بعد مرور أزيدَ من مائةِ سنة على استصدار أوّل نصِّ قانونٍ يُعنى بالتهيئة والتعمير في المغرب، وفي ظلّ المشاكل والصعوبات والاكراهات الكثيرة التي تكتنفُ الترخيص بالبناء في العالم القروي، نظمت وزارة التعمير وإعداد التراب الوطني، اليوم، لقاء دراسيا حول تأطير التعمير في العالم القروي، يرومُ إصدار توصيات تهمّ إصلاح النصوص القانونية والتنظيمية المؤطرة للبناء في العالم القروي. وقال وزير التعمير وإعداد التراب الوطني، امحند العنصر، خلال الكلمة التي ألقاها في افتتاح الجلسة الأولى للقاء الدراسي، إنّ واقع حال العالم القروي، الذي يشكّل البنية الأساسية للتراب الوطني، بنسبة 90 في المائة من المساحة الإجمالية للمغرب، ويقطنه 45 في المائة من إجماليي الساكنة، يستدعي تضافر جهود جميع الفاعلين، من أجل إحداث مرافق القرب الضرورية، وتوفير سبل العيش الكريم؛ وأضاف أنّ تنمية العالم القروي "تكتسي أهمية بالغة في البرنامج الحكومي، وبرنامج عمل وزارة التعمير وإعداد التراب الوطني". ورغم التمدّن السريع الذي شهده المغرب، خلال السنوات الأخيرة، ما زال العالم القروي يُعتبر المحور الأساسي للبنية الترابية والاقتصادية للمغرب، سواء من حيث المساحة، أو نسبة السكّان؛ وعلى الرغم من المؤهّلات التي يزخر بها العالم القروي، في الثروات والمجالات الطبيعية، إلا أنّه يعاني من مجموعة من الاختلالات، تتجلى، بالخصوص، في الهشاشة والعزلة والخصاص على مستوى التجهيزات والخدمات الأساسية ومراق القرب، حسب الورقة التقديمية للقاء الدراسي. وتتوزع أشغال اللقاء الدراسي حول وثائق التعمير بالعالم القروي على ثلاث ورشات، تناول الأولى موضوع وثائق التعمير، والتي بلغت نسبة تغطيتها في العالم القروي 62 في المائة، إلا أنّ هذا الرقم، حسب دراسات أنجزت في هذا الصدد، يُخفي ضعفَ نسب إنجاز المرافق والفضاءات العمومية المبرمجة في وثائق التعمير، والتي لا تتعدّى نسبة 20 في المائة، بالنسبة لتصاميم التهيئة، وأقلّ من 10 في المائة بالنسبة لمخططات الكتل العمرانية القروية. وتحضر إشكالية الهجرة وما تفرزه من ضغط عمراني في التجمعات القروية بضواحي المدن، في الورشة الثانية من اللقاء الدراسي، حيث تروم الورشة تقييم حصيلة البرنامج الذي وضعته وزارة التعمير وإعداد التراب الوطني، حول تأطير عملية البناء في المجال القروي، وجعلها تتماشى مع الخصوصيات المحليّة، في إطار تعاقدي بين الوكالات الحضرية والمجالس الجهوية لهيئة المهندسين المعماريين والسلطات المحلية، تمكّن الساكنة من الاستفادة من تصاميم معمارية مجّانية؛ وفي السياق ذاته، تناقش الورشة الثالثة سبُل تبسيط مساطر الترخيص بالبناء في العالم القروي وتخفيف الأعباء المترتبة عن إلزامية الترخيص على الساكنة القروية.