الحلقة 4 خياطة الأميرات في مهرجان الأناقة قفاطين تلفت الانتباه و تثير الدهشة و الاعجاب و تتجاوز المألوف تحلم وكفى، هذا ما تحسن فعله، الأحلام و لا شيء غير الأحلام، دون إثارة أي تساؤلات أو هواجس أو معوقات، فحتى و إن كشفت لها الأيام عن حقيقة الفشل و الهزيمة إزاء أحلامها تضحك و بروح مرحة تتقبل الهزيمة و تسرد أحلام أخرى و لا على البَالْ. وهذه المرَّة كنت قد حضرت لها إحدى الجلسات التي كان من يجالسونها "شَادِّين فِيهَا" لتحدثهم بأسلوبها المضحك عن جديد أحلامها، و دون تردد و على نيتها و بينما الآخرون مغرقون في الضحك، أفصحت لهم المسكينة عن حلم جديد "بَاقِي بِمِيكْتُو وَ يَلَّه حَلْمَتْ به غَا اليُومْ" و هو رغبتها في أن تكون صاحبة مقاولة كبيرة و معروفة للخياطة تضاهي مقاولات الخياطات الكبار اللواتي يُشاركن في تظاهرات الموضة للقفطان و مهرجانات الأناقة. وبأسلوبها الساذج المعتاد شرعت في الحديث عن تفاصيل حلمها حيث أخبرتهم أنها سوف تصمم قفاطين تلفت الانتباه و تثير الدهشة و الإعجاب و تتجاوز المألوف، وستصبح بذلك مشهورة و معروفة و ستظهر في التلفزيون، و في كل مرة كانت تختم جملها "بِدَبَ تْشُوفُو" في محاولة منها لتأكيد حدوث كل ما تحكي عنه، مضيفة إن زبوناتها سَتَكُنَّ أميرات الأعتاب الشريفة و سيدات المجتمع المخملي "الهَايْ كْلاَصْ"، متأكدة أنها حينما ستبرع في تطريز القفاطين و تنميقها حتما سيصل صدى ذلك لهؤلاء و سيسألن عن الأنامل التي أبدعتها و ستستدعينها لتصبح مصممتهن المفضلة. وقد علقت فتاة ساخرة كانت تُنصت إلى حديثها و أحلامها قائلة : "وَ شْكُونْ بْحَالْ الأَمِيرات إِلى وَلاَّتْ تْلَبَّسْهُمْ البوجادية، على الأقل غَدِي تْدَخْلي أفكار غريبة و خارجة على المألوف عْلَى لْباسهم". وعلقت أحرى قائلة : "وَحْنا البوجادية موحالش غَدِي تعقلي عْلينا مَلِّي تْوَلِّي لاَبَاس عْليك؟؟" لتجيبهم البوجادية بحسم و كأن هَادْ الشِّي بَصَّحْ، رَاكُمْ أنتما غَدينْ تْخَدْموا معايا، و غَدِي نَتْهَلَّى فيكم. واٌسْتَحَلَّتْ المسكينة دور صاحبة مقاولة الخياطة المشهورة و جاءت على هواها، و استمرت في ملاحقة أحلامها و سألت صديقتها والبراءة تنساب عبر كلماتها : كولي ليَّ أَخْتي بَشْحال نبقى نبيع للأميرات اللَّبسة؟"، مضيفة هما راهم لاباس عليهم، و عندهم الفلوس بزاف و مغديش يبقاوا يتشطروا معايا و يكولوا ليَّ نقصي لينا". فأجابتها صديقتها بخبت : "إِيوَا لاواهْ نُقْصي ليهم شوية!!"، فهزت البوجادية كتفيها قائلة : "المهم المرة الأولى غدي ندير معاهم الصواب و نبيع ليهم باش ما بغاوا، و لكن المرات الأخرى غا نَضْرَبْ على راسي، مضيفة : وَاشْنو هذي راها خدمة خَصْني نَرْبَح منها مَشِي واجب وطني" مسكينة هاذ البوجادية تنجرف وراء خيالها بسرعة و تظن أنه "غَاجِي وَ وَلِّي خياطة للأميرات"، و دَغْية بدات في تَخْسار الهَضْْرة وبْدات تكول يخلصوني هذا راه ماشي واجب وطني!!. ألا تعي و تفقه أنها تعيش في وطن يلفظ الأحلام بعيدا و يقاومها و يجهضها ليرمي بأغلبها في باحة المستحيل، فأولا و قبل أن تنجرف وراء شي حلم خَاصْها تَبْرَك على جميع الفْرَانات أي" الفرامل" قبل ما تَكْسيري و تخرج في شي حَيْط. فمن أين إذن تأتي لأحلامها بهذا التوهج الذي يجعلها لا تمل و لا تكل و لا تعبأ بالصدمات المتوالية، هل يا ترى تخدع الكل بأدوار البهجة التي تتقمصها و هي تحكي عنها بينما تتوارى خلف ابتساماتها دمعات لا تريد لها أن تسقط؟ هل تكابر حتى لا ترى الحقيقة الموجعة و بشاعة الأشياء؟ أو ربما قدرتها الخارقة على الحلم و الصبر و الصمود الأسطوري لا يتركان لها مجالا للقلق و الحزن في حياتها لهذا تراها دوما كطائر حر طليق يحلق في السماء بلا حدود. فإن كانت كذلك فهنيئا لها إذن و لنقل سَعْدَاتْها بهذا الصبر الذي منحه إياها الله و الصمود في مواجهة الواقع بنسج أحلام لذيذة من قلب القلب. للتواصل مع الكاتبة : [email protected] mailto:[email protected]