أن الدولة غير قادرة على التأكد من اعتناق الواحد منا للإسلام، وفي الوقت نفسه لا تمنحه حق اعتناقه بما أنها تفرضه عليه، بحيث لا تحمي من يريد ممارسة شعائره الدينية المختلفة عن الإسلام، وتتركه عرضة لاضطهاد المجتمع والقوانين. مستنتجة أن الدولة تصنع عبر قوانينها ومؤسساتها مواطنا مسلما، وتجبره على البقاء على هذه الشاكلة طول حياته. وشبّه عماد الدين حبيب الإسلام في ذات الندوة ب"الفيروس" الذي ينتقل بين الجميع دون أن يكون لأحد حق الارتداد عنه حسب قوله، مندداً بفتاوى المجلس العلمي الأعلى خاصة فيما يتعلق بقتل المرتد، وفي التعريف الذي خصّه للمسلم بكونه ذلك الذي يولد من أب مسلم ولو ارتد والده عن الإسلام قبل ميلاد ابنه، منتقداً تمرير الدولة لإديولوجيتها الإسلامية عبر نزع الحصانة للبرلماني إذا جادل في الإسلام، وفي إدخال الدين إلى مجال المقدسات، وكذلك عبر اضطهاد باقي الفرق الإسلامية من شيعة وأبايضة وسلفيين وأحمديين، حسب تعبيره. "ليس لأني مسلمة عليّ احترام جميع القوانين التي يطرحها المغرب، فالقانون الحالي لا يمنحني الحق في الزواج بالرجل الذي أحب، كما أنني لا أقبل أن أكون في ملكية رجل ما سواء عند الزواج به أو حتى عند الطلاق، ولا يمكنني كذلك أن أرحب بقانون يمنع حريتي الجنسية، ويمنع عني حق الإجهاض. فأنا غير مقتنعة بقوانين الإسلام، وهذا حقي الطبيعي، دون أن يمنعني ذلك من احترام حرية من يقتنعون بقوانينه" تقول ابتسام لشكر. وفي جواب على سؤال هسبريس بخصوص هل تشكّل هذه المطالب أولوية في ظل الرهانات الحالية، أجاب المتدخلون بأن كرامة المواطنين جميعاً تشكّل هي الأخرى أولوية، وأن هذه المطالب لا تمنعهم من مشاركة همّ إصلاح مجالات أخرى في البلاد من بينها القضاء والتعليم والصحة وما إلى ذلك: "الديمقراطية هي كذلك أولوية، ومنع المواطن من حرية المعتقد، أمر لا يساهم في خلق مجتمع متسامح" يتفق المتدخلون، مشددين أن إجبار الجميع على تتبع القوانين الإسلامي، يجعلهم يقبلون ببقية القوانين الاستبدادية الأخرى. وطالب المتدخلون الستة من الدولة تغيير المقررات الدراسية بشكل يعرّف بجميع الديانات الممكنة ممّا يمنح الطفل حرية الاختيار، وبتطبيق العلمانية التي تجعل التعايش بين الجميع ممكنا، منتقدين تجربة الحكومة الحالية فيما يخص الحريات الدينية، حيث اعتبروا أنه في عهدها وقعت تجاوزات خطيرة، منها السماح للخطاب المتطرف بالبروز، على حد قولهم.