كلما طالعت الصحف محلية كانت أو دولية ، إلا و كانت الافتتاحيات تمس الأزمة الاقتصادية العالمية من قريب أو بعيد . لكن الغريب في الأمر حقا أن أجد من بينها مقالا يتحدث عن نجاح المسبارين الأمريكيين اللذان بعثا بهما إلى المريخ وقد تجاوزا الوقت المحدد لهما بكثير ،ولازالا يرسلان إشاراتهما إلى المحطة الفضائية لوكالة النازا الأمريكية إلى الآن . فكان مضمون المقال ذاك التنافس العلمي الحاد بين كندا و أوروبا مجتمعة من جهة وبين أمريكا و الصين و روسيا من جهة أخرى ،فقلت و لاشك أن هاته الأمم تعيش ما يسمىبالترف الحضاري لا أقل و لا أكثر . لكن بالرجوع إلى فضاء الانترنيت تبين أن القوم وضعوا خططا مستقبلية وميزانيات لاستكشاف الفضاء و خصوصا كوكب المريخ ، ومن شأن هذه البرامج و الخطط العلمية ، أنها لا تتأثر أبدا بالأزمة الاقتصادية العالمية التي لا تمس سوى العامة عندنا وعندهم . ثم بعملية إسقاط سريالية على أمتنا العربية ،ارتأيت أن أوجه النصح لها ،في خضم هذه الأزمة العالمية حيث أبواب شركات النسيج تقفل ،والعمال المياومون في قطاعات البناء و الخدمات يسرحون أفواجا أفواجا على طول البلدان العربية أو ما يعبر عنه عادة بمقولة – من المحيط إلى الخليج ؟ -هذا إضافة إلى أن فصل الربيع على الأبواب يتبعه فصل الصيف مما يزيد من سخونة الأدمغة العربية ؟ وحيث لن يكون لها عمل في ظل الأزمة العالمية الراهنة ، أقترح على الدول العربية أن تطلق مشروعا ضخما لإنتاج البطيخ ،ذلك أن هذا المنتج موسمي ،فيستقيم آنذاك أن تخصص كل بقعة أرضية في الوطن العربي خصصت للأبراج الشاهقة الخاوية على عروشها و الفيلات السياحية بمسابحها ،لإنتاج فاكهة البطيخ . فمن جهة سيتم استغلال الأرض إنتاجيا ،ومن جهة أخرى استقطاب الفائض من اليد العاملة المسرحة اضطراريا . ثم إنه وهذا هو المهم سيتم إشغال الأدمغة العربية؟ بمشروع يسهم في إيجاد الوفرة في منتوج لا يباع إلا أشطرا في دول أوروبا و أمريكا ،فهكذا قد نرجع التوازن للاختلال الحاصل في موازين تبادلاتها التجارية. كما على الدول العربية الأخرى أن تستفيد من الخبرات المغربية التي راكمها في هذا الميدان فنحن ولله الحمد من الدول الأول عربيا ،إن لم نقل دوليا في إنتاج كل أنواع و أصناف البطيخ ،ولنا الخبرة الكافية في تصديرها إلى باقي الدول العربية ، فلم لا تستفيد دول الخليج من خبرتنا هذه ، فتستورد شبابنا العاطل لإنتاج البطيخ في بلدانها خاصة و ان الصيف مقبل بحرارته المفرطة ، والكل يعلم ما للبطيخ من فوائد في تزويد الجسم بالسوائل و السكريات و المغذيات ...ثم لم لا ؟ يستعملون قشرته الخارجية بعد تجفيفها غطاءا للرأس تقيهم حر الشمس ،أو يفرغون لبابه بعد أن يشطروا الثمرة نصفين فيستعملون الباقي كأواني طبيعية بدل تلك المستوردة من الصين ؟ فمن جهة سيمتصون جزءا من العطالة العربية ومن جهة أخرى سيعززون من الدخل القومي العربي إجمالا . ولا ننسى ما للبطيخ من فوائد صحية على الجسم ،فبذوره السوداء تشبه الحبة السوداء ؟ ومع ان الأزمة العالمية مستفحلة و الدخول العربية للشعب في الحضيض يكون من النافع جدا – لمن اعتاد على الأدوية التقليدية مع غلائها هي الأخرى – أن يستعين ببذور البطيخ السوداء مثلها مثل الحبة السوداء .. أما في الجهة الأخرى من الوطن العربي حيث الحروب الأهلية والانقلابات العسكرية أصبحت لها هواية كالصومال و إثيوبيا وربما السودان في القريب العاجل و إيرتريا ،فإن إنتاج البطيخ بوفرة سيساعد جنودهم على المقاومة وهم بدورهم قد يستعملون القشرة الخارجية بعد تجفيفها و شطرها نصفين خوذة للرأس لتقليل الإصابات بينهم ،فكلنا يعلم أن الكلاشينكوفات عندهم متوفرة أكثر من الخبز ، ومشكلتهم الوحيدة ومبعث إصاباتهم الخطيرة أنهم لا يتوفرون على الخوذات كباقي الجنود في العالم ،لذلك فإن البطيخ سينفعهم ولا شك . وخلاصة القول أن فائدة الاستثمار عربيا في البطيخ لا تخفى على احد ،فهو منتوج يوفر الماء. والوطن العربي بدأ يعرف أزمة خانقة في الماء ؟ وهو منتوج لا أسهم له تتداول في البورصات و الوطن العربي أدرى بالنصب والاحتيال و المقلب الذي مورس عليهم في البورصات العالمية ؟ ثم هو منتوج سيستقطب اليد العاملة بالوفرة ، فكل بطيخة يلزمها عامل يتعهدها بالرعاية والسقاية و الشحن و التفريغ ، وهو منتوج يقوي ملكات العد والحساب لأنه يحصد حبة فحبة ؟. ثم لم لا تكون للعرب أسبقية إختراع آلة لحصد البطيخ ؟ فيدخلون بها نادي الدول المصنعة ؟ ... مالنا نحن العرب و المريخ ؟ ألا يقول الغرب أنه كوكب أحمر ،وطموحهم تحويله إلى كوكب أخضر . فإذا تكون نتيجة منطقية إن نحن أنتجنا البطيخ ،فهو أحمر من الداخل اخضر أو مخطط بالأبيض من الخارج ،وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ؟ هم عندهم ترف علمي حضاري يطمحون به لغزو المريخ ، ونحن سيصير عندنا ترف غذائي مائي إن تبنينا مشروع البطيخ و اعددنا له خطته الاقتصادية و السياسية والاجتماعية و.. و.. و إلى آخر ساعة لهم في المريخ ؟ ولنا مع البطيخ ...