الحكومة تعلن عزمها توظيف 1840 عونا إداريا ناطقا بالأمازيغية هذا العام    طقس الثلاثاء: أجواء باردة مع صقيع محلي بعدد من المناطق    ترامب يقيل 4 مسؤولين حكوميين    القارة العجوز ديموغرافيا ، هل تنتقل إلى العجز الحضاري مع رئاسة ترامب لأمريكا … ؟    ترامب يأمر بالانسحاب من اتفاقية باريس    ياسين العرود: قائدٌ واعدٌ لرؤية اقتصادية جديدة في شمال المغرب    اختتام ملتقى الدراسات بالخارج وممثلو الجامعات والمعاهد.. يؤكدون نجاح الدورة الثالثة    أمريكا تغادر اتفاقية باريس للمناخ    روبيو وزيرا لخارجية الولايات المتحدة    أخنوش يترأس افتتاح مصنع جديد لمجموعة ليوني    توقيع بروتوكول لإنشاء ميناء جاف بأكادير لتعزيز البنية اللوجستية بجهة سوس ماسة    عجز الميزانية يواصل "المنحى التنازلي"    العمراني يحضر حفل تنصيب ترامب    توفير 2373 عونا ناطقا باللغة الأمازيغية بتعبيراتها الثلاث في متم سنة 2025    باكستان تبحث تعزيز التعاون الأمني مع المغرب في مكافحة الإرهاب    اتخاذ تدابير عملية لمواجهة موجة البرد بإقليم شفشاون    ترامب: الحقبة الذهبية لأميركا "بدأت للتو".. سنوقف الحروب وسأكون صانع السلام    ملفات أمنية تجمع حموشي والشودري    بريد المغرب يعزز دوره كرائد في الثقة الرقمية بالمغرب بحصوله على اعتماد من المديرية العامة لأمن نظم المعلومات    الوالي التازي: "أمانديس" ستواصل خدماتها إلى نهاية 2026.. والشركة الجهوية تبدأ التدبير التدريجي ابتداءً من 2025    السياحة الداخلية.. تسجيل 8.5 مليون ليلة مبيت بالفنادق المصنفة خلال سنة 2024    لمواجهة آثار التقلبات المناخية.. عامل إقليم الحسيمة يترأس أشغال لجنة اليقظة والتتبع    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" بستايل رومانسي رفقة سكينة كلامور    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    موعد رحيل "مكتب هالا" عن الرجاء    اتحاد نسائي: تعديلات المدونة مخيبة    وزير الفلاحة: نعمل على إحصاء القطيع الوطني وإيجاد حلول للإنتاج    برنامج يواكب الفلاحين بالجنوب الشرقي    مأساة مؤلمة: رضيع اليوتيوبر "عبير" يلحق بوالدته بعد عشرة أيام فقط من وفاتها    الناظور تحتضن بطولة للملاكمة تجمع الرياضة والثقافة في احتفال بالسنة الأمازيغية    الوزير بنسعيد يعلن عن تعميم خدمات جواز الشباب على الصعيد الوطني    عمر نجيب يكتب: غزة أثبتت للعالم أنها قادرة على تحمل الحرب الشاملة وعدم التزحزح عن الأرض..    الفريق أول المفتش العام للقوات المسلحة الملكية والسيد لوديي يستقبلان رئيس أركان القوات المسلحة بجمهورية إفريقيا الوسطى    إعادة انتخاب فلورينتينو بيريس رئيسا لريال مدريد    الأرصاد الجوية تحذر من رياح قوية    الكشف عن عرض فيلم اللؤلؤة السوداء للمخرج أيوب قنير    إضراب الأطباء بالمستشفى الحسني بالناظور لمدة 5 أيام    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. 116 وفاة و25 ألف إصابة ودعوات لتحرك عاجل    أغنية «ولاء» للفنان عبد الله الراني ..صوت الصحراء ينطق بالإيقاع والكلمات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ترامب يستعد لتسلم مهامه ويصبح الرئيس الأمريكي الأكبر سنا لحظة دخوله البيت الأبيض    نهضة بركان تنهي دور المجموعات باكتساح شباك ستيلينبوش بخماسية نظيفة    المنتج عبد الحق مبشور في ذمة الله    تنظيم أول دورة من مهرجان السينما والتاريخ بمراكش    أنت تسأل وغزة تجيب..    ابتسام الجرايدي تتألق في الدوري السعودي للسيدات وتدخل التشكيلة المثالية للجولة 11    عبوب زكرياء يقدم استقالته بعد خسارة الدفاع الحسني الجديدي أمام الوداد    دراسة: التمارين الهوائية قد تقلل من خطر الإصابة بالزهايمر    منها ذهبية واحدة.. جيدو المغرب يحرز 11 ميدالية    إسرائيل تفرج عن 90 معتقلا فلسطينيا ضمن المرحلة الأولى من صفقة التبادل مع حماس    إبداع النساء المغربيات في أطباق البسطيلة المغربية يبهر العالم    فريق كوري يبتكر شبكة عصبية لقراءة نوايا البشر من موجات الدماغ    إسدال الستار على فعاليات الدورة ال3 من المهرجان المغربي للموسيقى الأندلسية    الجزائر.. فيروس ينتشر ويملأ مستشفيات البلاد بالمرضى    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشهد مرعب
نشر في هسبريس يوم 08 - 04 - 2014

على غير العادة وجدتني أستيقظ باكرا صباح هذا الأحد، شعرت وكأني قد اكتفيت تماما من النوم، حاولت دون جدوى أن أغمض عيني مرة أخرى، خصوصا طوال الاسبوع وبحكم العمل أستيقظ عند الفجر. يوم الأحد أعوض هذا النقص المرعب من ساعات النوم، بقية الأيام أستيقظ بصعوبة قصوى، أستعين بمنبهين - الهاتف والساعة -، أغادر فراشي الدافئ بصعوبة كبيرة! تجدني أخاطب نفسي بمرارة وغبن ورأسي تحت الوسادة: لقد هانت، سوف يأتي يوم الأحد لأنتقم منك أيها النوم اللعين اللذيذ... يأتي أخيرا هذا الأحد فأجد نفسي مستيقظا مع أولى صيحات الديك! أي كساد أكبر من هذا؟
نهضت، هيأت فنجان قهوة، و أنا ألعن حظي العاثر، شعرت برغبة الجلوس في الشرفة، لم يكن يستهويني الجلوس فيها لارتفاعها الشاهق، كان بيتي في الطابق العاشر، يُخيل إليك وأنت تطل من الشرفة كأنك تركب الطائرة!
وأنا أنظر بحذر إلى الأسفل رأيت الحديقة التي توجد أسفل العمارة شبه خالية إلا من فتاة تجلس وفي يدها شيء يبدو كهاتف صغير (محمول)... ثم وجدتني أشهق من هول ما رأيت!
طفل ربما في عامه الثالث يقترب من البحيرة التي توجد وسط الحديقة، كنت أعرف أن البحيرة عميقة قد تبتلعه إذا ما وضع قدمه الفتية فيها! كان الطفل يجري ويلعب بمحاذاتها... تحول بصري بسرعة إلى الفتاة الجالسة، كانت تتكلم في الهاتف... آه يا ربي ما أغباها! أكيد أنها أمه أو مربيته، كيف لم تنتبه؟ كيف يصبح هذا الجهاز الصغير الملعون أهم من طفلها؟ تَراها الآن تتكلم في أمر تافه! الطفل أراه يقترب أكثر إلى البحيرة والمرأة كأنها في عالم آخر منهمكة في دردشة فارغة، قد تكون الآن منتشية بالحديث والضحك مع صديقة تافهة مثلها بينما طفلها يقترب أكثر إلى الموت!
كنت أعلم أن صوتي لن يصل إليها من هذا الارتفاع الشاهق ومع ذلك أخذت أصرخ، وجدتني أتنقل بين جنبات الشرفة ذهابا وايابا لعلي أرى أحدا، لعلي أستطيع أن أفعل شيئا... وجدت أمامي المقعد الذي أجلس عليه في الشرفة، حملته ورميته بكل قوتي إلى الأسفل لعلي أثير انتباهها، لعلها تسمع صوت ارتطامه بالأرض فترفع بصرها حيث أنا، لكنها وكأنها في عالمها الآخر وكأن الدنيا اختصرتها فقط في هاتفها الصغير!
كان علي أن أتصرف بسرعة و أن أسابق الزمن، وقوفي هكذا في الشرفة أنتظر وقوع الكارثة كأنه مشاركة في هذه الجريمة! أما المراهنة على أن المرأة قد تنتبه فهي مراهنة خاسرة بكل تأكيد
بح صوتي من الصراخ، قررت أن أنزل... كنت أعرف أن الأمر يتطلب مني حتى أصل إلى الطفل زمنا ليس بالقصير، بخلاف الموت فإنه على بعد خطوة واحدة يخطوها الطفل المسكين إلى البحيرة! إنه سباق غير عادل بيني وبين الزمن، حتى أنه سباق غير ممكن، فنقطة الوصول مختلفة ومغايرة، أنا أجري من أجل الحياة وهو يسرع من أجل الموت!
خرجت بمنامتي، طبعا من السذاجة أن أنتظر حتى ألبس ملابس الخروج، وجدت المصعد ينتظرني في الطابق العاشر... رميت جسدي داخله، شعرت بأمل يكبر داخلي، لعل النوم الذي استعصى على جفوني، ودخولي للشرفة رغم أني لا أحب الجلوس فيها، والمصعد على غير العادة عند بابي ينتظر قدومي،كلها بشائر تجعلني أعتقد أن القدر معي في سباقي مع الزمن! هذا ما خطر ببالي وأنا بالمصعد، كانت الثواني التي قضيتها فيه أطول مما أستحمل، كنت أستعجل الوصول كطفل يجري الى دورة المياه ليفرغ مثانته الممتلئة لكنه عندما يصل يجدها مشغولة، فيصير يقفز في مكانه ينتظر!
دفعتُ الباب وخرجت أجري الى الحديقة، لاحظت بدهشة وجود سيارات الإسعاف والشرطة والمطافئ كلها قرب الحديقة، دخلتُ أبحث عن الطفل عند البحيرة ... أخذت نفسا عميقا وحمدت الله على أنه في أحضان رجل المطافئ، رأيت امرأة تهرول نحونا ما أن رأتْ الطفل حتى ارتمتْ تحتضنه وتقبله، تبكي وتقول:
- بحثت عنك في كل مكان يا كبدي، كدت أجن عليك
تمسحُ دموعها وتريد أن تقبل يد الرجل الذي كان يحمل طفلها
- شكرا لك
ابتسم الرجل وقال:
من يستحق الشكر بالفعل، تلك المرأة الجالسة هناك، إنها من أجل طفلك هاتفت كل المصالح الأمنية
ضحكَ وتابع قائلا: من أجله أقامت الدنيا و لم تقعدها
التفتنا حيث السيدة، وجدتها تلك الفتاة، ربما في عقدها الثاني، نحيفة وشاحبة، كانت تبتسم للطفل وتشير إليه بيدها، رأيت رجلا يقترب منها يقبلها في جبينها، تلفٌ يداها حول عنقه ،فيحملها ثم يجلسها في مقعد متحرك كان بجانبها ويغادران الحديقة، رجل المطافئ يعلق قائلا:
- المسكينة تعاني من شلل نصفي
*عن المجموعة القصصية " أشواق مهاجرة "


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.