المتهمون نفوا المنسوب إليهم وقالوا إنهم كانوا يقومون بمساعدة الناس لوجه الله امتدت الأعناق وتركزت أعين كل الحاضرين على "الحاجّة" وهي تدخل إلى قاعة المحكمة على متن كرسي متحرك ومن خلفها عدد من رجال الأمن بزي رسمي.. أدخلوها عبر الباب الرئيسي للقاعة واقتادوها إلى منصة الاتهام، حيث أوقفوا كرسيها هناك إلى جانب ثلاثة رجال وامرأتين يتابعون معها في نفس القضية. الحضور الذي غصت به جنبات القاعة رقم 8 بابتدائية عين السبع، عصر أول أمس الاثنين، لم يكن في حاجة إلى طرح أية أسئلة حول من تكون هذه المرأة ولا المتهمين الآخرين ولا القضية التي يتابعون من أجلها، لأنهم لم يكونوا سوى أفراد من عائلات المتهمين جاؤوا لمؤازرة ذويهم، أو صحفيين حضروا لتغطية أطوار محاكمة هؤلاء الستة الذين أسندت إليهم تهم تتعلق بتكوين شبكة تتاجر في الأطفال الرضع. القابلة (زوبيدة، 65 سنة)، الممرضة (عزيزة، 50 سنة)، الأم العازبة (بهيجة، في العشرينات)، (محمد-ب) (موظف بمكتب الحالة المدنية بعمالة ابن مسيك)، عبد الرحيم-د (عون سلطة (شيخ) بنفس المقاطعة) ومحمد-إ (ضابط صف بالقوات المساعدة بمقاطعة سيدي عثمان).. هؤلاء هم المتهمون الذين جرى إيقافهم أواخر شهر يناير الماضي من طرف عناصر أمن تابعة لمقاطعة أنفا، بعدما تمت مداهمة شقة "الحاجة" بحي بوركون، حيث ضبطت هذه المرأة "القابلة"، التي يشتبه في تزعهما لشبكة تتاجر في الأطفال الرضع، متلبسة بعملية بيع طفلة لا يزيد عمرها عن 20 يوما لامرأة (طعم) مقابل مبلغ 20 ألف درهم. وشوهدت إحدى النساء اللواتي حضرن من عائلة المتهمة الرئيسية "الحاجّة" وهي تنظر شزرا إلى الصحفيين المتواجدين بالقاعة، ولم تتوان في مرات عديدة عن التعبير عن ضيقها من حضورهم لتغطية محاكمة قريبتها، لكن تسببها في ضوضاء داخل القاعة جعل القاضي يأمر بإخراجها من بناية المحكمة بالقوة. أطوار هذه المحاكمة، التي استغرقت حوالي ثلاث ساعات، كشفت عن عدة مفاجآت في هذا الملف الذي أثار اهتمام الرأي العام الوطني منذ تفجره أواخر يناير المنصرم. ما إن تلا القاضي حسن جابر صك الاتهام على مسامع "الحاجّة"، التي عملت مولدة لسنوات طوال بمستشفى مولاي يوسف بالدار البيضاء، حتى سارعت إلى نفي أية علاقة لها بتهمة المتاجرة في الأطفال الرضع، حيث تشبثت بالقول إنها لا تتاجر في الأطفال وإنما تقوم فقط بمساعدة النساء العاقرات على تبني أطفال يؤنسون وحدتهن. وحينما سألها القاضي عن المبالغ المالية التي كانت تتقاضاها مقابل أعمالها تلك، ردت بأنها لم تكن ترمي من وراء مساعدتها للنسوة إلى جني أرباح مالية وإنما تقوم بذلك "لوجه الله". لكن القاضي واجهها بما ورد في البرنامج التلفزيوني، حيث قال إن "الجميع شاهدك وأنت تستلمين مبلغ 20 ألف درهم وقمت بعده أمام الكاميرا".. غير أن المتهمة بادرت بالقول إن تلك الأموال هي فقط إهداء من تلك الصحفية (حنان الهاشمي) لفائدة الأم العازبة التي ستعطيها ابنتها... وعندما استفسر القاضي الأم العازبة (بهيجة) عن علاقتها بالمتهمة الرئيسية، أقرت بأنها التجأت إلى الحاجّة من أجل مساعدتها على وضع حملها بعدما طردها أهلها، لكنها نفت أن تكون قد اتفقت معها على بيع الطفلة. بدورها نفت المتهمة (عزيزة)، وهي ممرضة بإحدى المصحات الخاصة بالبيضاء، قيامها بالوساطة بين أمهات عازبات يرغبن في التخلص من مواليدهن، وبين الحاجة التي تقدم لهن المساعدة قبل وخلال عميلة الوضع. كما تشبث بقية المتهمين بإنكار وجود أية علاقة بينهم وبين المتهمة الرئيسية، نافين أن يكونوا على علم بما كانت تقوم به من أعمال مخالفة للقانون. وكشف الاستماع إلى كافة المتهمين عن ظهور أظناء جدد لم يتم تحريك مسطرة المتابعة في حقهم، ما دفع ممثل النيابة العامة إلى طلب تأخير البت في القضية والاستماع إلى مرافعات دفاع المتهمين إلى حين إحضار بقية الأظناء، وهو الملتمس الذي قبلته المحكمة فأرجأت النظر في هذه القضية إلى الاثنين المقبل. لقطات مما دار في الجلسة القاضي للمتهمة الرئيسية: أنت متهمة ببيع الأطفال الرضع. الحاجة: لا أسيدي أنا ماكنبيعش البشر حاشا، أنا كنعاون البنات باش يولدو في سبيل الله. القاضي: وعلاش كتخدي المقابل؟ الحاجة: والله أسيدي معمري خديت شي ريال. القاضي: وهاديك الفلوس لي لقاو عندك البوليس؟ الحاجة: هادوك الفلوس تبرعات بيها الصحفية للبنت لي غاتولد ليها التربية. القاضي: ولكن راك بنتي في التلفزة كتحسبي الفلوس؟ الحاجة: هادشي كولو دارتو هاديك الصحفية بغات تطلع الكرايض على ظهري أنا. القاضي: وعلاش عطيتها شهادة الازدياد؟ الحاجة: غير مجاملة باش تطمئن. القاضي: شحال هادي وانت كديري هادشي؟ الحاجة: 35 عام هادي وأنا كنخدم قابلة. القاضي: عندك سوابق فالمتاجرة في الأطفال؟ الحاجة: سبق لي تشديت عام 1989 حيت وقفت مع واحد المرا وعاونتها باش تتبنى دري. القاضي: كتولدي البنات عندك في الدار؟ الحاجة: كيجيو عندي البنات باش يولدو وكنعاونهم عن حسن نية. القاضي: اشنو كتعملي بديك الأدوية والأدوات الطبية لي لقاو عندك؟ الحاجة: أنا أسيدي مريضة بالسكر والقلب وولدي حتى هو مريض. يمكنكم زيارة موقع جريدة " أخبار اليوم المغربية " بالنقر هنا http://akhbar.press.ma أو عبر الرابط التالي : http://akhbar.press.ma http://akhbar.press.ma