من يزور مدينة أكادير لأول مرة ويرى الأشغال الجارية على الكورنيش، وأشغال تهيئة الملتقيات الطرقية، سيقول في نفسه بلا شك بأن مدينة أكادير لم يعد ينقصها أي شيء، لكن واقع المدينة السياحية يقول بان أكادير ما يزال ينقصها الشيء الكثير، خصوصا في ما يتعلق بالبنية التحتية. أكادير التي تعتبر ثاني وجهة سياحية في المغرب بعد مدينة مراكش، كشفت الأمطار الأخيرة التي تهاطلت عليها أنها مدينة ينطبق عليها المثل المغربي القديم الذي يقول –آلمزوق من برا آش خبارك من لداخل-، فقد كانت ستة وثلاثون مليمترا من الأمطار كافية لإظهار الوجه الحقيقي لعاصمة سوس، حيث أدت هذه المطار إلى عزل المدينة لعدة ساعات بعد أن فاض الوادي الذي يوجد في مدخل المدينة على الطريق الرئيسية الرابطة بينها وبين مدينة انزكان، لدرجة أن المياه تجاوزت القنطرة ليس لأن حمولة الوادي كانت قياسية، بل لأن القنطرة ضيقة، هذا على الرغم من أن مسؤولي المدينة يعلمون علم اليقين أن اكادير توجد في منطقة مهدد بالفيضانات لكونها محاطة بالجبال والأودية. وبالإضافة إلى ذلك انقطع الماء الصالح للشرب عن أغلب أحياء المدينة لمدة يومين كاملين، مما أرغم الساكنة على اقتناء مياه الشرب المعدنية، قبل أن تبادر السلطات إلى توزيعها عبر الصهاريج المحمولة على الشاحنات. وإذا كان حال اكادير لا يختلف عن حال باقي مدن المملكة فإن مسؤولي المدينة يتوجب عليهم أن يأخذوا بعين الاعتبار أن اكادير كما قلنا سابقا، مدينة سياحية يأتي إليها السياح من كل بقاع العالم، فكيف ستكون نظرة هؤلاء السياح عن المغرب وهم يرون ثاني اكبر مدينة سياحية في البلاد تغرق في الفيضانات وتنقطع عنها الطرق والمياه الصالحة للشرب فقط بسبب مليمترات قليلة من الأمطار؟ يجب على مسؤولي المدينة الذين يعرفون جيدا أن السياحة تلعب دورا كبيرا ورئيسيا في إنعاش الدورة الاقتصادية ليس في أكادير لوحدها، بل في جهة سوس ماسة درعة بشكل عام، أن يعلموا بأن مثل المشاهد التي عاشتها أكادير مؤخرا، ستجعل أي سائح يراها، يتردد ألف مرة ومرة قبل أن يفكر في العودة مرة أخرى إلى المدينة، بل الى المغرب بصفة عامة. إن ما تحتاجه مدينة اكادير في الوقت الراهن ليس هو تزيين ملتقيات الطرق الرئيسية وجوانبها بالورود والشجيرات، أكادير لا تحتاج إلى النافورات التي لا يعرف أحد لماذا تصلح وما الجدوى من تشييدها، بل تحتاج قبل كل هذه –الروتوشات- إلى بنية تحتية قوية. اكادير بحاجة إلى بناء مسالك لحمايتها من السيول التي تأتي من الجبال المحيطة بها، وتحتاج إلى قناطر كبيرة تحميها من العزلة عندما –تحمل- الأودية المحيطة بها، وتحتاج أولا وقبل شيء إلى تضافر جهود مسؤوليها من أجل إنجاز هذه البنية التحتية، وهذا ما لا نعتقد انه سيتحقق على الأقل في الوقت الراهن نظرا للخلافات التي لا تنتهي بين والي المدية وعمدتها.