في الواقع، أنا لست من هواة التعاليق على الأخبار المنشورة في هذا الموقع الإلكتروني الإخباري الجيد، واهنئ القائمين عليه، لكن وفي ظل غياب منبر حر للتعبير عن مشاغلنا تجاه الوطن، ونظرا كذلك لكون الكلام المنشور استفزني كثيرا عند ما قرأته خاصة وأنه صادر عن جهة إعلامية مغربية رسمية مسؤولة أمام المغاربة كلهم(و .م. ع) وأكد بالملموس ضعف الذاكرة لدى مسؤولي الوكالة خصوصا وأن كأس العالم 2010 على الأبواب وهي التي كان المغرب سنال شرف احتضانها لولا حنكة ووعود توجيهات "صديق المغرب" السيد بلاتر الذي كان قطعها على نفسه بمنح جنوب أفريقيا تنظيم كأس العالم 2010، وهو الذي وصفنا مباشرة بعد الإعلان عن اسم البلد المنظم " بأناس لا يتمتعون بالروح الرياضية". وإذ نتمنى لجنوب أفريقيا تنظيما ناجحا، لا أخفي عليكم أنني زرت البلد منذ أسابيع فقط، ووقفت عن كثب عن مدى انعدام الأمن بشكل لم أشهد له مثيل، حيث التحذيرات من السلب والنهب والجريمة في كل مكان!! ثم إن فترة كأس العالم في يونيو/ يوليو للعلم تصادف موسم الشتاء والأمطار وانخفاض في درجات الحرارة تصل في مدينة ديربان مثلا إلى درجات دنيا لا تزيد على 5 درجات!! والكل يعلم جمالية الطقس المتوسطي في بلدنا الحبيب في هذه الفترة. أضف إلى كل ما سبق، أن بلاتر صديقنا العزيز لم يراع جزئية مهمة أيضا في منحه التنظيم لجنوب أفريقيا وهي فارق التوقيت الزمني عن أوروبا وباقي دول العالم ثم طول الرحلات الجوية وغلاؤها وفوضى الأسعار العارمة في مدن جنوب أفريقيا والمضاربة في أثمنة الفنادق التي تجاوزت كل الأرقام جعلت الجماهير الأوروبية وحتى الميركية والآسيوية تفكر مائة مرة قبل حجز تذكرة المباريات وإن فعلت فلن تتعدى المباراة الواحدة أو مبارتين ، في حين أن أبعد نقطة في دول أوروبا عن المملكة المغربية لا تتجاوز 3 ساعات!! وللعلم فقط قابلت السيد بلاتر خلال جولته الأخيرة في الخليج والتي بدأها من السعودية عندما أحس بمنافسة الصوت العربي محمد بن همام، في خطوة ذكية منه لخلق الفتنة والتصدع الذي كان ولع شرارته في كأس الخليج بعمان بين بن همام وسلمان بن خليفة والتفرقة التي كان زرعها بينهما بإقحام السعودية والكويت! وقد بدا واضحا أن بلاتر كان يعد لحملته الانتخابية بطريقة يلعب فيها دور الذكي، لكني هنا أود أن أحق الحق وأحيي الأمير سلطان بن فهد رئيس الاتحاد العربي والسعودي لكرة القدم عندما قال إنه في حال ترشح الصوت العربي محمد بن همام فإنه لا مجال في مناقشة صوت المملكة. بن همام اتهمه كثير من المغاربة بالوقوف ضد ملفاتنا السابقة، والواقع أن الرجل صاحب نخوة وانتماء عربي منقطع النظير ولم يسبق أن وقف ضدنا في أي تصويت على الرغم من أن ملفنا كان دائما يقدم نفس الملاعب والماكيتات دون أي تقدم رغم أننا تقدمنا لاحتضان الحدث منذ بداية التسعينيات، إلا اننا وفي 2006 لم نضف حجرة ملعب واحد!!! وقد قال لي بو جاسم(بن همام) في حديث ودي معه" جماعتكم كانوا دائما يحرجوننا بعدم جاهزيتهم، ولكني اشهد امام التاريخ أن صوتي كان دائما معهم على رغم كيل التهم لي!!!". وها هو صديقنا بلاتر الذي يحبنا إلى حد العشق الجنوني!! يدق باب المملكة عبر استقبال الفاسي الفهري الذي بدا في الصورة بابتسامته العريضة لنيله شرف استقبال بلاتر وهو الذي وصفه بعدم الاحترافية في تقديم الطعون عندما اوهم المغاربة بأن 3 نقاط مباراة توغو لتصفيات المونديال في الجيب!!! بلاتر حاول اللعب مع الكبار في كلامه وأورد في التصريح كما جاء في قصاصة وكالة المغرب العربي اسم جلالة الملك وشكره حتى يبين مكره في دخول صوت المغرب من أوسع الأبواب، ونحن نقول له إن ذاكرتنا ليست ضعيفة لهذا الحد يا بلاتر واننا سوف نطور كرتنا بإمكانيات البشرية الهائلة ولا حاجة لمساعداتك السخية، وأنصحه بتوجيهها لجنوب أفريقيا فهم فعلا في حاجة لها في هذه الظروف قبيل المونديال، أما المغرب فتاريخه الرياضي يؤكد منذ الأزل أنه بلد ولاد للنجوم الكبار وما يحتاجه هو التدبير الجيد والمسؤولين المحترفين بمعنى الكلمة ومنح الفرصة لأبناء الشعب للتعبير عن كفاءاتهم وخاماتهم الكبيرة وحينها سنرى عودة الجيل الذهبي لا بدعم بلاتر ومن سواه. معدننا أصيل يا بلاتر وذاكرتنا قوية وبلدنا جميل وشبابنا أهل للتحدي وسنسترجع مكانتنا الكروية العالمية بدون دعمك. وأرجو أن لا يقع الفاسي في خطأ تاريخي بوعد بلاتر بصوتنا، فهذه أمانة يحملها له الشعب المغربي قاطبة ومنحه له يعتبر خيانة واستهتار بمشاعر المغاربة الذين غاضهم بلاتر باختياره جنوب أفريقيا بالأمس. *صحافي مغربي مقيم في قطر