دخلت الأحزاب السياسية في «حرب استباقية» حول تسيير المدن الكبرى على بعد أقل من 4 أشهر عن موعد الانتخابات الجماعية المرتقب إجراؤها في ال12 من يونيو القادم. ففي الدارالبيضاء لا يخفي الاتحاد الدستوري طموحه في تسيير هذه المدينة لولاية جماعية ثانية، رغم الانتقادات التي وجهت إلى أداء عمدتها محمد ساجد، سواء في ما يخص تدبير ملف ليديك أو في ما يخص تعثر الأشغال الجارية بشوارع المدينة. وفي هذا السياق، قال الأمين العام للحزب محمد أبيض إنهم، في الاتحاد الدستوري، راضون عن حصيلة المنجزات في الدارالبيضاء، التي تفرض عليهم مواصلة الأوراش المفتوحة في هذه المدينة، مشيرا في اتصال مع «المساء» إلى أن الدارالبيضاء لها خصوصية وتتطلب عملا يوميا ونفسا طويلا. وفي الوقت الذي تؤكد فيه بعض المصادر من داخل الاتحاد الدستوري أن محمد ساجد واحد من الأسماء المرشحة للتباري على عمودية الدارالبيضاء، رفض أبيض الخوض في هذه القضية، وقال «إن الأمر موكول في مثل هذه القضايا إلى المكتب السياسي للحزب». وينتظر أن يدخل في السباق نحو مقعد عمدة البيضاء عن حزب الاستقلال كل من كريم غلاب وزير النقل والتجهيز، الذي يشغل أيضا منصب رئيس مقاطعة سباتة، وياسمينة بادو وزيرة الصحة، أما في العدالة والتنمية، فتدفع قيادة الحزب في اتجاه دعم عبد الرحيم وطاس، الذي يشغل حاليا منصب نائب العمدة بمجلس المدينة. وقال قيادي من العدالة والتنمية إن حزبه يراهن على تسيير الدارالبيضاء بعد أن راكم تجربة قرابة 5 سنوات من المشاركة في التسيير الجماعي، غير أن مصدرنا استدرك قائلا «لكن المشكل الذي يعترض طموح الأحزاب في تسيير المدن الكبرى أو حتى المدن الصغرى في بعض الحالات ليس مرتبطا بإرادة الناخبين، وإنما هو مرتبط بإرادة وزارة الداخلية»، مشيرا في هذا السياق إلى واقعة عزل بلكورة عن العدالة والتنمية من رئاسة مجلس مكناس بناء على خروقات موجودة في كل المدن المغربية. وفي الرباط، يجري الحديث عن صراع بين كل من إدريس لشكر وفتح الله ولعلو عن الاتحاد الاشتراكي للظفر بمقعد رئاسة مجلس العاصمة الإدارية للمغرب، غير أن مصدرا مقربا من لشكر قال إن الأخير لم يعد يأمل في إصلاح المشهد السياسي، خاصة بعد المؤتمر الأخير لحزب الأصالة والمعاصرة الذي استطاع أن يجمع 5000 مؤتمر في بوزنيقة معظمهم لهم سوابق في الفساد الانتخابي. ولا يستعبد مصدرنا أن يتفرغ لشكر لمهنة المحاماة بدل التفرغ للعمل السياسي، الذي لم يعد له طعم في مرحلة ما بعد حكومة عبد الرحمان اليوسفي. حزب الحركة الشعبية هو بدوره يراهن على الاحتفاظ برئاسة مجلس مدينة الرباط في شخص عمر البحراوي، وقال امحند العنصر الأمين العام للحزب إن حزبه سير العاصمة الإدارية للمغرب بمثالية عالية يشهد بها الخصوم قبل الأصدقاء، مشيرا إلى أن حزبه سيحرص على أن يدبر شؤون المدينة لفترة جماعية أخرى، لأن المنطق يفرض ألا نغير الحصان الرابح. أما في طنجة، فينتظر أن يحتدم التنافس على عمودية المدينة بين كل من عمدتها الحالي حسن الدرهم، عن الاتحاد الاشتراكي، ورجل الأعمال عبد السلام الأربعين، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، ونجيب بوليف، عن العدالة والتنمية، فيما لا يستبعد أن تدخل أسماء أخرى على خط السباق رغم أنها كانت ممنوعة من الترشح بقرار من وزارة الداخلية بعد شكوك حول مصدر ثروتها. وإذا كان بوليف قد اعتبر، في تصريح ل«المساء»، أن طموح حزبه إلى تسيير هذه المدينة هو طموح مشروع باعتباره الحزب الذي حصل على أعلى نسبة من الأصوات في طنجة في آخر استحقاق تشريعي، فإنه لم يتردد في القول بأن المحدد في تقلد مثل هذه المسؤوليات ليس هو فقط الرصيد الانتخابي للمرشح وإنما المحدد هو القرب أو البعد من وزارة الداخلية. ويبقى حميد شباط، العمدة الحالي لفاس، عن حزب الاستقلال، حسب أكثر من مصدر، هو المرشح الوحيد لرئاسة عمودية هذه المدينة من جديد على الرغم من وجود خصم مثل لحسن الداودي، عن حزب العدالة والتنمية، فيما تقول مصادر مقربة من شباط إن الأخير يعتبر فاس قلعة استقلالية وستبقى كذلك مادام هو على قيد الحياة. وفي مراكش، قطع عمدتها الحالي عمر الجزولي أشواطا بعيدة في تهيئة خارطة طريق نحو رئاسة عاصمة النخيل، إذ تحدثت بعض المصادر عن وجود أكثر من 4 لوائح جاهزة لدعمه في هذا السباق، غير أن التحدي رقم واحد بالنسبة إلى الجزولي هو دخول مرشح مقرب من دوائر القرار على خط السباق. ويتعلق الأمر بحميد نرجس، من حزب الأصالة والمعاصرة، فيما تحدثت مصادر أخرى أيضا عن منافس ثالث متمثل في رجل الأعمال البنين الذي منحته السينغال صفة قنصلها الشرفي في مدينة مراكش نظرا إلى حجم استثماراته في دولة السينغال.