الآن، وبعد نهاية مسلسل المحاكم القضائية بخصوص قضية "أخبار اليوم"، حول الرسم الكاريكاتوري إياه، الذي أتحفنا موقع "هسبرس" بكشف خلفياته، http://www.hespress.com/?browser=view&EgyxpID=17271 وبعد صدور اعتذار عن مدير الجريدة ضد الأمير مولاي إسماعيل، دون صدور اعتذار عن رسام الكاريكاتور، جاء الدور للتعليق العابر والمسؤول على الرسم الكاريكاتوري الذي "أبدعه" نفس الرسام حول وزير الاتصال، مؤديا مناسك الحج. هناك مرتبتان في تناول هذا الرسم الأخير: فمن جهة ، هناك مرتبة التوقف عند أخلاقيات المهنة، وهناك في الاتجاه الآخر مرتبة سامية وتتعلق بقدسية المقام الذي جاء في الرسم الكاريكاتوري. فبالنسبة للمقام الأول، يكفي أن تضطر النقابة الوطني للصحافة الوطنية إلى إصدار بيان تندد فيه بما جاء في الرسم، لتفادي السفر النقدي في تفاصيل أخلاقيات المهنة التي تم ذبحها بالمكشوف في الرسم، عبر أسبوعية لوجورنال إيبدومادير. نحن لا ندافع عن مؤسسة النقابة، ولكننا لسنا في معرض نقد أداء هذه المؤسسة من جهة، وإنما في معرض تزكية موقف شجاع صدر عنها، قلما اطلعنا عليه، يهم نقد ممارسة إعلامية غير سوية، ما جاءت في الرسم الكاريكاتوري. ولكن بالنسبة للمرتبة الثانية، هي الأكثر أهمية وخطورة، لأن الرسم، بإجماع أغلب الزملاء والمسؤولين، استنكروا، سواء صراحة أو خلسة، تشويه بعض مناسك هذه العبادة الإسلامية، وتشويه صورة مسؤول حكومي مغربي، لتمرير أفكار وعقليات تصفية الحسابات نرى أنها تجاوزت حد المراهقة الإعلامية، وكانت أقرب إلى درجة الصبيانية، ونقولها بكل أسف وحسرة على هذا التردي الأخلاقي الذي يمس مهنة الصحافة بالمغرب، والذي لا يتعلق فقط بهذا الرسم فقط، وإنما بالعديد من اليوميات والأسبوعيات، ومنها وجود مسؤولين لا علاقة لهم بالمهنة من قريب أو بعيد، أو تطفل آخرين على المهنة، أو إشراف مسؤولين على مهام قذرة في بعض الصحف، لا علاقة لها بتاتا بسمو هذه المهنة. إننا نرى أن هناك حاجة ماسة اليوم إلى وقفة مكاشفة ومصارحة للجسم الصحافي، لأن الانزلاقات اللاأخلاقية التي ظهرت خلال الشهور الأخيرة، والجرأة على المساس بمجموعة من الثوابت الوطنية والدينية للمغاربة بشكل عام، والانخراط المفضوح في صفقات الفساد والارتشاء والدعاية تحت شعار "الصحافة المستقلة"، وغيرها من الانزلاقات، تفرض بشكل عاجل هذه المصارحة، على أن تتم هذه المصارحة ليس فقط بين زملاء المهنة، ولكن أيضا مع المسؤولين عن القطاع والباحثين المعتبرين من ذوي المصداقية، ونحن نفترض من باب حسن النوايا والمقاصد، أن هناك غيرة حقيقية لجميع هؤلاء الفاعلين على واقع ومستقبل مهنة، لم تصل إلى انحدار أخلاقي ومهني مثلما وصلت إليه اليوم، أما الدروس التي يجب استخلاصها من الرسم الكاريكاتوري الذي توقفنا عنده كنموذج بسيط، فإنه نموذج بسيط من جملة من النماذج التي تعج بها الساحة الصحافية المغربية، وينطبق عليها مقولة إن لم تستح فاصنع ما شئت.