"دور الشباب في مناصرة حقوق الإنسان" موضوع الحلقة الأولى من سلسلة حوار القيادة الشبابية        واشنطن ترفض توقيف نتانياهو وغالانت    وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية اثناء مهمة تدريب    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أمن البيضاء يوقف شخصا يشتبه في إلحاقه خسائر مادية بممتلكات خاصة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    الحكومة تُعزز حماية تراث المغرب وتَزيد استيراد الأبقار لتموين سوق اللحوم    رسميا.. اعتماد بطاقة الملاعب كبطاقة وحيدة لولوج الصحفيين والمصورين المهنيين للملاعب    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رداً على محمد الراجي : عندما يكون السكوت خيرا من الكلام
نشر في هسبريس يوم 20 - 01 - 2010

إذا كانت قاعدة خالف تعرف تخدم في بعض الأحيان أهداف المغرورين، فإنها في أغلب الحالات تقذف بهم في غياهب السخرية والازدراء. وهذا طبعا تحصيل حاصل، لأن النية لم تكن سليمة منذ البداية. فالهدف كان أنانيا محضا لتحقيق أغراض نفعية أو التماس دواء يعالج عقدة الدونية و التهميش.
أود بهذا الخصوص أن أناقش حالة المدون محمد الراجي الذي تعرض مؤخرا لسيل من الانتقادات على خلفية عدد من مقالاته التي يرتدي لأجلها جبة الفقيه و أخرى نظارات الفيلسوف، و في أحيان أخرى يمسك ريشة المنظر الحكيم، دون أن ينسى التحول لجهاز سكانير لكشف عيوب و انحرافات الناس. هذا كله جيد لو أن صاحبنا التزم ما كان يجب أن يلتزم به، ألا و هو الحياد التام، الذي لا يقبل محاباة أحد أو التطبيل و التزمير لطرف دون آخر. و بما أنه لم يلتزم بهذا الخط الحيادي، فقد كان طبيعيا أن يتعرض للانتقادات اللاذعة التي لم يتقبلها بسبب مركب معقد يختلط فيه الغرور بالإحساس بالنقص. فأي شخص يحترم نفسه، يتعين عليه في حالة تعرضه للانتقادات أن يساءل نفسه عن السبب. و بما أن الأمر هنا يتعلق بكتابة مقالات، فقد كان على صديقنا هذا أن يراجع ما يكتب و يحاول أن يكتشف مكامن الخلل في أفكاره، هذا إذا كانت حقا أفكاره. أما أن يتمادى، على الرغم من النصائح التي وجهت له من طرف القراء، في سلوك نفس النهج، فهذا يدعو فورا إلى التشكيك في مصداقيته و أهدافه الحقيقية.
لا شك أنكم عرفتم من هو صاحبنا. إنه محمد الراجي، الذي يتخذ من موقع هسبرس منصة لإطلاق صواريخه الموجهة. مدون مغمور، سبق أن وقع في مشكل بسبب مقال ينتقد فيه سياسة الريع. و قد تم اعتقاله على إثر نشر ذلك المقال و تبع الاعتقال تضامن دولي، لأن الاعتقال بسبب التعبير عن رأي لا يتماشى مع الحرية الفكرية الشخصية و مواثيق حقوق الإنسان و الديمقراطية الحقة. و هكذا أطلق سراح المدون، الذي فكر حينها بأنه ليس من السهل الكتابة في أمور محاطة بسياج من أسلاك حمراء شائكة، تدمي أنامل كل من مسها بقلمه. و عليه فقد ارتأى بأن يكتب في أمراض الناس السلوكية، متخذا من ساحة الدين الإسلامي و ما يرتبط به ميدان معركة لمحاربة طواحين الهواء.
لست ضد أن يكتب الراجي أو غيره في مثل هذه المواضيع، بل على العكس من ذلك، فأنا مع كل الأفكار و المقالات التي تدفعنا لمراجعة الأمور و تحري الحقيقة و الوصول إلى حلول عملية. أما أن تكون الأفكار و المقالات تطاولا إما على ذوي الاختصاص و خدمة مجانية لطرف هو أصلا معادي، فهذا ما لا يمكن قبوله، و هذا ما لم يفهمه صديقنا الراجي الذي أثار أعصاب عدد من القراء بسبب كتاباته، ثم عاد ليتساءل في صيغة الجمع لماذا نحن متعصبون، و المسكين ربما كان يريد أن يقول لماذا نحن عصبيون، ردا على سيل الانتقادات و حتى الشتائم التي تلقاها عبر بريده الإلكتروني.
شخصيا أتساءل إن كان الراجي يعي تماما ما يقوله. فعندما تقلب بين يديك برقع امرأة يستر جسمها، و هي حرة في ارتدائه أو ارتداء أي لباس آخر تختاره، و عندما تريد أن تفرض على الناس الاحتفال بأعياد مسيحية لا علاقة للمسلمين بها، بل يتبرأ منها حتى المسيحيون أنفسهم، و عندما تدين مسلما حتى قبل أن يقول القضاء كلمته في حقه، و لا أحد يعرف إن كان إرهابيا حقا أو عميلا يخدم مصالح أمريكا الطامعة في اتلموقع أكثر في الشرق الأوسط، منتقدا محاولته تفجير طائرة ركاب و ساكتا عن قتل أطفال أفغان داخل مدرستهم عن طريق قصفها بطائرة بدون طيار، فماذا عساه أن ينتظر من القراء كردة فعل على تطرفه هذا الذي يخدم الطرف الآخر و لا يخدم الإسلام و لا المسلمين في شيء؟. فعندما تكتب عن البرقع أكتب أيضا عن التهتك و التبرج. و عندما تكتب عن الأعياد المسيحية، أكتب أيضا عن أهدافها و مرجعيتها التاريخية الوثنية، و عندما تكتب عن إرهاب عمر أو غير أكتب في نفس المقال عن إرهاب إسرائيل و أمريكا. هذا ما أصفه بإعطاء كل ذي حق حقه. رسالة مفتوحة إلى عمر، لا ضير و لكن أكتب رسالة مفتوحة أيضا للرئيس الأمريكي و الإسرائيلي و كل من تتلطخ يداه يوميا بدماء العرب و المسلمين و حتى غير المسلمين، حينها سنرى إن كان سيقوم موقع ما في أمريكا بالترجمة و النشر، كما فعل الموقع الأمريكي إياه، و الذي تلقى تعاليق لاذعة على الرسالة المنشورة، و هذا دليل على أن القراء ليسوا جميعهم أغبياء.
كثيرون نصحوا الراجي بأن يقرأ كثيرا و يثقف نفسه، ثم يعود بعد سنوات ليكتب ما يشاء من مقالات، هي نصيحة وجيهة لأن المقالات التي يكتبها مجترة و لا ترقى للمستوى الذي يتطلع إليه القراء المتعطشون لكشف الحقائق و تسليط الضوء على القضايا و الأحداث المبهمة، و رفع الغطاء عن الأسرار المخفية، و هذا ما يقوم به صحفيون محققون وكتاب شجعان في الغرب الذي يستهوي الراجي و لا يقسم إلا بتطوره. فأين نحن من كل ذلك؟.
من جهتي لا أنصح الراجي بالقراءة، لأنني متأكد بأنه يظن نفسه قد قرأ بما فيه الكفاية و الوقت أصبح وقت كتابة. لكن في المقابل أنصحه بأن يشاهد عددا من الأفلام و المسلسلات الأمريكية، ليعرف بأن الحب و السلام و التسامح و التعايش و ما إلى ذلك من الشعارات الفضفاضة، لا تشكل بأي حال من الأحوال العقيدة التي يؤمن بها صناع القرار بأمريكا. لينظر إلى تسمية طائرة الرئيس الأمريكي FORCE ONE . هذه التسمية لوحدها تحتاج لآلاف الصفحات لتكتب عنها. العقيدة الأمريكية يا عزيزي الراجي مبنية على القوة الغاشمة و القهر و الإرهاب إن اقتضى الحال ذلك. غني أنشودة السلام و الحب لنفسك. هؤلاء الناس يعبدون الدولار و من أجله هم مستعدون لتحويل العالم لمحرقة. سنة 1963 قام الرئيس الأمريكي كنيدي بزيارة ألدو مورو بإيطاليا. بعدها تم اغتيال الرئيس الإيطالي ألدو مورو من طرف المنظمة الإرهابية الألوية الحمراء، لم تكن آنذاك قاعدة و لا يحزنون، ثم اغتيل رئيس أقوى دولة في الغرب في دلاس. لا أعرف أين كان بن لادن آنذاك. في إيطاليا كان هناك المحفل الماسوني P2 و في أمريكا المحفل النوراني، و في عقول عامة الناس الهواء. لهذا تعلمنا من التاريخ بأن المجرمين الكبار و الإرهابيين الكبار لا يظهرون في الصورة أبدا، هناك أكباش كثيرة للقيام بالدور القذر. فعندما ينصح قراء الراجي بأنه يكتب في مواضيع أكبر منه فإنني أوافقهم الرأي، لأنه بالنسبة لأي قارئ عادي فمقالات الراجي قد تبدو من وجهة نظره في مستوى راقي يعطي انطباعا جيدا عن كيف أن يجب أن يكون الشاب المسلم المنفتح المؤمن بالحوار و التسامح الداعي للحب و السلام، و لكن بالنسبة لقراء آخرين يعرفون حقيقة ما يدور في الكواليس من حروب و ما يصرف من مبالغ خيالية لفرض أفكار و أنماط حياتية جديدة، سيجدون بأن مقالات الراجي عبارة عن تصابي و أوهام لا يصدقها إلا الغاطون في النوم.
في أحد المسلسلات الأمريكية، و مع الأسف لم أعد أتذكر العنوان، دار حوار بين مسؤول أمريكي و مرشح لشغل رئيس جهاز أمني، فخاطب المسؤول المرشح قائلا : إذا وجدت نفسك مضطرا للتضحية بمليون أمريكي مقابل أن تنقذ الباقين، فماذا ستفعل؟. هنا تلعثم المرشح و قال للمسؤول لا يمكنني أن أقتل مليون أمريكي. فرد عليه المسؤول، إنك لا تصلح لشغل هذا المنصب. و طبعا هذا ما حدث لليهود بألمانيا، إنها نفس عقيدة الأجداد المؤسسين أو لنقل البنائين. عقيدة لا تتغير مع مرور الزمن، لعل من أبشع ما انبثق عنها هو إبادة شعوب بأكملها، كما حدث لسكان أمريكا الأصليين. فقط هناك بعض الأمور التي تتغير، كوضع السوط في يد الأخ لكي يجلد أخاه بمباركة ربهم. لهذا أحس عدد من القراء الذين يعرفون الوجه الحقيقي لأمريكا الطغيان بالغثيان مما يكتبه الراجي، الذي بدل أن يفضح مؤامرات الأعداء و أساليبهم الخسيسة في استعباد الشعوب و نهب ثرواتهم، يلهو بعورة المسلمات و المسلمين بدعوى الانفتاح و التسامح و التحاور. متى أمن لشاة أن تتحاور مع ذئب. إذا أردت أن تتحاور و تتسامح فيجب أولا أن تكون قويا و مؤمنا بقضيتك و لديك غيرة على عقيدتك التي تصرف الملايير من الدولارات لتبخيسها و تحقيرها و ضرب الأسس التي تقوم عليها. أي قارئ من القراء الذين اطلعت على تعاليقهم يملكون القدرة على الكتابة منشدين أغنية الحب و السلام و التسامح، و لكنهم لا يستطيعون أداء هذه الأغنية للجلاد الذي يقوم بإهانة الإسلام و المسلمين داخل ديارهم. هل هذا عدل في نظر الراجي؟. هل هذا من الكرامة أو الشجاعة في شيء؟. إن أمة البزنس و الرفاهية لا يمكنها أبدا أن تتحدث عن الحب و السلام و التسامح إلا نفاقا و خداعا، مع احترامي الكامل للعديد من أصدقائي بالدول الغربية الذين يوجد بينهم من يدافعون عن الإسلام و المسلمين أكثر ممن يدعون أنهم مسلمون، حتى أن أحدهم كتب يقول بأن الإسلام هو القوة الوحيدة التي لا زالت واقفة في وجه فرض النظام العالمي الجديد على الشعوب.
لن أدعي قدرتي على أن أجعل الراجي و لو من خلال هذه العبارات المتواضعة يغير طريقة كتابته أو يتحول من انتقاد العادات و التقاليد و السلوك و التعاطي مع القضايا ذات الطابع الديني و الاجتماعي، إلى انتقاد المؤسسات و الأشخاص المسؤولين عن الكوارث التي تعاني منها الأمة العربية و الإسلامية، و لكن أطلب منه أن يكتب بتعقل و بطريقة متوازنة. فعندما يكتب مثلا عن الإرهاب، فعليه أن يعرف بأن ما قام به عمر مثلا يدخل في صميم العقيدة التي يؤمن بها الحكام الأمريكيون. كم مرة اطلعنا على حوارات في أفلام أمريكية، كجون ترافولتا في أحد الأفلام و هو يقول لأحد مساعديه. يقتلون جنديا منا نقتل جيشهم، يقذفون أحد بيوتنا بقنبلة، نفجر قنبلة نووية على رؤوسهم. أكثر من ذلك، ففي فيلم Murder 1600 ، يسأل الرئيس الأمريكي مستشاره الذي كان يخطط لغزو كوريا الشمالية : لماذا قتل سكرتيرة في عمر الزهور، فيرد عليه ليست قتيلة بل شهيدة حرب.
و ها هي لجن تشكلت في الغرب على خلفية عدة حروب غير عادلة شنت على العرب و المسلمين أثبتت نتائجها بأن تلك الحروب لم يكن لها مبررات واقعية و قانونية، بل شنت بناء على تقارير استخباراتية كاذبة، و لعل إعدام رئيس دولة عربية مسلمة و إن كان دكتاتورا بتلك الطريقة المهينة و خلال عيد الأضحى لا يترك مجالا للشك بأن من يكتب عن السلام و الحب تحت فوهات البنادق و الدبابات، فإما أنه مراهق يحب عدوه من طرف واحد أو غبي لا يعرف بأنه غبي.
أود أن أسأل الراجي سؤالا بسيطا. ما فائدة أن تربح العالم بأسره، إذا كنت ستفقد كرامتك؟. فقبل أن تكتب عن الحب أكتب عن الحقد لتعرف معنى الحب، و قبل أن تكتب عن الانفتاح أكتب عن الانغلاق، و قبل أن تكتب عن السلام أكتب عن الرعب. هل تعرف لماذا؟ . لأنه لكي تعرف ما هو النور، يجب عليك أولا أن تعرف ما هو الظلام. كل هذا حتى لا يقع لك خلط بين الحب المتجرد من الأنانية و الحب الكاذب، و حتى لا يتحول السلام إلى مذلة و هوان، و حتى لا يكون الانفتاح اغتيالا للمبادئ و القيم. هذا ما يتمنى كل قارئ أن تفهمه. نحن لا نريد أن يكون قلمك سيفا في يد الآخرين، بل سيفا يحمي ظهورنا و يدافع عنا كأمة تكالبت عليها الذئاب و الضباع من كل جانب. و اعلم بأننا لسنا مجبرين على تقديم شهادة حسن السيرة و السلوك لأي كان. لسنا مجبرين على مسايرة الغرب أو الشرق ليرضى عنا. نحن قبل أن نكون مسلمين، بشر من لحم و دم. سافر إذا استطعت لهايتي التي ضربها زلزال مدمر و جرب أن تتحدث هناك مع الناس عن الحب و السلام و الحوار و التعايش. أنت لا تعرف حالة الناس النفسية عندما يكونون في مأزق، محاصرين، محطمين، يمزق الجوع أحشائهم و العطش حناجرهم. ففي بعض الأحيان يكون السكوت خيرا من الكلام، و في حالتك يصبح واجبا لأنك تطاولت على ذوي الاختصاص في ميادين شتى، و رددت فقط ما تردده وسائل الإعلام الغربية كأي ببغاء مبتهج بقدرته على النطق. تعلم متى يجب أن تتكلم و فيما تتكلم، و تعلم أكثر أن تسكت حين يصبح السكوت ضروريا. أي في الوقت الذي تكون فيه نيران الفتنة مشتعلة. فإما أن تكون عادلا متوازنا في كلامك، و إما أن تصمت، حتى لا تسمع ما يرضيك لأنك تدخلت في أمور لا تعنيك وحدك كفرد، بل تعني أمة بأكملها.
أقسم بالله لو أن الغرب كله فتح لي جميع الأبواب و قدم لي كل ما أرغب فيه من مال و جاه، مقابل أن أغرد على إيقاع ألحانهم الشيطانية التي تسفه المسلمين و تضرب عقيدتي في الصميم، فلن أفعل و لو بقيت المسلم الوحيد على وجه الأرض. انتقاداتي و مؤاخذاتي يتعين علي أن أوجهها للطرف الآخر الذي يستقوي علي بسلاحه و أمواله و عملائه الخونة. أما أن أتبرأ من عمر أو زيد لأبدو ذلك المسلم المسالم الصالح المنبطح، كما يريدني أعداء الإسلام و المسلمين، فهذه مذلة و ليس إسلاما و لا حتى سلاما. من يضمن لنا كعرب و مسلمين أن لا تقوم أمريكا بإبادتنا عن بكرة أبينا كما فعلوا مع الهنود الحمر و احتلال أراضينا التي سيقولون لأحفادهم بعدها بأن الرب منحها لهم لأن قوما إرهابيين كانوا يعيشون فوقها و منها ينطلقون في العالم لنشر الإرهاب.
ما من شك بأن الراجي صغير جدا عن لعبة الأمم. و لكن إذا كان يريد أن يكبر فما عليه سوى أن يراجع الأحداث التاريخية ليفهم بأن أي صراع بين طرفين يجب أن يكون متوازنا و إلا حصل الفناء للاثنين معا. و الذين يتحكمون في مصائر الشعوب و الأمم، يعرفون جيدا هذه القاعدة و يتصرفون على أساسها. أما الأخطر في كل هذا فهو أن يتخلى المرء عن هويته و يرتمي في أحضان هوية أخرى، فقط لأن أصحابها يبدون أكثر تقدما على الصعيد التكنولوجي. و لكن من قال بأن الآلة كيفما كانت يمكن أن تضاهي عقل و قلب الإنسان كمخلوق يفترض فيه أن يرتقي طبقا لقانون التطور، إلى أن يصل لمستوى الإنسان الذي خلق قبلا في أحسن تقويم؟. نعم للنظام و القانون و العدل و العلم و التقدم والحب و السلام على رأي صديقنا الراجي، و لكن ليس انطلاقا من الخنوع و الذل و الهوان، و لا على حساب الهوية و القيم الإسلامية، و لكن انطلاقا من القوة و الإيمان و بناء على الاحترام المتبادل.
أتمنى أن يتحلى الراجي بقليل من التواضع و الموضوعية و يمنح لنفسه بعض الوقت لمراجعة أوراقه، و بعد ذلك يعود إلينا بمقالات متوازنة ترقى للمستوى الذي نتطلع إليه جميعا. و إذا ما استهوته الكتابة عن الإرهاب الذي ألبس للمسلمين عنوة، فليتذكر بأن كل طرف يخاف من الطرف الآخر، و هذا الخوف يتجسد في شكلين. إما في شكل العدوانية أو شكل الاستسلام. وجهان لعملة واحدة. و هنا لا يمكن سوى لطرف واحد أن ينتصر، و هو الطرف الذي يستخدم الخوف كمحرك و ليس ككابح. و أسوق لصديقنا هذه الكلمات ليعي بأن الأمر لا يتعلق فقط بعقيدة أو إيديولوجية، و لكن بفن قديم في لعبة توجيه أفكار و توجهات الناس من أجل الحفاظ على السلطة التي لا تقبل بالضعف أيا كان مصدره، لأن الضعف معناه النهاية، ولهذا لا تكف وسائل الإعلام ولا السينما الأمريكية بحقن الأمريكيين بجرعات، في بعض الأحيان زائدة، ليتصرفوا و يعيشوا دائما و أبدا كأقوياء لا يقهرهم أي أحد. فأين نحن من الحب و السلام و التعايش. هل المجتمع الذي يفتخر فيه المواطن بقطعة السلاح التي يمتلكها مجتمع حب و سلام؟. هل الدولة التي تصرف بلايين الدولارات في البرامج السرية السوداء دولة حوار و تعايش؟.
كفانا من غباء بعض الحالمين من ذوي العاهات الفكرية المرتمين في أحضان من يكنون لنا الحقد و العداء، و قد بين الله لنا غدرهم من خلال لحن القول الذي تلوكه ألسنتهم. عيونهم تفضحهم، يكفي فقط التمعن فيها، إنها مرآة ما يخفونه في أنفسهم. فلماذا نهدم بيوتنا بأيديهم و أيدينا؟.
إن ما كتبته لا يخص الراجي وحده كما قد يعتقد البعض، و لكن يخص كل من أصابه أو قد يصيبه مس من شيطان الصهيونية و من يدور في فلكها من جماعات و محافل سرية و علنية. لا يعقل أن أجد في الغرب أصواتا تفضح مجرمي الحرب و المتكالبين على الشعوب المستضعفة، و داخل البلدان الضحية أصواتا مازوشية تنحر الإسلام على مذبح السلام المفترى عليه. حقيقة لا أفهم كيف يمكن لشخص طبيعي في كامل قواه العقلية، أن يلثم اليد التي تشبع وجهه صفعا و لكما. هذا ما نعاينه مع كامل الأسف، إلا أن يكون و أمثاله عملاء خونة، ليست لديهم الشجاعة ليقولوا للعالم بأن ما يقومون به قبضوا ثمنه نقدا، فبئس الثمن وبئس البائع و المشتري.
[email protected] mailto:[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.