بدت الدعوات التي وجهها بعض رجال الأعمال المغاربة لرفع مستوى التعاون التجاري بين المملكتين المغربية والسعودية إلى مستوى أعلى، بعيدة عن الواقع مع مطالبة خالد بنجلون، رئيس مجلس الأعمال المغربي، المغرب بأن يجعل السعودية الشريك الاقتصادي الأول للمملكة عوض الاتحاد الأوربي. مثل هذه الدعوة، وأمام استحالة تحققها، لم تجد لها صدى خصوصا في ظل اعتراف المسؤولين الحكوميين المغاربة والسعوديين بأن العلاقات التجارية والاقتصادية التي تربط البلدين ليست في مستوى تطلعات البلدين. محمد عبو، الوزير المنتدب لدى وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، تحدث خلال افتتاح ملتقى المملكتين الذي يحتضنه مركز المعارض التابع لمكتب الصرف في الدارالبيضاء، بواقعية وهو يستعرض حجم التعاون الاقتصادي بين الطرفين، مقارنا إياه بمستوى العلاقات السياسية التي تجمع البلدين. إطراء الوزير المغربي على العلاقات السياسية التي تجمع المملكتين، تلاه نقد ضمني لضعف مستوى العلاقات الاقتصادية. وقال عبو "لازالت المبادلات التجارية البينية دون طموحاتنا، حيث لم تتجاوز قيمة الصادرات المغربية خلال سنة2013، ما يناهز 67 مليون دولار، مقابل استيراده لما يعادل 3 مليار دولار من السعودية". وتابع الوزير المنتدب لدى وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي بأن هذه الوضعية التي تعرفها المبادلات التجارية البينية لا تعكس القدرات والإمكانيات المتاحة بالبلدين، وهو الأمر الذي يستدعي تكثيف الجهود، وتنسيق المبادرات، للارتقاء بهذه العلاقات التجارية والاقتصادية إلى مستوى أعلى". وأردف المسؤول الحكومي المغربي مؤكدا أن تعزيز الشراكة وتحقيق المزيد من التقارب بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي، يعتبر خطوة مهمة على درب التأسيس لاندماج اقتصادي عربي فعلي يعود بالنفع على شعوبنا. وقال عبو "المغرب كبلد جاذب للاستثمارات الخارجية، باعتبار موقعه الجغرافي المتميز، وتوفره على بنية تحتية مهمة من طرق سيارة، وسكك حديدية، ومطارات، وموانئ ووسائل حديثة للاتصال وكذلك بحكم العدد الهام من اتفاقيات التبادل الحر التي وقعها مع شركائه في أوربا وأمريكا ودول حوض البحر الأبيض المتوسط والعالم العربي، فبفضل كل هذا يمكن للمغرب أن يلعب دورا حيويا في هذا الاندماج". وأوضح نفس المسؤول المغربي لنظرائه السعوديين "يمكن لبلدينا أن يشكلا قاعدتين تجاريتين، حيث إن المغرب قد يفتح المجال لتسويق المنتوج السعودي عبر الأسواق الإفريقية والأوربية بحكم موقعه الجغرافي وعمقه الإفريقي، وعلاقاته الدبلوماسية المتميزة مع العديد من دول القارة الإفريقية". ومن جهته أكد توفيق بن فوزان الربيعة، وزير التجارة والصناعة السعودي، أن المبادلات بين البلدين ليست في مستوى طموحات قائدي البلدين، موضحا أن القطاع الاقتصادي الخاص في البلدين يجب أن يلعب دورا طلائعيا للرقي بمستوى هذه العلاقات. وأوضح وزير التجارة والصناعة السعودي أن المملكة لديها فائض تجاري بلغ 1005 مليارات ريال سعودي ، وحجم تبادل تجاري مع دول العالم أكثر من 2 تريليون ريال. وأكد الربيعة أن المملكة العربية السعودية لا تتوانى في تخصيص المبالغ اللازمة لتطوير القطاع الصناعي وتنميته ، موضحا أن المملكة خصصت خلال العام الجاري 875 مليار ريال استفاد منها 6189 مصنعا في مختلف القطاعات الإنتاجية، مشيرا إلى أن هذه العلاقات التجارية المتميزة أسهمت في إيجاد نهضة صناعية اقتصادية كبيرة، وصنعت بالفعل تحولا اقتصاديا جديدا. وتستقطب هذه الدورة الأولى من ملتقى المملكتين، نخبة من الفاعلين بقطاعات اقتصادية وصناعية وفلاحية وتكنولوجية، مما يجعل منه منصة هامة للمهنيين الباحثين عن لقاءات ناجحة ومثمرة في السوقين السعودي والمغربي على حد سواء. ويشهد الملتقى تنظيم ندوات ومعرض يضم 120 جناحا حيث تم تقسيم المعرض المصاحب لملتقى المملكتين، مناصفة بين الدولتين 60 جناح لكل دولة سيشرف عليه كل من هيئة تنمية الصادرات السعودية والمركز المغربي لإنعاش الصادرات. ويخصص فضاء لعقد اللقاءات الثنائية بين رجال الأعمال السعوديين ونظرائهم المغاربة، لبحث فرص إقامة شراكات وإبرام صفقات والدخول في مشاريع استثمارية مشتركة.