يتغنى النظام المغربي بالدخول في ما يسمى العهد الجديد الذي يتميز بالاحترام الكامل لحقوق الانسان كما هي متعارف عليها عالميا. اما حين ننظر الى المنع الذي تتعرض له التظاهرات وقمع الوقفات الاحتجاجية والاعتقالات التي يتعرض لها الصحفيون والمدونون بسبب ارائهم، والتضييق على الجمعيات الجادة وعلى العمل النقابي والسياسي، وغير ذلك من الانتهاكات اليومية نفهم معنى الاحترام الكامل لهذه الحقوق. لكن سيكون ايضا مفيدا تسليط الضوء على الفهم الذي يتبناه النظام لهذه الحقوق من خلال التزاماته الدولية في هذا الميدان، واساسا العهود و المواثيق الدولية لحقوق الانسان . هذا المقال لن يكون شاملا لكل الاتفاقيات الدولية التي تضم الى جانب الاتفاقيات المعتمدة من طرف الجمعية العامة للامم المتحدة تلك المعتمدة من طرف الوكالات الدولية المتخصصة المستقلة، كمنظمة العمل الدولية و اليونسكو و منظمة الصحة العالمية، وكذلك المعتمدة من طرف بعض الهيئات الدولية الاقليمية. بل ساقتصر هنا على المواثيق الهامة التي اعتمدتها الاممالمتحدة ومنها: الاعلان العالمي لحقوق الانسان: اعتمدته الجمعية العامة بقرار 217 الف (د-3) في 10.12.1948. وهو اول وثيقة دولية تعتمدها الاممالمتحدة في مجال حقوق الانسان تعتمدها الاممالمتحدة، ويعتبر بمثابة اعلان مبادئ عامة للحد الادنى الذي يجب ان يتمتع به كل انسان، كالحق في الحياة و الحرية والحق في المساواة امام القانون و الحق في العمل و الراحة والحق في التعلم والحق في حرية الراي و التعبير وحرية التفكير والضمير و الدين. انه مرجعية هامة لمبادئ حقوق الانسان في العالم وليس مطلوبا من الدول التوقيع او المصادقة عليه، لكن عليها اعتماده في تشريعاتها المحلية و مختلف التدابير الادارية. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية والبرتوكولان الملحقان به: اعتمدته الجمعية العامة بموجب قرار 2200 (XXI) في 16.12.1966، ودخل حيز التطبيق في 23.03.1976 ، وصادق عليه المغرب في 03.05.1979 أي بعد تردد دام حوالي 13 سنة. نص هذا العهد في مادته الاولى على حق كل الشعوب في تقرير المصير، وفصل في العديد من الحقوق التي اكد عليها الاعلان العالمي لحقوق الانسان وكذا في التدابير اللازمة لحمايتها. ومن هذه الحقوق الحق في عدم التعرض للتعذيب او الاسترقاق او الاستعباد، والحق في المساواة بين الرجل و المراة، وحق تاسيس الجمعيات ومنها النقابات. كما اعتمدت الجمعية العامة في 16.12.1966 البرتوكول الاختياري الاول الملحق بهذا العهد، والذي دخل حيز التطبيق في 23.03.1976 ،بينما لم يصادق عليه المغرب لحد الان. ينص هذا البرتوكول على ان الاشخاص ضحايا انتهاكات الحقوق الواردة في العهد الدولي من قبل دولة طرف، من حقهم رفع شكاوى الى اللجنة المعنية بحقوق الانسان من اجل دراستها، شرط ان تكون الدولة الطرف اعلنت اعترافها باختصاص اللجنة هذا من خلال تصريح يودع لدى الامين العام للامم المتحدة. النظام المغربي بعدم المصادقة على هذا البرتوكول لايعترف طبعا باختصاص اللجنة في تلقي هذه الرسائل والنظر فيها. وفي 15.12.1989 اعتمدت الجمعية العامة بقرار 44.128 البرتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية، الذي يهدف الى الغاء عقوبة الاعدام. ولحد الان، لم يصادق النظام المغربي على هذا البرتوكول الذي يسمح بتطبيق عقوبة الاعدام فقط في حالة الحرب عن جرائم عسكرية ذات خطورة قصوى مرتكبة اثناء الحرب. العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية والبرتوكول الملحق به: اعتمدته الجمعية العامة بقرار 2200 (XXI) في 16.12.1966 ، ودخل حيز التنفيذ في 03.01.1976 ولم يصادق عليه المغرب الا في 03.05.1976. يؤكد هذا العهد في مادته الاولى على حق كل الشعوب في تقرير المصير، والعديد من الحقوق الاخرى كالحق في تاسيس النقابات والاضراب، والحق في شروط عمل عادلة وفي الضمان الاجتماعي و الحق في المشاركة في الحياة الثقافية. وفي 10.12.2008 اعتمدت الجمعية العامة البرتوكول الاختياري الملحق بهذا العهد الدولي، الذي لم يصادق عليه النظام المغربي لحد الان. ينص هذا البرتوكول على ان الاشخاص ضحايا انتهاكات للحقوق الواردة في هذا العهد من قبل دولة طرف يخضعون لولايتها، من حقهم تقديم شكاوى الى اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية بهذا الخصوص، شرط ان تكون الدولة الطرف المعنية اعلنت اعترافها بهذا الاختصاص للجنة من خلال تصريح يودع لدى الامين العام للامم المتحدة. والمغرب من خلال الامتناع عن المصادقة على هذا البرتوكول، طبعا لايعترف باختصاص اللجنة المعنية في تلقي بلاغات الافراد الضحايا ودراستها. اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز العنصري: اعتمدتها الجمعية العامة في 07.03.1966 وصادق عليها النظام المغربي في 18.12.1970 بتحفظ على المادة (22). بمقتضى هذا التحفظ يعتبر النظام ان أي نزاع يكون فيه طرفا، بشان تفسير الاتفاقية او تطبيقها مع الدول الاطراف الاخرى لا يحال على محكمة العدل الدولية الا بعد موافقة جميع الاطراف ذات الصلة، بينما تنص المادة على هذه الامكانية في حالة موافقة طرف واحد ذي صلة. بموجب هذه الاتفاقية تشجب الدول الاطراف التمييز العنصري، و تتعهد بانتهاج و بكل الوسائل المناسبة ودون تاخير سياسة القضاء على التمييز العنصري بكافة اشكاله وتعزيز التفاهم بين جميع الاجناس. وتنص هذه الاتفاقية على امكانية دولة طرف اخرى في لفت نظر لجنة القضاء على التمييز العنصري الى أي تخلف تلحظه من أي دولة طرف اخرى في الالتزام بتعهداتها، شرط ان تكون الدولتين اعترفتا بهذا الاختصاص للجنة. كما ان هذه الاتفاقية تعطي ايضا الامكانية للجنة لتلقي بلاغات افراد او مجموعات افراد ضحايا انتهاكات للحقوق الواردة في هذه الاتفاقية، من قبل دولة طرف يخضعون لولايتها وتكون اعترفت بهذا الاختصاص من خلال تصريح يودع لدى الامين العام للامم المتحدة. وتجدر الاشارة هنا ان النظام المغربي اصدر اعلانا في 2006 يعترف من خلاله باختصاص اللجنة في تلقي بلاغات الافراد ودراستها. الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها: اعتمدتها الجمعية العامة في 30.11.1973 ولحد الان لم يصادق النظام المغربي عليها. اعتبرت هذه الاتفاقية الفصل العنصري جريمة ضد الانسانية، وحددت الافعال التي تدخل ضمن نطاقها واعتبرتها ايضا جرائم غير سياسية لغرض تسليم المجرمين. كما اعطت الامكانية لمحاكمة المتهمين بارتكاب هذه الافعال من قبل محكمة مختصة من محاكم اية دولة طرف في هذه الاتفاقية او محكمة جزائية دولية ضمن شروط للولاية القضائية حددتها ايضا. واذا كانت كانت الكثير من الافعال المحددة في هذه الاتفاقية كجرائم تنطبق على الاقل على ما يقوم به الكيان الصهيوني في فلسطينالمحتلة، فان من شان المصادقة عليها اتاحة الامكانية لمحاكمة رموزه امام محاكم مغربية، خاصة ان البعض منهم يحملون الجنسية المغربية ويزورون البلد باستمرار. الاتفاقية الدولية لمناهضة الفصل العنصري في الالعاب الرياضية: اعتمدتها الجمعية العامة في 10.12.1985 ، ولحد الان لم يصادق عليها المغرب بنفس الخلفيات التي حكمت الامتناع عن المصادقة على الاتفاقية السابقة. وتسعى هذه الاتفاقية الى المقاطعة الرياضية للانظمة التي ترتكب جريمة الفصل العنصري. اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللاانسانية او المهينة والبرتوكول الملحق بها: اعتمدتها الجمعية العامة في 10.12.1984 ودخلت حيز التطبيق في 26.06.1987 الا ان النظام المغربي لم يصادق عليها الا في 21.06.1993 ، مع ابداء تحفظات على المادتين 20 و21. المادة الاخيرة تنص على حق دولة طرف في تقديم بلاغات الى لجنة مناهضة التعذيب ضد دولة طرف اخرى لعدم امتثالها لاحكام الاتفاقية، اما المادة 20 فتنص على اختصاص هذه اللجنة في دراسة اية معلومات موثوق بها تتوصل بها عن ممارسة التعذيب في دولة طرف، وتقديم ملاحظات بشانها، وفتح تحقيق يمكن ان يثضمن زيارات ميدانية. بموجب هذه الاتفاقية لا يجوز التذرع باية ظروف استثنائية لممارسة التعذيب، ولا التذرع كذلك بالاوامر الصادرة عن موظفين اعلى مرتبة او عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب. كما تضمن ايضا بموجبها كل دولة طرف عدم الاستشهاد باية اقوال يثبت انه تم الادلاء بها نتيجة للتعذيب كدليل في اية اجراءات. وتنص هذه الاتفاقية كذلك على ان الاشخاص ضحايا انتهاكات لحقوقهم الواردة في هذه الاتفاقية من قبل دولة طرف، من حقهم تقديم شكاوى الى لجنة مناهضة التعذيب اذا كانت هذه الدولة اعلنت اعترافها بهذا الاختصاص للجنة. النظام المغربي للاشارة، من خلال تصريح مودع لدى الامين العام للامم المتحدة اعلن في 2006 اعترافه باختصاص اللجنة في تلقي ودراسة بلاغات الافراد او مجموعات الافراد الضحايا. وفي 18.12.2002 اعتمدت الجمعية العامة البرتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية، والذي يهدف الى انشاء نظام وقائي يقوم على زيارات منتظمة لاماكن الاحتجاز، تقوم بها هيئات دولية ووطنية مستقلة ولحد الان لم يصادق النظام المغربي على هذا البرتوكول، الذي لا يسمح بابداء اية تحفظات على مواده. كما ان هذا النظام لايبدي الاستعداد للقطع مع هذه الممارسة، وحالة البودالي بسجن فاس الذي تم تقييده عاريا وتعذيبه حتى الموت شاهدة على ذلك. ويوفر الحماية القانونية لافراد اجهزته باعفائهم من المحاسبة اذا ما رسوا التعذيب باوامر رؤسائهم ، وهو ما يتعارض مع مواد الاتفاقية. الاتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري: اعتمدتها الجمعية العامة في 20.12.2006 ولحد الان لم يصادق عليها النظام المغربي. بموجب هذه الاتفاقية لايجوز التذرع باي ظرف استثنائي، حتى لو تعلق الامر بحالة الحرب، لتبرير الاختفاء القسري، كما لا يجوز ايضا التذرع باي امر او تعليمات صادرة من سلطة عامة او مدنية او عسكرية او غيرها. وتنفيذا لهذه الاتفاقية تعمل كل دولة طرف على حظر اصدار اية اوامر او تعليمات تفرض الاختفاء القسري او تاذن به او تشجع عليه، كما تضمن عدم معاقبة كل شخص يرفض الانصياع لهذه الاوامر. ولاغراض التسليم فيما بين الدول الاطراف تعتبر الاتفاقية الاختفاء القسري جريمة غير سياسية وجريمة لا تكمن وراءها دوافع سياسية. بقتضى هذه الاتفاقية يجوز لكل دولة طرف ان توجه بلاغات الى اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري تدعي من خلالها ان دولة طرف اخرى لا تفي بالتزاماتها تجاه الاتفاقية، شرط ان تكون الدولتين المعنيتين اعترفتا بهذا الاختصاص للجنة. ويجوز ايضا للافراد ان يوجهوا بلاغات الى اللجنة، يدعون من خلالها ان حقوقهم الواردة في هذه الاتفاقية انتهكت من قبل دولة طرف يخضعون لولايتها، ويجب ان تكون هذه الدولة اعترفت بهذا الاختصاص عبر تصريح يودع لدى الامين العام للامم المتحدة. ومن اهم ما اتت به الاتفاقية انها اعتبرت الممارسة العامة للاختفاء القسري او الممنهجة تشكل جريمة ضد الانسانية و تستتبع العقوبات المنصوص عليها في القانون الدولي، واعتبرت ان فترة التقادم تبدا عند نهاية جريمة الاختفاء القسري. وهذا يزعج النظام المغربي مثل كل "الانظمة العربية"، التي من اصل 22 نظاما لم يوقع أي واحد منها على هذه الاتفاقية تكريسا لمفهوم غريب لحقوق الانسان المتعارف عليها عالميا. اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة و البرتوكول الملحق بها: اعتمدتها الجمعية العامة في 18.12.1979 ودخلت حيز التطبيق في 03.09.1981، بينما لزم الامر انتظار حوالي 15 سنة كي ينظم اليها النظام المغربي في 21.06.1993 ، مع تسجيل تحفظات على المواد التالية: المادة :2 التي تتعلق بالمساواة امام القانون وحظر التمييز ضد المراة، المادة 15.ف4:المتعلقة بالتساوي في التساوي في حرية التنقل واختيار محل السكن والاقامة، المادة 9.ف2: المتعلقة بالمساواة بين الابوين فيما يخص جنسية الاطفال، و المادة 29 : التي تتعلق بحل النزاعات بين الدول الاطراف عند تطبيق اوتفسير هذه الاتفاقية والتي تحيل على محكمة العدل الدولية. هذه الاتفاقية اعادت التاكيد على الحقوق الاساسية للمراة، وبموجبها تتعهد الدول الاطراف بادماج مبدا المساواة بين الرجل و المراة في دساتيرها الوطنية او تشريعاتها المناسبة الاخرى، وتتعهد ايضا باتخاد جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المراة في الحياة السياسية والعامة للبلد وباتخاد جميع التدابير بما فيها التشريعية لمكافحة جميع اشكال الاتجار بالمراة واستغلال بغاءها. وفي 06.10.1999 اعتمدت الجمعية العامة البرتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية، الذي لم يصادق عليه النظام المغربي لحد الان. هذا البرتوكول لا يسمح بابداء اية تحفظات عليه، وينص على حق الافراد او مجموعات الافراد في توجيه بلاغات الى لجنة القضاء على التمييز ضد المراة، يدعون من خلالها ان حقوقهم الواردة في هذه الاتفاقية انتهكتها دولة طرف يخضعون لولايتها. كما يجيز هذا البرتوكول للجنة اجراء تحريات يمكن ان تتضمن زيارات ميدانية، اذا ما توفرت لديها معلومات موثوقة تدل على انتهاكات جسيمة او منتظمة من قبل دولة طرف. اتفاقية حقوق الطفل والبرتوكولان الملحقان بها: اعتمدتها الجمعية العامة في 20.11.1989 وفي 21.06.1993 صادق عليها النظام المغربي . هذه الاتفاقية الى جانب التاكيد على الحقوق الاساسية للطفل كانسان، فصلت في العديد من الحقوق الخاصة بهذه الفئة، كالحقة منذ الولادة في اسم وفي اكتساب جنسية، والحق في الحفاظ على هويته بما في ذلك صلاته العائلية، والحق في الحماية من كافة اشكال العنف او الضرر او الاساءة البدنية او العقلية، والاهمال او المعاملة المنصوية على اهمال، واساءة المعاملة او الاستغلال بما في ذلك الاساءة الجنسية. كما منعت الاتفاقية بيع الاطفال او الاتجار بهم. وفي 25.05.2000 اعتمدت الجمعية العامة البرتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية بشان اشراك الاطفال في المنازعات المسلحة، والبرتوكول الاختياري المتعلق ببيع الاطفال واستغلال الاطفال في البغاء وفي المواد الاباحية. النظام المغربي لم يتاخر كثيرا اذ صادق على الاول في 22.05.2002 و على الثاني في 02.10.2001. الاتفاقية الدولية لحماية جميع العمال المهاجرين وافراد اسرهم: اعتمدتها الجمعية العامة في 18.12.1990 وصادق عليها النظام المغربي في 21.06.1993 بتحفظ على المادة 92.ف1 المتعلقة بحل النزاعات بين الدول حول تطبيق او تفسير احكام هذه الاتفاقية، والتي تحيل على محكمة العدل الدولية. بموجب هذه الاتفاقية للعمال المهاجرين وافراد اسرهم ان يتمتعوا بالعديد من الحقوق، منها الحق في أي وقت في دخول دولة منشئهم والبقاء فيها، وحق المشاركة في الشؤون العامة لهذه الدولة وان يدلوا باصواتهم وان ينتخبوا في الانتخابات التي تجري في تلك الدولة. كما تؤكد هذه الاتفاقية على حق العمال المهاجرين وافراد اسرهم في المساواة مع مواطني دولة العمل امام المحاكم بانواعها، وعلى حقهم في المساواة ايضا من حيث الفصل في استحقاقات البطالة و الاستفادة من مشاريع العمل العامة، التي يقصد منها مكافحة البطالة. تنص هذه الاتفاقية على حق أي دولة طرف في توجيه رسائل الى اللجنة المعنية بحماية حقوق جميع العمال الهاجرين وافراد اسرهم، تدعي من خلالها ان دولة طرف اخرى لاتفي بتعهداتها شرط ان تكون الدولتين اعلنتا اعترافهما باختصاص اللجنة هذا. وتنص كذلك على حق الافراد في توجيه رسائل الى اللجنة يدعون من خلالها انهم ضحايا انتهاكات حقوقهم الواردة في هذه الاتفاقية، من قبل دولة طرف تكون اعترفت من خلال تصريح يودع لدى الامين العام للامم المتحدة بهذا الاختصاص. النظام المغربي للاشارة لايعترف باختصاص اللجنة في تلقي ودراسة بلاغات الافراد او الدول. اتفاقية حقوق الاشخاص المعوقين والبرتوكول الملحق به: اعتمدتها الجمعية العامة في 13.12.2006 وانضم اليها النظام المغربي في 08.04.2009. اعادت هذه الاتفاقية التاكيد على الحقوق الاساسية للاشخاص ذوي الاعاقة كغيرهم من الناس، واعتبرت ان التمييز ضد أي شخص على اساس الاعاقة يمثل انتهاكا للكرامة والقيمة المتاصلتين للفرد. وبموجبها تتعهد الدول الاطراف بالعمل على اتخاد كافة التدابير المناسبة للقضاء على التمييز على اساس الاعاقة، من جانب أي شخص او منظمة او مؤسسة خاصة. كما تتخذ هذه الدول جميع التدابير التشريعية والادارية والاجتماعية و التعليمية وغيرها لحماية الاشخاص ذوي الاعاقة داخل منازلهم وخارجها على السواء، وتعترف بحقهم في التعلم والعمل على قدم المساواة مع الاخرين. وتنص الاتفاقية ايضا على مسؤولية الدول في تسهيل مشاركة الاشخاص ذوي الاعاقة في المجتمع بصورة فعالة وكاملة عبر مجموعة من التدابير كتيسير تعلم لغة الاشارة وانواع الكتابة البديلة وتوفير الاجهزة المساعدة على التنقل والتكنولوجيات المعينة. وفي 13.12.2006 اعتمدت الجمعية العامة البرتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية، الذي صادق عليه النظام المغربي في 08.04.2009. وبموجب هذا البرتوكول تعترف الدولة الطرف باختصاص لجنة حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة بتلقي ودراسة البلاغات من الافراد او مجموعات الافراد او باسمهم الذين يدعون انهم ضحايا انتهاكات لحقوقهم الواردة في الاتفاقية من قبل دولة طرف. ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية: اعتمدته الجمعية العامة في 17.07.1998 بروما- ايطاليا بموافقة 120 دولة وصادقت لحد الان عليه 108 دولة بينما النظام المغربي مازال لحد الان يمتنع عن المصادقة. تختص المحكمة الجنائية بمتابعة الافراد المتهمين بجرائم الابادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية. ويمكن للدول المصادقة على الميثاق او مجلس الامن ان تحيل على المدعي العام قضايا تتعلق بهذه الجرائم المذكورة. كما يمكن للمدعي العام ان يبادر بفتح تحقيق في أي قضية يرى انها تستحق ذلك. وتتمتع هذه المحكمة باستقلالية نسبية عن الاممالمتحدة، على خلاف محكمة العدل الدولية التي تهدف لحل النزاعات بين الدول. الى جانب هذه المواثيق التي تعتبر مرجعية هامة ومعايير دولية لحقوق الانسان توجد اتفاقيات اخرى لاتقل اهمية لم اتناولها في هذا المقال ومنها تلك الصادرة عن منظمة العمل الدولية التي وصلت الى 188 اتفاقية لم يصادق النظام المغربي على اغلبها كالاتفاقية رقم 87 التي تنص على الحرية النقابية وحماية الحق النقابي. ولغرض تنفيدها، احدثت هده الاتفاقيات لجانا تختص بدراسة التقارير الاولية والدورية التي تقدمها الدول الاطراف عن حالة حقوق الانسان في بلدانها، كما تختص برفع التوصيات والملاحظات اللازمة لحماية وتعزيز الحقوق وفي بعض الاحيان، تلجأ الى فتح تحقيقات بمكن ان تتضمن زيارات ميدانية. لكن فيما يخص ميثاق روما، فقد احدث محكمة جنائية دولية كما رأينا سابقا، أما في حالة الاتفاقية الخاصة بقمع جريمة الفصل العنصري ، فتم التنصيص على فريق خبراء يعينهم رئيس لجنة حقوق الانسان، التي عوضت فيما بعد بالمجلس الدولي لحقوق الانسان. ويبقى عمل هذه اللجان متسما بالمحدودية لعدة اسباب منها كون خبراءها رغم انهم يعملون بصفتهم الشخصية لا يستطيعون التخلص من الحسابات والمصالح المتبادلة بين الانظمة ، لان الدول الاطراف هي التي ترشحهم وتصوت عليهم. ومن اختصاصات هده اللجن ايضا تلقي والنظر في البلاغات الواردة من الدول بشان عدم امتثال دول اخرى لاحكام الاتفاقيات او الواردة من الافراد بشأن انتهاكات حقوقهم من قبل بعض الدول. لكن محدودية المواثيق في هدا المجال، انها وضعت بعض القيود لقبول هذه البلاغات منها: ان تكون الدول الاطراف المعنية اودعت لدى الامين العام للامم المتحدة تصريحا، تعترف من خلاله باختصاص اللجنة المعنية في تلقي و دراسة بلاغات الافراد او الدول. وبخصوص بلاغات الافراد، الا تكون المسالة نفسها موضوع الرسالة قد سبق النظر فيها من طرف اللجنة او محل دراسة بمقتضى اجراء اخر من اجراءات التحقيق الدولي او التسوية الدولية ، وان تستنفذ كافة وسائل الانتصاف الداخلية الا اذا طال امد هذه الوسائل او كان من غير المرشح ان تفضي الى انتصاف فعال. في حالة النظام المغربي، وبالرجوع الى التصريحات المودعة لدى الامين العام للامم المتحدة، نجده لا يعترف سوى باختصاص لجنتين في تلقي ودراسة بلاغات الافراد او مجموعات الافراد، هما لجنة مناهضة التعذيب من خلال تصريح مؤرخ في 19.10.2006 ، ولجنة القضاء على التمييز العنصري من خلال تصريح يحمل نفس التاريخ. واضاف الى وسائل الانتصاف الداخلية تعقيدات جديدة تطيل امدها، منها "ديوان المظالم" الذي يعتبر ثلاجة اخرى للملفات الساخنة. والنظام هنا يستغل مرونة المواثيق الدولية التي لا تتضمن عقوبات تفرض على مختلف الانظمة المصادقة عليها اوالامتثال لاحكامها، اذا ما استثنينا ميثاق روما وبعض الاحالات القليلة على القانون الجنائي الدولي. لهذا فهو يتعامل بانتقائية في المصادقة على الاتفاقيات الدولية والبروكولات الملحقة بها بشكل يخفض التزاماته في مجال حقوق الانسان الى اقصى حد ويفرغ هذه الاتفاقيات من بعض القوة التي لديها. هذا، بالرغم من ان الدستور الذي وضعه النظام في 1996، يتحدث عن التعهد "بالتزام ما تقتضيه مواثيق" المنظمات الدولية "من مبادئ و حقوق وواجبات" ويؤكد تشبته "بحقوق الانسان كما هي متعارف عالميا". وهذا التعهد يقتضي منه المصادقة على الاقل على المواثيق الدولية المعتمدة من طرف الاممالمتحدة التي يعتبر عضوا فيها. ولا يتوقف الامر عند هذا الحد ، بل يجب عليه ايضا العمل على ملاءمة التشريعات المحلية مع هذه الصكوك، رغم وجود قاعدة قانونية تقضي باسبقية الاتفاقيات الدولية المصادق عليها في التطبيق على غيرها من القوانين المحلية. ان احترام حقوق الانسان كما هي متعارف عالميا وادماجها في مختلف القوانين و التدابير الادارية سيقوض سلطته، الذي يسعى دوما الى تقويتها امام شعب جائع ومنتفض، لذا على النظام المغربي التخلي عن هذا التبجح الذي يبقى بدون معنى واعلان تشبته "بحقوق الانسان كما هي متعارف عربيا". والتهمة هنا ليست موجهة الى الشعوب التي احترم نضالاتها وتضحياتها بل الى الانظمة التي سنت عرفا غريبا لحقوق الانسان، فمن اصل 22 لم يوقع أي نظام "عربي" على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري ، وفقط نظام واحد (جيبوتي) هو الذي صادق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بهدف إلغاء عقوبة الإعدام، و نظام واحد(في جزر القمر) ايضا صادق على ميثاق روما. على الاقل في بيئة كهذه سيكون منسجما مع شعاراته وممارساته، فميثاق جامعتهم لحقوق الانسان يقر عقوبة الاعدام، و"تمييزا" ضد المراة يتوافق مع "الشريعة الاسلامية"، ويضع قيودا لممارسة اهم الحقوق الواردة فيه من قبيل "صيانة الأمن الوطني أو النظام العام أو السلامة العامة أو الصحة العامة أو الآداب العامة"، وهي بالمناسبة نفس القيود العريضة التي نجلد بها يوميا في هذا "الوطن العريض". ان معركة حقوق الانسان، وبالنظر الى محدودية المواثيق الدولية كما سبقت الاشارة الى ذلك، لا يمكن الرهان فيها على الخارج، انها معركة يجب الرهان فيها على قوة الجماهير الشعبية بالدرجة الاولى، و هي القادرة على الضغط على النظام من اجل المصادقة على المواثيق الدولية، وادماج حقوق الانسان في مختلف مناحي الحياة من ان تصبح مكاسب بقوة القانون وقوة الامر الواقع. *عضو الجمعية المغربية لحقوق الانسان