نظرة تاريخية على التاريخ الذي نحيا فيه اليوم تكشف لنا بان هذا التاريخ ليس إلا مرحلة من بين مراحل التاريخ. مرحلتنا التاريخية التي نحيا ها حاليا جعلتنا نعتقد رغما عنا بان ما نراه صحيحا ليس صحيحا و نقوم رغما عنا بتعويض ما نراه صحيحا بما تفرضه علينا إيديولوجية مرحلتنا التاريخية. ثوابت المرحلة التاريخية التي نحيا فيها يحتكرها الرأسمال و قيم الرأسمال، و الرأسمال لا يفكرفينا إلا حينما يحتاج إلى فضاءات شاسعة لتوسيع استثماراته آنذاك فقط يلجأ إلى قيم المواطنة و حقوق الإنسان و يلجأ إلى حقوق الأقليات و حقوق الجماعات السياسية و الفكرية المختلفة و حينما يقف الرأسمال المحلي أو حينما تقف الجماعات السياسية الحاكمة في و جه هذا التوسع الرأسمالي تواجه هذه الجماعة السياسية المحلية و هذا الرأسمال المحلي جماعات سياسية و رأسمال دولي قوي وشرس القوى المحلية التي تستقوى على مواطنيهم البسطاء و على سياسييها المحليين يقومون بهذا الاستقواء بالاستناد إلى برامج و تصورات الرأسمال الدولي و بالجماعات المالية الدولية الشرسة. يحدث هذا بداخل الدول المسماة متقدمة و يحدث كذلك حتى بداخل الدول التي لا زالت تفصلها عن مرحلة الديمقراطية سنين عديدة. مأساة الدول التي مازالت بعيدة عن مستوى الديمقراطية، في بعض الأحيان لا تجد الجماعات السياسية المالية الدولية الشرسة ممثلين محليين لها فتعمد إلى خلق الفوضى و التوتر. المرحلة التاريخية التي نحيا بداخلها أثثتها خلال العشريتين السياسيتين الأخيرتين وجوه سياسية تتقاسم في ما بينها ملامح سياسية فاضحة يسهل التعبير عنها بسهولة. أحداث هذه المرحلة التاريخية عرفت بداياتها الأولى يوم 10 مايو 1994 مع استيلاء شخص يدعى سيلفيو بيرليسكوني على رئاسة الحكومة الايطالية لأنه حتى عند الشعوب المسماة ديمقراطية يتم الاستيلاء علنا على الديمقراطية امتد هذا الاستيلاء لثلاث ولايات و لازال مستمرا إلى اليوم؛ بعد سيلفيو بيرليسكوني استطاع طوني بلير هو الأخر الوصول إلى رئاسة الحكومة البريطانية سنة 1997 و البقاء فيها لثلاث ولايات تماما مثل سيلفيو بيرليسكوني حيث لم تنتهي هذه الولاية إلا سنة 2007 بعد ذلك انتقلت العدوى إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث أصبح يوم 20 يناير 2001 جورج بوش الابن رئيسا على الولاياتالمتحدةالأمريكية و دامت هذه الرئاسة ولايتين لان الدستور الأمريكي لا يسمح بولاية ثالثة. بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية انتقلت العدوى إلى فرنسا حيث استطاع مهاجر مجري أن يغير الملامح السلوكية لرئاسة الجمهورية الفرنسية غريب، ما بين الأب بوش و الابن بوش عاشت الولاياتالمتحدةالأمريكية ولايتين تحت رئاسة ديموقراطي اسمه بيل كلينتون و رغم ذلك لم يتعلم الابن بوش. الديمقراطي بيل كلينتون كان رئيسا فعليا لأنه رفض المجارات، أما الابن جورج بوش فكان مرؤوسا يؤتوه بصور الأقمار الاصطناعية المزيفة و يصنعوا بمنصبه الرئاسي المرحلة التاريخية التي نحياها جميعا. ما ينطبق على جورج بوش الابن ينطبق كذلك على توني بلير، بيرليسكوني و حتى ساركوزي ذو الملامح النابليونية الغدارة. من سوء حظ الأسبان فترة مرؤوسهم اثنار 2004/1996 واكبت هي الأخرى ملهاة صناعة التاريخ بالأقمار الاصطناعية فأدوا عنها الثمن غاليا من أرواحهم. الرئاسة السياسية بالنسبة للبعض ثقافة سياسية و بالنسبة للبعض الآخر تثاقف سياسي مع معطيات غير سياسية. مرحلة التثاقف اللاسياسي اقتربت إلى نهايتها سنة 2010و نصيبنا نحن المغاربة من هذا التثاقف اللاسياسي هو الجهاد في السلفية لقد أخطا من سمي التيار الديني الذي أرعب المجتمع و السياسيين بالسلفية الجهادية لان هوية هذا التيار هو الجهاد في السلفية و الزعيم النقابي المغربي المدعو شباط وعى هذه الخدعة وحمى السلفية من الجهادية عن طريق حماية مدينة فاس من الخمور؛ لأن السلفية هي السلعة التي يمررها لزبنائه خلسة... نصيبنا نحن المغاربة هو الجهاد في السلفية أما نصيب الايطاليين فهو الجهاد في العاهرات من طرف رئيسهم و نصيب الفرنسيين الجهاد في الزوجة التي أوصلت رئيس الجمهورية إلى منصب الرئاسة و نصيب الأمريكيين الجهاد في العراق و في أفغانستان مقطع التاريخ الذي نعيشه تعتبر سنة 2010 هي سنة نهاية كل مراحله. توني بلير استدعي إلى البرلمان لاستفساره على الكذب التاريخي في حق البريطانيين و بيرليسكوني نال ضربة على رأسه من احد الرجال و جورج بوش الابن لم يعد له وجود ليبقى نيكولا ساركوزي يعيش وحده مرحلة النهاية. [email protected]