استحضرنا لائحة من الأسماء المعرفية، ونحن نتتبع ثنايا إعلان أحمد عبادي ( الصورة) ، أمين عام "الرابطة المحمدية للعلماء"، عن إطلاق أعمال مركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء، بالرباط، زوال الجمعة الماضي (25دجنبر 2009). استحضرنا محمد شحرور، نصر حامد أبو زيد، يوسف صديق، المنصف بن عبد الجليل، محمد أركون طبعا، عبد الوهاب المؤدب، عبد الكريم سوروش، حسن حنفي، مصطفى محمود، واللائحة تطول، على اعتبار أن الإعلان عن تأسيس المركز، يصُبُّ بشكل أو بآخر، في خوض معترك الاشتباك المعرفي مع اجتهادات جميع هؤلاء وغيرهم كثير، من باب تحمل مسؤولية أمانة التعامل مع النص المقدس/المؤسس للدين الخاتم، حيث اعتبر أمين عام الرابطة بهذه المناسبة، أنه "تمَّ التفكير في إنشاء هذا المركز، من أجل استئناف البحث المنهاجي التدبيري للقرآن المجيد"، مبرزا أن هذه المؤسسة التي ستعمل على "إنماء الاهتمام البحثي بالدراسات القرآنية تتوخى، على وجه الخصوص، إبراز كونية القرآن الكريم" من منطلق أنه "يختص بنظام مفاهيمي فريد في دلالاته وسياقاته، كما يتفرّد برؤية شاملة مستوعبة للكون وللإنسان وللحياة والأحياء، فكلماته ومفاهيمه وإن أشبهت رسما تلك الكلمات والمفاهيم التي كانت مستخدمة قبل الإسلام فهي متميزة عنها، لأن القرآن المجيد قد أعاد استخدامها وأضفى عليها قيما جديدة من خلال سياقها القرآني، وبإدراك هذا التحول في الاستخدام اللغوي الفريد تفريغا وشحنا للمصطلحات يمكن الكشف عن جانب من معالم الرؤية الكونية للقرآن. أُعلن إذا عن تأسيس المركز، مباشرة بعد إلقاء عبادي محاضرة في موضوع "نحو منهجية معرفية للدراسات القرآنية"، مؤكدا بداية أن الحرص واضح في القرآن الكريم على بناء مفاهيم نورانية انطلاقا من "البنائية القرآنية"، تأسيسا على حرض أولي وواضح في السنة النبوية، على تجلية كل ذلك فهما وتنزيلا، مبرزا أن القرآن الكريم يختص بنظام مفاهيمي فريد في دلالاته وسياقاته، وبرؤية شاملة مستوعبة للكون وللإنسان وللحياة والأحياء. وتشير الورقة التعريفية بالمركز، إلى أنه "يروم إعادة اكتشاف قيم الوحي التي كانت بمثابة المنطلق الأساسي لإبداعات وإنتاجات المسلمين، وكذلك اكتشاف المنهج الذي يضم كافة مفردات وجزئيات التراث، والمناقشة العلمية الرصينة لمختلف دعوات القراءات المعاصرة للقرآن الكريم، واستبانة قيمتها المعرفية من خلال عرضها على مقاصد الشريعة الإسلامية وعلى خصوصيات القرآن الكريم وقيمه الحاكمة. بالإضافة إلى العمل على إعداد موسوعة علمية تعنى بالدراسات القرآنية، وفق مقاربة منهجية معرفية"؛ ومن أهدافه أيضا، "إعادة المركزية للنص المرجعي؛ قرآنا وسنة صحيحة، وإعمال النظر فيهما في سبيل استيعاب الإشكالات الجديدة التي استجدت في أسيقة جديدة. وكذا الإسهام في استكمال المناهج العلمية المسعفة في مجالات تمكين المسلمين في العصر الحديث من فهم القرآن الكريم بشكل صحيح، والعمل على إعداد موسوعة علمية تعنى بالدراسات القرآنية". كما سيحرص مركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء على التعاون مع الجامعات العالمية خصوصا أقسام الدراسات الإسلامية، ومراكز البحوث العلمية، وعلى تدريس مقررات تتناول الدراسات القرآنية في أبعادها المنهجية والمعرفية، وسيعمل إجمالا على تحقيق هذه الأهداف باعتماد مجموعة من الوسائل منها: النقد المعرفي؛ القائم على الفهم والتحليل والتفكيك ثم التركيب، لمختلف المدارس الفكرية المهتمة بالدراسات القرآنية، ولما تصدره من منشورات ودوريات، في الشرق والغرب على السواء، مع العناية بالإنتاج والتوليد المعرفيين، حتى تعود المرجعية المعرفية القرآنية، سبيلا لا يسع الإنسان عموما، والإنسان المسلم خصوصا تجاوزه؛ نشر البحوث والرسائل والأطروحات المتميزة التي تعنى بالدراسات القرآنية، باللغة العربية، وسائر اللغات الحية لا سيما الإنجليزية والفرنسية والإسبانية واللغات الأسيوية؛ عقد الندوات والمؤتمرات العلمية لمناقشة مختلف القضايا والمستجدات في مجال الدراسات القرآنية، مع الحرص على أن يتم اختيار المواضيع بدقة عالية، حتى نخلص إلى نتائج عملية محددة، وتوصيات علمية معتمدة؛ إنشاء مكتبة متخصصة في الدراسات القرآنية، بمختلف اللغات الحية، تعمل على حصر شامل لكل ما كتب في هذا المجال قديما وحديثا، مع العمل على تصنيفه، وتبويبه، وفهرسته، ليكون متاحا للدارسين والباحثين في مختلف التخصصات؛ التنسيق مع أقسام الدراسات الإسلامية، وأقسام العلوم الإنسانية بجامعات العالم وتيسير عنايتهم بالدراسات القرآنية المنهجية المعرفية، مع إبراز أبعاد ذلك ودلالاته؛ إنشاء موقع" الدراسات القرآنية المنهجية المعرفية" على شبكة الأنترنت باللغة العربية وبما تيسر من اللغات الحية، يهتم بموضوعات الدراسات القرآنية؛ إعداد ورعاية أجيال من نوابغ الباحثين، من مختلف بقاع العالم، ومن المملكة المغربية على وجه الخصوص، وتوجيههم للتخصص في الدراسات القرآنية المنهجية المعرفية؛ إصدار مجلة دورية علمية محكمة متخصصة في الموضوع، تتغيى إعادة الاعتبار للدراسات القرآنية المنهجية، وتُعرف بأبحاث ودراسات المركز؛ وأخيرا، إنشاء جائزة لأحسن رسالة دكتوراه في الدراسات القرآنية المنهجية، تمنح دوريا كل سنتين.