قال الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري محمد الأبيض، إن حزبه واجه في كل من مدينتي الدارالبيضاءومراكش «منافسة شريفة» من أجل الظفر بعمودية المدينتين، مفسرا فشل الاتحاد الدستوري في الحفاظ على عمودية مراكش «لحدوث خلل ما ستتولى الأجهزة الحزبية المحلية والمركزية استبيان أسبابه وعناصره». ومن جهة أخرى قال محمد الأبيض في حوار ل «المساء»، إن الاتحاد الدستوري الذي يوجد في المعارضة، لم يتلق أي عرض من حكومة عباس الفاسي قصد المشاركة فيها خاصة بعدما فضل حزب الأصالة والمعاصرة الخروج إلى المعارضة. - شهد المغرب يوم 12 يونيو انتخابات جماعية، ما هو تقييمكم لهذه الانتخابات وما تلاها من انتخابات رؤساء الجماعات وتشكيل المكاتب؟ < أعتقد أن الانتخابات الجماعية الأخيرة شكلت محطة متميزة في المسار الديمقراطي العام لبلادنا، وتقييمها موضوعيا يحتاج إلى مسافة زمنية لاستخلاص كل الدروس واستيعاب كل الرسائل والإشارات التي بعث بها الناخبون إلينا، بعيدا عن أي مؤثرات ذاتية أو أي مشاعر ظرفية. وعلى كل حال، فيمكن القول إن الانتخابات مرت عموما في أجواء سليمة وإن نتائجها لم يطعن فيها أحد، وهي بذلك ملزمة للجميع. بالطبع كنا ننتظر أن تساهم هذه الانتخابات في تحقيق الانسجام داخل الأغلبيات المحلية، حتى تتحقق الفعالية والسرعة في التدبير وحتى نقطع مع مسلسل الأغلبيات المحلية الهجينة التي عطلت بما يكفي مردودية الجماعات، ولكن ذلك لم يحصل لأن التشتت لازال نسبيا هو السمة الغالبة على الخريطة السياسية المحلية. صحيح أن تطبيق عتبة 6 % أعطى دفعة نوعية في اتجاه الحد من التفتت، ولكن نمط الاقتراع كرس إلى حد ما هذا التشتت مما لم يساعد على تحقيق هذا الانسجام الذي كنا نرغب فيه. - هل أنتم مرتاحون لحصيلة حزبكم في هذه الانتخابات الجماعية؟ < نعم يمكن القول إننا مرتاحون نسبيا لأن النتائج التي حصلنا عليها بالقياس مع نسبة التغطية كانت جد مشجعة، خصوصا وأننا اخترنا التعامل، في تغطية الدوائر، بمنطق الكيف وليس بمنطق الكم. ومرتاحون أيضا لأننا حافظنا نسبيا على مواقعنا، وأخيرا لأن الوتيرة التصاعدية في تحقيق النتائج الإيجابية مستمرة بالنسبة لحزبنا في كل محطة انتخابية، وهو ما يعتبر مؤشر ثقة من طرف المواطنين. وأنا واثق لو أننا اجتهدنا أكثر في تغطية مزيد من الدوائر لحصلنا على نتائج أحسن وأعتقد أنه ستتاح لنا فرصة تقييم الحصيلة الحزبية بعمق داخل الهياكل المختصة للاتحاد الدستوري. - هل تعرض حزبكم لمحاربة من جهة سياسية ما؟ وما هو تفسيركم لما وقع في كل من الدارالبيضاء والرباط؟ < أولا، لا بد أن أشير إلى أن الاتحاد الدستوري خاض في كل من الدارالبيضاءومراكش منافسة سياسية شريفة وبكل ما تحمله كلمة منافسة من معان نبيلة، لم تكن لنا معارك أو عداوات مع أحد لذلك فقد وضعنا استراتيجياتنا الأولية وجعلناها قابلة للملاءمة مع التطورات المحتملة وقد نجحت هذه الاستراتيجية في الدارالبيضاء، إذ حصلنا على العمودية وعلى عدد مهم من المقاطعات ولم تنجح في مراكش لحدوث خلل ما ستتولى الأجهزة الحزبية المحلية والمركزية استبيان أسبابه وعناصره. وعلى كل حال فالنتائج التي حصل عليها الاتحاد الدستوري من صناديق الاقتراع في مراكش كانت جد مرضية وبوأته المرتبة الأولى. وما أريد أن أؤكد عليه هنا أن الاتحاد الدستوري يلتزم بحكم صناديق الاقتراع أيا كانت النتيجة فمن هنا تبدأ الديمقراطية، ولا سبيل إلى البحث عن مشجب نعلق عليه نتيجة لا ترضينا، بل علينا أن نراجع أنفسنا، هذه أخلاقنا وهذه ثقافتنا وعلى الجميع أن يلتزم بهذا السلوك. - ما هي القراءة التي يمكن أن تقدموها للمشهد السياسي على ضوء النتائج الانتخابية الأخيرة؟ < هناك في اعتقادي عنصران أساسيان يبرزان من خلال قراءة أولية للمشهد السياسي الوطني على ضوء نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة. أولهما ما لاحظه الجميع من ظهور إرهاصات بناء تحالف سياسي ثابت يقوم على التقارب في التوجهات والمنطلقات الفكرية، وهو ما كنا ندعو إليه دائما. بالطبع، نظرا لطبيعة الانتخابات ونوعية النتائج لم يتسن لهذا التحالف أن يتبلور على أرض الواقع ولكن الساحة السياسية سجلت هذه الإرادة وهذا الإصرار الذي أبدته أطراف سياسية معينة تريد أن تخرج بالمغرب من مرحلة فوضى التحالفات. العنصر الثاني هو التعبير الواضح للناخبين عن التوجه السياسي العام الذي يختارون التعامل معه في تمثيلهم وتدبير شؤونهم. والأرقام والنسب التي تمخضت عنها النتائج تدل على أن المواطن مستعد للتعامل مع حاملي المشروع المجتمعي الداعي إلى قيم الحرية والحداثة والكرامة الإنسانية، أي القيم الليبرالية التي تهتم بالإنسان في تكوينه وتأهيله وتعليمه وجعله متكفلا بذاته لا عالة على غيره. - حزب الأصالة والمعاصرة سحب دعمه للحكومة التي أصبحت بدون سند عددي فهل هناك اتصالات تمت معكم كحزب للإلتحاق بالتحالف الحكومي؟ < لابد أن أشير هنا، إلى أن الاتصالات بين الأحزاب السياسية على اختلاف مشاربها هي اتصالات دائمة ومستمرة سواء على مستوى قيادييها بصفة عامة أو على مستوى الأمناء العامين لهذه الأحزاب. بالطبع، الآن، الكل يعلم أن الحكومة الحالية، يمكن أن تصبح بدون أغلبية، وهو أمر يتداوله الجميع داخل الساحة السياسية الوطنية وعلى مختلف المستويات ما يمكن أن أقوله بهذا الخصوص، هو أن الاتحاد الدستوري ملتزم بمقتضيات الدستور فيما يخص المؤسسة الحكومية وبهذا المعنى يمكنني القول إننا لم نتلق أي اتصال رسمي بهذا الشأن، وبطبيعة الحال إذا ما كان هناك اتصال من هذا النوع سنعمل على استدعاء الهياكل الحزبية المختصة للتشاور معها في الأمر واتخاذ القرار المناسب.