الخطاب الملكي بمناسبة مرور 34 سنة على استرجاع الأقاليم الجنوبية إلى حظيرة المملكة ، والخطاب الملكي حول الجهة اقبرا خيار الحكم الذاتي الذي ترفضه البوليساريو والجزائر وتصران بدله على الاستفتاء المؤدي إلى الانفصال . ففي الخطاب الأول الذي دعا فيه جلالة الملك إلى الصرامة في التعامل مع القضية الوطنية ،وهو ما يفيد الصرامة في تطبيق القانون المغربي ودون استثناء احد عند الإخلال والمساس بقضية الصحراء المغربية ، والذي لم ينبس فيه جلالة الملك ولو بكلمة واحدة حول الحكم الذاتي كان موجها الى بوليساريو الداخل . الخطاب الثاني الذي اعتبر تتمة وتكملة للخطاب الأول ، ركز فيه جلالة الملك على الجهوية ،ولم يعرض على الحكم الذاتي إلا تذكيرا بالتزامات المغرب في إيجاد حل مشرف للجميع قصد وضع حد للنزاع المفتعل . هذا الخطاب كان رسالة واضحة لمن يهمهم الأمر في الخارج بان المغرب لن يتنازل عن شبر من أراضيه ، وهو ما يفيد استعداد المغرب لاستخدام كافة الوسائل المشروعة في الحفاظ على الوحدة الترابية للمملكة . إن المغرب لن يطبق الحكم الذاتي من جانب واحد ، لان هذا سيكون ، وأمام رفض البوليساريو ، من قبيل العبث الذي سيشكك في مغربية الجماهير المغربية التي ظلت مرتبطة بالصحراء ، وتشكيكا في مغربية الصحراء ، حيث سيعتبر إخلالا بقسم المسيرة الخضراء ، وطعنا في المشروعية التاريخية ، وهو ما يتناقض مع الخطابات الملكية حول القضية الوطنية . لذا فان نظام الجهة لن يكون بديلا عن واحدية الدول القوية ، بل سيتم في إطارها كوحدات في تسيير الشأن العام ، وليس كوحدات تقسيمية وتجزيئية على غرار ما يسود في العديد من الدول الاروبية حيث الاختلاف في التاريخ وفي الخصوصية التي تجعل من وحدات الجهة تسير تحت الإشراف المباشر لولاة وعمال جلالة الملك ، وهو ما يعني قطع الطريق على تيارات الانفصال التي تعمل على اجندة استعمارية في الداخل ، وقطع الطريق على بوليساريو الداخل والخارج من اي امكانية للعودة الى الخطابات الجوفاء التي تم تجاوزها بنهاية الحرب الباردة ، وبمساندة المنتظم الدولي لحل الحكم الذاتي المغربي من خلال قرار مجلس الامن 1813 الذي استبعد اي حل تعجيزي في الصحراء ، اي رفض المجتمع الدولي خلق كيان عميل بالجنوب المغربي يفصله عن موريتانيا عمقه الافريقي . إن الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب ،كان استجابة لقرارات مجلس الامن التي كانت تحض أطراف النزاع ،على الانكباب لإيجاد حل سياسي من خلال المفاوضات . وإذا كان الحل السياسي والمفاوضات تعني ان أطراف النزاع يجب ان يقدما تصورات وبدائل عن المواقف السابقة ، فان تقدم المغرب بمقترح الحكم الذاتي سحب البساط من تحت أقدام البوليساريو وراعيهم الجزائر اللذان ظلا حبيسي مواقف متصلبة جامدة ومتجاوزة ، وهو ما يعني رفضهما الخضوع لقرارات مجلس الأمن وللمنتظم الدولي لإيجاد حل مشرف للقضية في اطار لا غالب ولا مغلوب . الآن لقد تم حسم مشكل الصحراء المغربية من خلال الحكم الذاتي الذي يبقى تطبيقه معلقا على شرط واقف ، هو موافقة البوليساريو عليه ، ثم هناك شروع المغرب في باتكار اليات تسييرية جديدة لمواكبة التطورات الحاصلة على الارض ،ومن جهة اذا كان الحل السياسي في جانب المغرب ، فانه كدالك يتمتع بالمشروعية القانونية التي جسدها قرار مجلس الامن 1813 الذي استبعد الحلول التعجيزية ، وهو ما يفيد اعتراف المجتمع الدولي بالسيادة المغربية في الصحراء ، وبمغربية الصحراء . الآن الجزائر والبوليساريو يوجدان خارج اي مشروعية دولية تسمح لهما بالعودة الى سبعينات القرن الماضي . والمغرب من خلال الجهة يكون قد اكمل اغلاق الملف وسد الباب على دعاة الانفصال ومريديهم ، بل حتى الحكم الذاتي لن يكون خارج الجهة ضمن الخصوصية المغربية ، وهذا اذا وافقت عليه البوليساريو التي لا تملك حرية واستقلال القرار الذي يبقى بيد عرابهم الجزائر ، مما يجعل الصراع مفتوحا بين الجزائر كبلد معتدي خارج القانون ، والمغرب البلد المعتدى عليه الذي يتمتع بالمشروعية القانونية ، المشروعية السياسية ومشروعية الأرض .