يتطلع المسؤولون عن مجموعة إيرباص الأوروبية، العاملة في مجال صناعة الطيران، إلى رفع مستوى التعاون الذي يجمعهم بالحكومة المغربية لتوسيع الأنشطة الصناعية التي تقوم بها إيربَاص أصلا فوق تراب المملكة، لكنّ ذات المسؤولين لا يخفون تضايقهم من إحجام المغرب، ممثلا في شركته الوطنيّة للملاحة الجوّيَّة، عن اقتناء الطائرات التي يتمّ تصنيعها من لدن نفس المجموعة العملاقَة. فؤاد العطار، المدير العام لإيرباص بمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، أكّد أنّ المجموعة سبق لها أن دخلت ضمن اتصالات مع المسؤولين الحكوميين الحاليّين، منذ أزيد من سنة، من أجل "بحث سبل تعزيز وجود المجموعة الأوروبية في السوق المغربي والرفع من مستوى التعاون بين الطرفين" وفق تعبير العطار خلال لقاء خصّ به هسبريس. العطّار، وهو الذي اشتغل ضمن شركة الخطوط الملكية المغربية خلال ثمانينيَّات وتسعِينيَّات الألفيّة الماضيّة قبل أن يغادر "لاَرَام" صوب المجموعة الأوروبية الرائدة في صناعة الطيران، اعتبر أن هناك "آفاقا كبيرة يمكن استثمارها من طرف المغرب وإيرباص من أجل إرساء إطار مربح للطرفين". وأضاف ذات المسؤول لهسبريس: "نحن الزبون الأول لقطاع صناعة أجزاء الطائرات بالمغرب، وفي نفس الوقت لا يرقى مستوى معاملاتنا إلى اقتناء طائرات إيرباص". وفي معرض رده عن سؤال لهسبريس حول الأسباب التي لم تشجع المغرب على اقتناء طائرات إيرباص وضمها لأسطوله الجوي المدني قال العطّار إنّه "باستثناء شركة العربية للطيران، التي تشتغل بالمغرب ويضم أسطولها طائراتنا، فإن شركة لارام لا تتوفر على أي طائرة من هذا الطراز ضمن آلياتها الجويّة". ويبلغ عدد العاملين في "Maroc Aviation"، التابعة لمجموعة EADS التي تملك إيرباص، ما يقارب ال400 مستخدما ومستخدمة من المغرب، بينما يصل عدد المهندسين والعاملين المغاربة الذين يشتغلون مع شركات المناولة المتمركزة في المغرب، والعاملة مع إيرباص، ما يقارب ال8000 شخص. ولم يخفٍ فؤاد العطار، مدير عام ايرباص لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، وجود خلل في العلاقة التي يحتفظ بها المغرب اتجاه المجموعة، وضمن لقائه مع هسبريس علّق العطار ب "دبلوماسيَّة" على هذا المعطَى موردا: "عقدنا صفقة مع تونس، وبمقتضاها اقتنت الخطوط الجوية التونسية 5 طائرات لحد الآن.. كما قمنا بفتح فرع صناعي لنا عبر شركة AEROLIA كي نصنّع به مجموعة من أجزاء طائراتنا هناك". وحول ما إذا كانت إيرباص تشترط اقتناء المغرب لطائراتها من أجل توسيع شراكتها مع الرباط، ابتسم فؤاد العطار قبل أن يردّ: "لم أقل هذا.. لكننا في إيرباص نسعى لتعزيز علاقاتنا مع المغرب، خاصّة أن البلد يمتلك سوقا واعدة ومنفتحة على المستقبل.. نحن على استعداد لمواصلة تعزيز حضورنا في المغرب الذي يتوفر على فرص كبيرة تلوح في سماء السنوات المقبلة، لكننا، في نفس الوقت، نسعى لمواصلة مواكبة البلد في تطوير أسطوله الجوي، خاصة في ظل توجه شركة الخطوط الملكية المغربية نحو التوسع صوب القارة الإفريقية". وكانت ايرباص قد أعلنت، بداية العام الجاري، عن تحويل جزء مهم من نشاطها في مجال صناعة أجزاء الطائرات نحو المغرب، رادّة ذلك إلى الطلب المتزايد على طائراتها، خصوصا بعد الصفقات العديدة التي نالتها الشركة الأوروبيّة العملاقة. وينفي العطار أن تكون أثمان اقتناء طائرات إيرباص مرتفعة بالمقارنة مع بُوِينْغْ الأمريكيّة.. "قد يكُون هذا الأمر حقيقيا في الماضي، قبل 20 أو 25 سنة، لكننا أصبحنا أكثر تنافسية وأكثر حضورا في سوق الطيران المدني خلال السنوات الماضيَّة" يقول العطّار قبل أن يسترسل: "بشمال افريقيا، مثلا، جميع شركات الطيران تواصل تعزيز أساطيلها الجوية بطائرات إيرباص، باستثناء المغرب.. نفس الأمر في افريقيا، فإثيوبيا مثلا، وهي التي كانت شركة طيرانها الوطنية لا تتوفر سوى على طائرات بوينغ، تحولت إلى اقتناء طائراتنا.. بل أطلقت شركتين إقليميتين للنقل الجوي،على مستوى افريقيا، عززتهما بطائرات إيرباص". ويعتبر المغرب قاعدة لإنتاج شركة إيرباص في إفريقيا وفق تأكيدات العطار الذي أوضح أن المجموعة مستعدة لمواكبة التوسع المرتقب لشركة الخطوط الملكية المغربية في السوق الافريقي رفقة شركات للنقل الجوي المحلية.. ويأتي هذا التصريح مواكبا لما سبق وأعلنه إدريس بنهيمة، الرئيس المدير العام لشركة لاّرَام، عن وجود مساع لإطلاق شركة إقليمية مختصة في اللنقل الجوي وتسهر على ضمان هذه الخدمة بين الدول الإفريقيّة.. ويقول فؤاد العطار إنّ "افريقيا قارة واعدة، ومثل هذا التوجه يشكل فرصة لتعزيز النقل الجوي بها، ونحن مستعدون لمواكبة المغرب في هذا المسعى على كافة المستويات". وصرّح فؤاد العطار لهسبريس بأنّ إيرباص نستقطب ما يزيد عن 70 % من مجموع صادرات المغرب من أجزاء وقطع غيار الطائرات التي تصنع في الوحدات الصناعية التابعة لشركات المناولة العاملة في قطاع صناعة الطيران بالمغرب.. واستطرد قائلا: "هل تعلمون أن المصنع الذي أقامته بوينغ، بشراكة مع أطراف أوروبية في المغرب، يوجه 50 % من إنتاجه صوب شركاتنا كي يتم تركيبها على متن طائرات إيرباص؟". وبلغت صادرات قطاع صناعة الطيران بالمغرب 8 ملايير درهم سنة 2013، وسجلت صادرات المغرب من منتجات قطاع صناعات الطيران نموا بنسبة 20 % في السنة الماضية، مقارنة مع سنة 2012. يشار إلى أن هناك 600 طائرة إيرباص تحلق حول العالم بأجزاء وقطع تم تصنيعها في المغرب.. في حين تتتج ايرباص قرابة 10 طائرات من طراز A330، شهريا، ونحو طائرتين ونصف من العملاقة A380، بمعدل 30 طائرة سنويا.