ثلاث كلمات سلبن من ثقافتنا غصبا فوجب إعادتهن غصبا ثلاث كلمات لو حافظنا عليهن حافظنا على أخلاقنا وعلى أنفسنا وهويتنا من الضياع، ولو أضعناهن، ضاعت أخلاقنا وضعنا وسط دوامة شهوات ونزوات وغرائز مُشَكَّلَةٍ في كعكة تسمى الحريات الفردية يتقاسمها كل من سئم من دستور ودين اسمه الإسلام، دوامة لا منفذ لها ولا طريق منها إلى عودة... ثلاث كلمات هن الأساس وهن المقياس وهن المرجع والفاصل بين الحق والباطل والخطأ والصواب، وهن مدخل التربية ومسطرة التقويم، يخبين في طياتهن فلسفلة الجهر بالحق وستر الباطل حتى يبقى باطلا وينقلب ذلا وهوانا على من ارتكبه في الظلام... هن ثلاث كلمات، مَنْفَذ ومنقذ ما يضيع من هويتنا وحيائنا وما يهدر من أخلاقنا وديننا وما يُجهر به من فحش سواء بالسلب أم بالإيجاب، جهر بغرض الجهر فالتطبيع... ثلاث كلمات هن: حشومة، عيب، سكُت وقهن على الليبراليين كوقع الكحول على الجرح، يلسع ويحرق ثم يطهره ويقفله أفظع ما يمكن أن يحدث لمجتمعنا على عتبة الانفتاح الذي لم يؤخذ منه غير الآفات والأوبئة هو عادة الجهر بالسوء. وكان واجبا على الدولة منذ أن بدأنا نرى أولى الهجمات على الدين ومقدسات هويتنا المغربية الإسلامية هو وضع عقوبة لكل من جهر بفحش أو أكثر الحديث عن المحرمات (الطابوهات) بإفراط سواء بغرض الدفاع أم التغريق، فأما إن أكثر من الكلام عنها بغية تثقيف الناس وجب الصد والردع، وإن كان بغية إجبار الناس على تقبل الرِّدَّة عن الدين أو غرائز حيوانية شهوانية وجب العقاب، وإن كان بغية نشر الفتنة في الناس وجب النفي من الأرض. وهذا كما يحدث في كل مرة رأينا أحدا يتطاول على مقدسات الوطن، فيختفي حينا الكاتب والمكتوب. وأما ما نراه من هدر للكلام في القذف والشتم أمام العيان وفي الملأ، وما نقرأه في كل مرة من وصف مفصل معدل للخوارج عن الدين والملة وشين أفعالهم، فمهما كانت بلاغة الكاتب في الهجاء والانتقاد يبقى مقاله هادفا للتطبيع والاعتياد على تلك الفضائح والمساوئ بكثرة الحديث عنها ومن ثم جعل القارئ يتعود على وجودها وسط المجتمع. وأقول للأطفال والمراهقين الذين تاهوا وسط ثقافة التلفاز والنت وللشباب الضائع الذي لم يعد يستوعب ما يجري وسط مجتمعه من تناقضات تجعل من محدثات صنعتها سياسة الانحلال والتفسخ حريات فردية وجب تقبلها والتعايش معها: إذا كان أمر تحليل المحرمات والجور على حرمات الدين قد كرهت عواقبه دينا وفي المجتمع، فما بالكم بمن يغير في الطبيعة، ويبدل في الفطرة، ويحول الغريزة من مسلمة جبل عليها الإنسان والحيوان على حد السواء إلى منظور شيطاني يتبرأ منه كل من على الأرض، فلا تجد له مثيلا لا في البر ولا في البحر، إلا عند نوع من البشر تجردوا من إنسانيتهم وتلبس بهم الشيطان ليمتثلوا له ويتمثلوا به وينهجوا نهج من سبقهم من أقوام اندثرت لشين فعلها وكريه سمعها. فهل هناك من اختلاف أجلى وأوضح وأكثر طبيعة من ذاك الذي يفرق بين الرجل والمرأة، وهل هناك في طبيعة الكون تباين أعمق وأكبر من ذاك الذي يصنف الذكر والأنثى، نظام رباني طبيعي حتمي لا يمكن لعاقل أو لأحمق أو حتى لبهيمة أن تنكره أو تتغافل عن وجوده، يقوم عليه توازن وتراص في مسار ووظائف الخلائق. فإذا وحدنا التباين وألغينا الاختلاف ومحونا الفرقات اختل نظام الكون، فلن يبقى للذكر هدف من شكله ولا غرض من قوامته ولا جدوى من رجولته، ولن يبقى للمرأة دعوى لأنوثتها ولا أساس لوظيفتها ولا مغزى من شكلها الأنثوي. ولن يظل لدور الزواج أو حتى التزاوج الذي أنيط به منذ بدء الخلق مراد أو غاية، فقد خلق الله الزوجين الذكر والأنثى للتوالد وتكاثر الخلق والنسل بهدف الاستمرارية، وهي طبيعة كل مَن مِن شئنه أن يأكل ويمشي على الأرض، فإذا خلا الزواج من هذا المبتغى تدنى أمره وتهاوى مقصده. الخوض في الأمر وأَخبَارِه وأتباعه بإفراط والتعليق عليه والتحدث عنه أكثر مما ينبغي هو خلل وعلة تضاهي علة الأمر نفسه، لذلك وجب التحذير من كثرة الحديث فيه، وتحاشي ذكر اسمه، حتى لا تتعود عليه الأذن، ويظل اسما يفزع ويهيج مشاعر الاستفزاز والنفور حين سماعه، وهذا أمر كل الطابوهات التي هي كذلك ويجب أن تبقى كذلك، طابوهات لا أمل لها في الترقية والصعود إلى السطح بالحديث عنها، وإنما مكانها في الأسفل في الظلام والخلاء وراء أعين الناس، حتى يتم استئصالها كليا كورم خبيث من المجتمع. ووجب على كل فرد منا، مع نفسه وأطفاله وكل رعية هو مسؤول عنها أن يعيد لف هاته المحرمات والطابوهات من جديد في قالب "حشومة وعيب" إلى الأبد، وسيظل كل من يمارسها أو يفكر في التقرب منها أو يتقبلها إنسان لا يعرف لا حشومة ولا عيب، منعدم التربية والأخلاق والقيم، إنسان منبوذ مكانه خارج المجتمع. ونظل وأطفالنا في مأمن من شعيرات ذاك الورم، مطمئنين على مبادئنا وأخلاقنا من أن تمس وتمرض فتفسد ويفسد معها حاضرنا ومستقبل أطفال مسؤولون منا، تربيتهم أمانة بين أيدينا، وتنشئتهم في أحسن نشأة عهد في أعناقنا. أمور الليبراليين وحرياتهم الفردية أمور حشومة وعيب، ويستحسن السكوت والابتعاد عن كثرة الحديث عنها لأن الحديث عنها هو مقصدهم وهدفهم، فلا حديث ولا تطبيع. [email protected]