انتبه عدد من المهتمين بالعلاقات الدولية، إلى الحركة الدبلوماسية النشطة التي نشأت بين المغرب ودولة الكويت، واسترعى انتباه المراقبين حجم دبلوماسية البلدين في الآونة الأخيرة، واعتبروها بأنها قد يؤشر لمزيد من فرص التعاون في الأفق القريب. وذهبت تحليلات أخرى لإعلاميين مغاربة إلى التأكيد بأن الدبلوماسية المغربية الكويتية الأخيرة ستُتَوَج باستثمارات كويتية جديدة داخل المغرب في المستقبل. هذا في وقت تؤكد فيه تقارير اقتصادية أن عددا من الشركات العربية والخليجية باتت تلقب المغرب بجنة الاستثمارات الخليجية. وأكد خبراء اقتصاديون أن بحصول المغرب صفة المتقدم مع دول الاتحاد الأوربي يكون قد أوجد توجهات وإمكانيات استثمارية جديدة تتجاوز القطاعات الخدماتية كالسياحة، إلى قطاعات أخرى واعدة وخاصة الاستثمار في القطاع الفلاحي، ذلك أن الاستثمار في هذا القطاع يحظى برفع القيود الجمركية عليه في السوق الأوربية، إضافة إلى كون المغرب قد أوجد له إطارا تقنيا وقانونيا جديدا (المخطط الأخضر) يشجع فرص استثمار القطاع الخاص. وستتعزز هذه الحركية الدبلوماسية بالزيارة التي سيقوم بها وزير التجارة والصناعة احمد الهارون إلى المغرب قريبا بهدف الاطلاع على الفرص الاستثمارية المتاحة بالمغرب، أو بالأحرى لفتح آفاق كبيرة للاستثمار في المملكة المغربية، خاصة أن المغرب أصبح وجهة مفضلة للاستثمارات العربية والأجنبية، وقد أكدت وزارة الخارجية الكويتية أن الوزير احمد الهارون سيشرف على توقيع اتفاقية بين الكويت والمغرب خلال هذه الزيارة. وفي هذا السياق يرجح المتتبعون المغاربة من أن تكون هذه هي المسوغات الموضوعية للانتعاشة الزائدة في الدبلوماسية المغربية الكويتية خلال الأيام القليلة الماضية. حيث تباحث كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، محمد أوزين، بالرباط، مع أعضاء وفد مجموعة الصداقة البرلمانية الكويتية المغربية، همت سبل تطوير العلاقات بين البلدين. وأكد الوزير المغربي عقب هذه المحادثات أنه تمت مناقشة آفاق تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين واستعراض إمكانيات النهوض بالمبادلات التجارية الثنائية. وهو ما أكد عليه النائب بمجلس الأمة الكويتي، خالد السلطان العيسى عزم بلاده مواكبة المسلسل التنموي للمغرب عبر تعزيز الاستثمارات الكويتية في المغرب. وتواصلت المشاورات بتحركات الدبلوماسية البرلمانية المغربية الكويتية مع الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان المغربي، حضرها سفير دولة الكويت بالرباط محمد صالح الذويخ، حيث تم تداول سبل تقوية العلاقات بين مجلس الأمة الكويتي والبرلمان المغربي بغرفتيه في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما أجرى النائب الثالث لرئيس مجلس النواب لحسن الداودي، مباحثات مع وفد عن مجموعة الصداقة البرلمانية الكويتية المغربية، تمحورت حول سبل تعزيز التعاون بين البلدين. وقال البرلماني المغربي لحسن الداودي عقب هذا اللقاء الذي حضره سفير دولة الكويت بالرباط، أن زيارة الوفد البرلماني الكويتي للمغرب تشكل مناسبة لتجديد التواصل وتوثيق العلاقات بين البلدين الشقيقين، داعيا إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية حتى ترقى إلى المستوى المنشود. كما شدد من جانبه، مبارك الخرينج رئيس الوفد الكويتي، على أهمية العلاقات المتميزة والعريقة التي تجمع الشعبين الكويتي والمغربي، معربا عن الأمل في أن تتعزز أكثر على المستوى الاقتصادي. ومعلوم أن مصادر إعلامية مغربية كانت قد تحدثت في وقت سابق عن التطور المضطرد الذي تعرفه الاستثمارات الكويتية في المغرب. وأشارت أن عددا من المراقبين أرجعوا تركيز الاستثمارات الكويتية لرؤوس أموال الهامة داخل المغرب في الوقت الراهن، إلى الإمكانيات الهائل للنجاح المتوفرة فيه، حيث دلت فترة الأزمة الاقتصادية العالمية بأنها لم تكن لها تأثيرات سلبية على الاستثمارات الخارجية بالمغرب، أو بالأحرى كانت الأخف منه في الدول الأوربية. وعزز المراقبون تفسيراتهم هذه بنتائج الدراسات الرقمية التي أوضحت أن المستثمرين في المغرب لم تسجل لديهم اختلال مالية كبيرة في رقم معاملاتهم، وهو مما يشجع اليوم تزايد الاستثمارات الخليجية عموما في المغرب. وقد تعزز مؤخرا الاستثمار الكويتي بالمغرب بما أعلنه رئيس مجلس إدارة الشركة الهارون في مدينة فاس أن شركة (التعمير للاستثمارات العقارية) بصدد دراسة وتنفيذ مشاريع أخرى في المغرب على مستوى أكبر في أفق جعل (التعمير) الشركة الإقليمية "الرائدة في حقل إدارة الضيافة والترفيه"، مضيفا أن مجموعته ستحدث مقار لسلسلتها الدولية "رامادا" بكل من مدن الدارالبيضاءومراكشوالرباط وأكادير وفاس. وفي استقراء للتطورات الأخيرة التي عرفها قطاع المال والأعمال الكويتي بالمغرب، أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين أن الاستثمارات الكويتية حظيت بتشجيع مغربي كبير في سياق تطابق وجهات نظر البلدين في مختلف القضايا السياسية، وأوضحوا أن القفزة الحقيقية لتنامي الاستثمارات الكويتية بالمغرب بدأت مع الزيارة التي قام بها أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح للمغرب، وأشرف حينها بمدينة مراكش رفقة العاهل المغربي محمد السادس على مراسيم توقيع عدد من اتفاقيات التعاون بين البلدين، وهمت قطاعات الزراعة والثروة السمكية والملاحة البحرية والتجارية والإسكان والتعمير والبنيات التحتية والاستثمار. كما تم التوقيع أيضا على اتفاق قرض مشروع خاص بالطريق السريع فاسوجدة يوافق بموجبها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية على أن يقدم للشركة الوطنية للطرق السيارة قرضا يوازي 15 مليون دينار كويتي. وتم التوقيع أيضا على مذكرة تفاهم لتأسيس شركة «الأجيال المغربية الكويتية» والتي سيعهد إليها بتطوير المجمعات السكنية وعمل البنية التحتية للمشاريع العقارية في مختلف المدن المغربية. ومنذ ذلك الحين والعلاقات العلاقات الاقتصادية بين الرباط والكويت تتطور بفضل مساهمة الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية في مشاريع ذات صبغة تنموية طالت المجال الزراعي والطرق السيارة وبناء السدود والبنيات التحتية... حيث بلغ مجموع هذه المشاريع، إلى حدود عام 2006، أزيد من 31 مشروعا بقيمة مالية تجاوزت مليار دولار. وذهبت تصريحات الفاعلين السياسيين المغاربة والكويتيين وفي سياق التأصيل للعلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى التأكيد بأن الاستثمار الكويتي في المغرب قد انطلاقته بتأسيس أول مجموعة مغربية كويتية عام 1976، والتي قامت منذ ذلك التاريخ بانجاز عدة مشاريع في مجالات مختلفة، سياحية وعقارية ومالية. وتربط المغرب والكويت عدة اتفاقيات مالية وتجارية وثقافية وسياحية وتقنية، ويحرص الجانبان على انتظام التئام اللجنة العليا المشتركة التي أنشئت في 28 يونيو 2001. ويرى عدد من المحللين الاقتصاديين أن حجم الاستثمارات الكويتية بالمغرب قد يتطور إلى أرقام قياسيا، وقد ينافس حجم الحضور الإماراتي في المشاريع والأوراش المغربية الكبرى، وعزوا ذلك إلى الاستراتيجية الجديدة للهيئة الكويتية العامة للاستثمار في التنمية الاقتصادية في المملكة المغربية، التي سارعت إلى تأسيس صندوق استثماري في المغرب بقيمة مالية تناهز 200 مليون دولار. وتوقعوا تبعا لذلك أن ترتفع قيمة الاستثمارات الكويتية في الأعوام القليلة القادمة إلى 700 مليون دولار بتنوع وتعدد المشاريع والأوراش الكبرى التي أطلقها المغرب، وفي هذا الصدد وقع صندوق التنمية الكويتي وشركة البترول الكويتية وقعا اتفاقية لانجاز رصيف ضخم لتخزين المحروقات بالتعاون مع شركات مغربية وإماراتية في ميناء طنجة باستثمارات تصل إلى نحو 67 مليون دولار أمريكي. ويرى عدد من المتتبعين أن المغرب تطور حجم الاستثمارات الكويتية، يأتي أيضا في إطار الإصلاحات التي قام المغرب بها في المجال الضريبي، وحينما قام بخفض قيمة الدرهم المغربي، إضافة إلى الامتيازات التي تقدمها المملكة المغربية لتشجيع الاستثمارات العربية والأجنبية، ومنها الكويتية لإقامة مشاريعها في المغرب وخاصة الاستثمارات التي تزيد على 20 مليون دولار حيث يحصل أصحاب هذه الاستثمارات على امتيازات ضريبية وجمركية من خلال عقد اتفاقيات مع الحكومة المغربية. هذا وتسهم الاستثمارات الكويتية أيضا في إنعاش الاستثمارات العربية البينية، فقد بلغ حجم استثماراتها في السودان سنة 2006 إلى أزيد من مليار دولار أمريكي تشمل استثمارات في عدة قطاعات من أهمها قطاع الاتصالات وقطاع النقل وقطاع الثروة الحيوانية، كما بلغ حجم هذه الاستثمارات في سوريا حتى منتصف العام الماضي 2006 نحو 1.3 مليار دولار أمريكي. [email protected]