واحد من كل ستة أوروبيين يجد صعوبة في تسديد فواتيره، ونحو 30% يصعب عليهم تغطية نفقات الرعاية الصحية، وبعد حلول عام 2015 لن يكون هناك في القارة الأوروبية إلا شخصان عاملان فقط لإعالة كل شخص يزيد عمره عن 65 عاما. مؤشرات تستند إلى لغة الأرقام ، والتي تؤكد أن أوروبا تعاني تزايد نسب الفقر في بلدانها ، وبين شعوبها ، ما يجعل الفقر قضية رئيسية في الاتحاد الأوروبي ، والوضع الاقتصادي والمالي يفاقم الحالة بصورة أكبر، وفق تأكيدات المفوض الأوروبي للشؤون الاجتماعية لازلو أندور . وحسب مسح حديث صدر عن الاتحاد الأوروبي ، فإن واحدا من كل ستة أشخاص أكدوا أن عائلاتهم وجدت صعوبة في تسديد الفواتير وفي شراء المواد الغذائية والسلع الضرورية الأخرى على الأقل مرة واحدة في العام الماضي ، بينما قال نحو 30% من الذين شملهم المسح إنه أصبح من الصعب عليهم تغطية نفقات الرعاية الصحية ورعاية الأطفال والرعاية الطويلة الأمد لأنفسهم ولأقربائهم. ويشير استطلاع الرأي الذي أجراه معهد الإحصاء الأوروبي إلى أن 49% من الأوروبيين، يرون أنه من غير المحتمل تماما حصولهم على فرصة عمل جديدة، ويرى 60 % من المواطنين أن معدل الفقر ارتفع في مناطقهم، بينما يقدر 75 % أن هذا الفقر ازداد في بلدهم بشكل عام ، خصوصا في كل من اليونان وفرنسا وبلغاريا ورومانيا وإيطاليا. ويقول 18 % من الأوروبيين إنهم لا يثقون بإمكانية الاحتفاظ بوظيفته خلال عام قادم، بينما يعتقد الكثيرون أنهم لن يستطيعوا إيجاد عمل بديل في حال إقالتهم ، أما فيما يتعلق بالراتب التقاعدي، فقد عبر 20 % عن خشيتهم أن تكون رواتبهم التقاعدية منخفضة . ويرفع من معدلات الفقر في القارة الأوروبية الأزمة المالية الحالية التي كشفت سوءة الغرب دون أن يتعافى منها حتى الآن ، وقد أفاد تقرير قُدم إلى البرلمان الأوروبي منذ عامين أن نسبة الفقر تزداد في الاتحاد الأوروبي حيث يوجد قرابة 80 مليون مواطن أوروبي أي 17 في المائة من عدد السكان البالغ عددهم حوالي 500 مليون يعيشون تحت خط الفقر . وكشف التقرير عن تزايد الفجوة بين الفقراء والأغنياء ، وانخفاض الحد الأدنى للأجور في العديد من دول الاتحاد الأوروبي، خاصة مع انضمام 12 دولة إلى الاتحاد منذ عام 2004 معظمها دول فقيرة كانت أجزاء من الكتلة الشيوعية قبل انهيار الاتحاد السوفيتي السابق. ويعتقد الأوروبيون أن الأزمة المالية عمقت وضع الفقر في القارة، هذا بالإضافة إلى تزايد معدلات الانكماش والبطالة ، وتراجع ودائع الشركات بالبنوك ، وتفشي الفساد المالي في مؤسسات عملاقة ، ولذلك ينتظر 74% من المواطنين الأوروبيين تدابير محددة من مؤسسات الاتحاد الأوروبي لمعالجة الفقر ، كما تؤكد الدراسات أن 89 في المائة من سكان الاتحاد يرون أن على حكومات الدول الأعضاء اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة الفقر . ما يؤكد تفاقم ظاهرة الفقر في أوروبا ، دعوات انطلقت قبل عام ، ووجدت استجابة كبيرة للتظاهر أمام مقر المؤسسات التابعة للاتحاد الأوروبي في بروكسل، تحت شعار "معا نتحرك ضد الفقر"، والإعلان عن أن سنة 2010 ستكون سنة أوروبية لمكافحة الفقر والبؤس . ولا شك أن الأزمة المالية دفعت معدلات النمو في العديد من بلدان القارة إلى التراجع والانخفاض ، كما اتخذت دول الاتحاد الأوروبي قرارات بخفض الإنفاق في السنوات القادمة ، وأطلقت بعض الحكومات خطط تقشف ، خوفا من مواجهة شبح التعرض لأزمة إفلاس على غرار الأزمة اليونانية ، أو اندلاع اعتصامات وإضرابات تحركها دوافع البطالة والفقر .