وجه المعتقل الإسلامي الأسبق وأبرز مؤسسي حزب البديل الحضاري، محمد الأمين الركالة، رسالة مفتوحة إلى كل من رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ووزير العدل والحريات المصطفى الرميد والأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان محمد الصبّار،بمناسبة الذكرى الثالثة للإفراج عن المعتقلين السياسيين الخمسة، في ملف ما يعرف "خلية بليرج"، يطالب فيها بإطلاق سراح باقي المعتقلين السياسيّين وعلى رأسهم معتقلي الملف المذكور. ويتحدث الركالة في رسالته، التي توصلت هسبريس بنسخة منها، عن وعود سابقة تلقاها المعتقلون الخمسة، المفرج عنهم بموجب عفو ملكي في 14 أبريل 2011، ترمي لإطلاق سراح البقية على دفعات،مشيرا إلى أن دعوته هذه تأتي في إطار "مصالحة وطنية قد تنفتح على بناء جبهة داخلية تمكن بلادنا من مواجهة التحديات التي تعترضها". وفيما يلي نص الرسالة كما توصلت بها هسبريس: "بسم الله الرحمن الرحيم رسالة مفتوحة إلى السادة: رئيس الحكومة - وزير العدل والحريات - الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان الموضوع: الدعوة إلى مصالحة وطنية مدخلها الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين تحية طيبة وبعد، سبق لي أن راسلتكم خلال السنتين الماضيتين راجيا منكم العمل على استصدار عفو شامل في حق كل المتابعين على ذمة ما يسمى بقضية بلعيرج. وأجدني اليوم مضطرا إلى مخاطبتكم عبر وسائل الإعلام نظرا لعاملين اثنين: - أولا: عامل الاستعجال: إذ تؤكد كل المؤشرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية استشراف وطننا لمرحلة تغيير عميق نحن مطالبون أن نخوضها جميعا، أيا كان موقعنا في الحكم أو المعارضة، يدا في يد من أجل المصلحة العليا للوطن. - ثانيا: عامل المظلومية: إذ يعيش جميع المتابعين على ذمة هذه القضية ظلما كبيرا لمدة ست سنوات مظلومية سياسية وقانونية واجتماعية واقتصادية. أيها السادة وفرت أحداث 16 ماي الإجرامية المبرر المحلي للانقلاب على كل الآمال والأحلام التي جاء بها العهد الجديد، الأمل في الانتقال الديمقراطي، الأمل في مغرب يسع جميع رجاله ونسائه على اختلاف توجهاتهم وأفكارهم، الأمل في طي صفحة الماضي طيا نهائيا والحيلولة دون تكرار جرائم الماضي، الأمل في عدالة اجتماعية تحول دون تفاقم الفوارق الاجتماعية وتمنع تناسل الأحقاد الاجتماعية والطبقية، الأمل في بناء مستقبل زاهر ومشترك لكل المغاربة ... أحلام وآمال تم وأدها عبر أكثر من محاولة لتعميم الخوف والشعور بعدم الأمن والأمان، واستئصال الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية. ولما فشلت المحاولات الأولى غداة الأحداث الإجرامية ل 16 ماي، جاءت الضربة الموجهة لحزبي البديل الحضاري والأمة كمدخل لاستئصال كل الأحزاب والحركات ذات المرجعية الإسلامية؛ غير أن رياح الربيع العربي التي هبت على بلادنا ممثلة في حركة 20 فبراير أربكت الحسابات الاستئصالية إلى حين. ومع الأسف لم ينتبه المسؤولون المغاربة إلى أهمية اللحظة التاريخية التي تعيشها بلادنا، وعوض أن يركبوا موجة التغيير ويتعاطوا بإيجابية مع الفرصة التاريخية التي أتيحت لهم، ناوروا وأضحت استجابتهم لمطالب المد المبارك مجرد حملة علاقات عامة موجهة للغرب على خلفية إصلاحات دستورية مشكوك فيها وفي مآلاتها. أيها السادة نأمل أن تكون الضربات التي تلقتها السلطات المغربية مؤخرا من أقرب أصدقائها وحلفائها مدعاة إلى إعادة التفكير في طبيعة موازين القوى الخارجية لبلادنا وتغيير النموذج الإرشادي للدولة في سياستها العامة من رهان على الخارج إلى رهان على الجبهة الداخلية الموحدة والمتماسكة والقوية. إننا نعي جميعا حجم الصعوبات والعراقيل التي تقف في وجه مشروع طموح بهذا الحجم، صعوبات وعراقيل نتجت عن السياسة الرسمية الممارسة في بلادنا منذ الاستقلال المنقوص سنة 1956. وسيتطلب الأمر منا خطوات شجاعة لإعادة بناء الثقة وبناء الجبهة الداخلية، ومن بين هذه الخطوات: - الطي النهائي لصفحة الاعتقال السياسي بما يعنيه ذلك من إلغاء لقانون "الإرهاب" وإطلاق سراح وجبر ضرر جميع المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم معتقلي ما يعرف بخلية بلعيرج، - الكف عن ممارسة التمييز الديني والسياسي والاقتصادي واللغوي والاجتماعي بين أبناء الوطن الواحد وتمكين الجميع من حقوقه الدينية والسياسية والاقتصادية واللغوية والاجتماعية، - الكف عن الممارسات التمييزية بين الأقاليم والجهات، - الكف عن إضعاف واختراق وتفكيك الأحزاب السياسية والتدخل في شؤون مكونات المجتمع المدني، - إخضاع جميع مؤسسات الدولة وعلى رأسها وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية لسلطة القانون، - العمل على إشراك جميع مكونات الشعب المغربي في صياغة مشروع مجتمعي يشكل النص التأسيسي لبناء مغرب جديد يقوم على أساس المواطنة، - فتح باب المبادرة السياسية والاقتصادية والمدنية أمام جميع أبناء الوطن بدون اعتبار لمرجعياتهم الدينية أو الفكرية أو الإقليمية. أيها السادة وَاهِمٌ من يعتقد أننا نعيش استقرارا سياسيا، إذ ما نعيشه اليوم هو هدنة، مجرد هدنة. هدنة تشكل بالنسبة لنا فرصة لمصالحة وطنية تنفتح على بناء وتمتين الجبهة الداخلية، جبهة تسع الجميع أيا كان موقعهم في الحكم أو المعارضة. جبهة تمكننا من مواجهة التحديات التي ستواجه بلادنا بصف مرصوص وأمل منظور ومستقبل مستشرف مرجو. نحن أمام منعطف تاريخي ولنا أن نختار إما أن نجعل من التحديات التي تنتظرنا آلية انصهارنا جميعا من أجل ميلاد مغرب جديد وانبثاق مجتمع مواطن يتشارك رجاله ونساؤه نفس الآمال والطموحات ويعملون جنبا إلى جنب من أجل إنجازها، أو ندفن رؤوسنا في الرمال وسيكون الخاسر الأكبر في هذه الحالة، لا قدر الله، هو الوطن ووحدته. والسلام عليكم ورحمة الله. وحر ر بطنجة يوم 14 أبريل 2014 د. محمد الأمين الركالة مواطن مغربي"