كشف عبد القادر اعمارة، وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، عن عزم المغرب إنشاء مفاعل نووي جديد، لينضاف إلى المفاعل الوحيد الموجود في المعمورة نواحي الرباط، والذي يقوم حاليا بإنتاج طاقة نووية تستخدم في الجانب الطبي على وجه الخصوص، فيما سيتعمل المفاعل الجديد لإنتاج الكهرباء. وأضاف اعمارة، في حوار له مع هسبريس، أن المغرب مهدد، كباقي الدول، بأعمال تخريبية إرهابية، ناتجة عن استخدام "بنيّة سيئة" للمصادر المشعة، ما وصفها ب"القنابل القذرة"، مشيرا أن المغرب لا يتوفر على أسلحة نووية، التزاما منه على المعاهدة الدولية للحد من انتشار تلك الأسلحة. المغاربة يسمعون بالمغرب وعلاقته ب"النووي"، هل يمكن توضيح هذه اللازمة؟ المجال النووي والإشعاعي مَجَالين مرتبطين، فالنووي (nucléaire) مجال يؤدي إلى إنتاج قنبلة نووية، بعد أن يكون المصدر مثل اليورانيوم أو البلوتونيوم، قد تم إشباعه لدرجة معنية، فيصبح بعد ذلك قابلا للانشطار.. بشكل عام، تعتبر تلك المصادر الأساس لتكون لديك مصادر منتَجة أخرى مشعة تصلح لاستخدامات طبية أو غذائية أو صناعية أخرى. إذا حدود استعمال المغرب تتوقف هنا، وليس هناك أي مجال لخطر أو تهديد؟ نعم، نحن حاليا نستعمل المواد المشعة في مختلف المجالات التي لها راهنيتها وأهميتها، لكن حين نتحدث عن الأخطار، فالمجتمع الدولي لا يفرق حاليا بين النووي والإشعاعي. فكما سبق لي القول، النووي قد يؤدي إلى صنع قنبلة نووية، لكن الإشعاعي يمكن أن يكون أساس "القنابل القذرة"، وهي التي تخلق اهتياجا وخوفا رهيبا عند الناس.. فإذا ما وقع الأمر، فقد تكون هناك تداعيات سلبية جدا، ويمكن أن تحصل حوادث خطيرة خاصة في المدن الكبيرة. هل تلك الحوادث تحصل بشكل مقصود أم نتيجة لأخطاء في عملية الإنتاج؟ سؤال في محله، هناك حوادث تنتج بشكل غير مقصود، وهنا يلزمنا التفعيل المسبق لمسطرة صارمة في تتتبع عمليات إنتاج المصدر المُشعّ إلى أن ينتهي في مكان التخزين وغاية التخلص منه، والهيئات المستغلة والمراقبة هي من تتكلف بذلك، بحيث لا يجب أن يضيع في الطبيعة أو يلقى به في مكان آخر غير مخصص لذلك. أما المجال الثاني، فهنا نتحدث عن نية سيئة في الاستغلال، حيث يمكن الحصول على مصدر مشع ووضعه في قنبلة عادية، وهنا نتحدث عن عمل إرهابي وتخريبي. بمعنى أن المغرب مهدّد بهذا النوع من القنابل الخطيرة؟ جميع دول العالم سواء كانت منتجة او مستوردة هي مهددة، بما فيها المغرب. ألهذا الغرض اقترحتم مشروع قانون يراقب إنتاج النووي والإشعاعي؟ مشروع القانون الذي يحمل رقم 142-12، وسبق تقديمه أمس أمام أنظار لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، يأتي أساسا لملائمة الترسانة القانونية المغربية في المجال النووي والإشعاعي مع المعاهدات الدولية، والتي تنص على المطابقة القانونية للدول وأن تكون لديها هيئة مستقلة للمراقبة. حيث جرى اقتراح تأسيس إحداث "الوكالة المغربية للأمن والسلامة في المجالين النووي والإشعاعي". وما الجديد الذي ستأتي به الوكالة؟ بحكم استقلاليتها، لن يكون دور الوكالة الإنتاج، بل ستراقب عمل المنتجين والمستغلين للنووي والإشعاعي بالمغرب، حيث ستتم مراقبة المركز الوطني للمعمورة، الذي ينتج إشعاعات والنظر إلى أي جحد يحترم المساطر القانونية التي تتلائم مع المقتضيات الدولية. من حقها أيضا أن تراقب مختلف المختبرات لتطلب تفسيرات عن المصادر المشعة، متى وصلت وكيف استعملت وفق حسابات وتفاصيل دقيقة. نعود لسؤال هل المغرب مهدّد بالقنابل الإشعاعية الخطيرة؟ ما عاد تقريبا أربعة دول، فجميع الدول، بما فيها المغرب، منخرطة في معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية، وتجاه المجتمع الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية. والمغرب مهدد بأن يكون مواجها بخطر إرهابي قادم من الخارج، لأن القنابل القذرة في المتناول وفي الوقت ذاته يصعب الأمر إلا أن يكون هناك تواطؤ دول معينة في الحصول على مصدر نووي مشع. لكن رغم ذلك، تبقى التخوفات قائمة. ما مستوى المغرب وحصته من النووي؟ المركز النووي الوحيد في المغرب متواجد في المعمورة نواحي الرباط، ونطلق 'منشآت من الفئة الأولى'، وطاقته تصل إلى 2 'ميكاوات'، ويسمح بإنتاج المصادر المشعة لاستخدامها بالأساس في أغراض طبية، كما يمكن استعماله في أغراض حربية. مشروع القانون الجديد يسمح لنا بالتخطيط لإنشاء محطة نووية جديدة خاصة بإنتاج الكهرباء، لأن الاستعمال السلمي الكبير في المجال النووي هو إنتاج الكهرباء. وفق المعايير الدولية، يلزمنا مفاعل نووي بطاقة استيعابية تصل ل1600 ميكاوات، وهو أمر ممكن، لأن هناك دول لم تكن سباقة للإنتاج النووي، دخلت في هذا المجال، مثل الإمارات التي تتوفر على 4 مفاعلات وتركيا بمفاعلَين اثنين مع روسيا والصين، والفيتنام وروسياالبيضاء.. السنوات المقبلة هي سنوات تحد حقيقي للطاقة، باعتبار أن الثورة الصناعية الثانيّة كلها بنيت على كل ما هو أحفوري الذي يمتد على مدى عشرات السنين، مثل الغاز والبترول والفحم الحجري وحتى المحروقات غير العادية.. فمن الطبيعي أن نتوجه إلى هذا الخط. قلتم "أغراض حربية"، هل المغرب يفعل ذلك؟ المغرب لا يتوفر على هذا النوع من الإنتاج، لانعدام الإمكانات التكنولوجية المتطورة لإشباعها، فنحن نستورد وفق ما هو منصوص عليه في القوانين الدولية، وكل ما يتم إنتاجه مضبوط ومسجل ويمكن للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تأتي لمراقبته. كم يستورد المغرب من النووي؟ نحن نتوفر حاليا على مخزون من اليورانيوم صالح لعشرة سنوات قادمة. هل يفكر المغرب في امتلاك أسلحة نووية؟ المغرب موقع على المعاهدة الدولية لعدم انتشار الأسلحة النووية، وهو ملزم بها، ولا يمكن بالتالي أن نمتلك أسلحة نووية. بغض النظر عن ذلك فهذا مجال كبير وخطير، ومرتبط بتوازنات جيو-استراتيجية كبيرة جدا، وأغلب الدول تنحو منحى العلاقات الدولية السلمية، من بينها المغرب. هناك بعض الدول، كالأرجنتين، وصلت إلى حد دسترة استعمال النووي في الأغراض السلمية فقط، والمغرب ملتزم بالمعاهدة الدولية.