أسفرت الانتخابات البرلمانية البلجيكية ليوم الأحد الماضي، عن نجاح لافت للمغاربة والأتراك في الغرفتين الأولى والثانية، بعد أن كان حضور الأجانب يختصر فقط في البرلمانات الجهويةوخاصة منهابرلمان جهة بروكسيل، مع استثناءات نادرة في باقي البرلمانات الأخرى. وبهذه الخطوة، بدا المرشحون من أصل أجنبي وخاصة منهم الأتراك والمغاربة يريدون يسجلون حضورهم الواعي في المشهدين السياسي والتشريعي البلجيكي بعيدا عن الاتهامات المألوفة ضدهم من طرف بعض الأحزاب العنصرية. وفي ما يتعلق بالبلجيكيين من أصل مغربي، فقد انتزعت المغربية فضيلة لعنانمقعدا ثمينا في البرلمان الفدرالي، ب 15222 صوت في دائرة بروكسيل ال بيلبورد . وفضيلة لعنان مناضلة في صفوف الحزب الاشتراكي الفرانكفوني ، تشغل حاليامنصب وزيرة الشباب والسمعي البصري في الحكومة الفرانكفونية. وحصلت نعيمة انجري عن دائرة اونفيرس، من الحزب اللبيرالي الفلاماني "س.د.ن.ب"، على 11952 صوت. ثم رشيد مضران عن الحزب الاشتراكي الفرونكوفوني، ب 6318 صوت. كما نجحت نادية اسمينات عن حزب التحالف الفلامنكي الجديد، ب 884 صوت في المنطقة المتنازع عليها "منطقة ال بيلبورد". كما ينتظر التحاق محمد جبور عن الحزب الاشتراكي بالبرلمان (6242 صوت)، مباشرة بعد تشكيل الحكومة، لان الحزب الاشتراكي مرشح بقوة ليس بالمشاركة في الحكومة فحسب، بل بتولي زعيمه "ايليو دي روبو" منصب الوزير الأول. نفس الشيء يمكن قوله عن فؤاد الحسيني من حزب الخضر المؤهل لانتزاع منصب البرلماني الفدرالي في حالة مشاركة حزب الخضر في الحكومة المقبلة. أما عن البلجيكيين من أصل تركي فيتزعمهم "ايمير كير"، ب 17294 صوت عن جهة يروكسيل العاصمة، والذي يشغل حاليا منصب كاتب الدولة في حكومة جهة بروكسيل. تليه اوسليم اوزان في دائرة شاتلي. ثم مريم الماسي عن حزب الخضر الفلاماني (25100 صوت)، وزوهال ديمير المنتمية لحزب ن. ب ا ب 10248 صوت، و كلاهما نجحا عن دائرة اونفيرس الفلامانية. أما مجلس الشيوخ فقد عرف هو الآخر حضورا لم يسبق له مثيل في تاريخ بلجيكا من طرف المغاربة والأتراك ، إذ نجح عن الحزب الاشتراكي كل من المغربيين حسن بوستة (35817 صوت) وهو باحث في السوسيولوجيا، وفتيحة السعيدي ب 38187 صوت والتي تشغل الآن منصب برلمانية في برلمان جهة بروكسيل، ويضاف إليهما كل من زكية الخطابي من حزب الخضر الفرانكفوني، والتركيتين فاطمة بيهليبان عن حزب الاشتراكي الفبلاماني و اولغا زريهن عن حزب الاشتراكي الفرانكوفوني، اللواتي تم اختيارهن من طرف أحزابهن وفق ما ينص عليه القانون الانتخابي البلجيكي. بالإضافة إلى فوزية الطلحاوي عن حزب الاشتراكي الفلاماني، التي ستلتحق هي الأخرى بمجلس الشيوخ (في حالة مشاركة حزبها في الحكومة المقبلة). يشار إلى ان انتخابات 11 يونيو الجاري أسفرت عن تناقضات حادة بين شمال وجنوب بلجيكا. فإذا كانت جهتا بروكسيل ووالونيا عرفتا نجاحا باهرا للحزب الاشتراكي الفرانكوفوني، فان شمال البلاد (جهة الفلامان) عرف اكتساحا قويا لحزب التحالف الفلامنكي الجديد (وسط يمين قومي). مما يجعل مهمة تشكيل الحكومة المقبلة صعبة للغاية ، بسبب برامج الحزبين المتناقضة تماما من حيث الأهداف والمرامي. فإذا كان الحزب الاشتراكي يدافع عن بلجيكا موحدة ومتضامنة ويرفض أي تراجع عن المكتسبات الاجتماعية، فان حزب التحالف الفلامنكي الجديد، يدعو صراحة إلى انفصال شمال بلجيكا عن جنوبها وإجراء إصلاحات عميقة على المستويين المؤسساتي والدستوري، و لا يرى أي مكان للنظام الملكي في بلجيكا. وبالرغم من هذه المتناقضات فالعاهل البلجيكي استقبل يوم الاثنين الماضي زعيمي الحزبين الفائزين في الجهتين الفلامانية و الفرانكوفونية لاستكشاف مدى استعدادهما للاشتغال معا، بالرغم أن المهتمين والإعلام البلجيكي يضعون عدة سيناريوهات، بما فيها تلك التي تضع مستقبل بلجيكا فوق كف عفريت، إذ لا يستبعدون أي فرضية من الفرضيات بما فيها تشكيل حكومة بدون الحزب الفلاماني القومي الفائز "التحالف الفلامنكي الجديد"، واستبعاده كليا من أي تحالف إن تشدد في مطالبه تجاه النقاط الخلافية و خاصة منها منطقة ال بيلبورد المتنازع حولها والتي يطالب الفلامنيون بضمها إلى الجهة الفلامانية.