أطلقَ وزيرُ الخارجيَّة والتعاون، صلاح الدين مزوار، الدورَة الثانية من الحوار الاستراتيجِي بينَ المملكة والولايات المتحدَة، صباح اليوم في الرباط، رفقَة نظيره الأمريكِي، جون كيري، الذِي حلَّ أمسِ بالمغرب، قادمًا من الجزائر، حيث التقَى الرئيس الجزائرِي، عبد العزيز بوتفليقة. مزوار الذِي ترأس أشغال الحوار، بحضور عددٍ من المسؤولِين والفاعلين المغاربة، والوفد الأمريكي المرافق لكيري، أثنَى في مستهلِ كلمته، على اهتمام الإدارة الأمريكيَّة بالمغرب، كبلدٍ يمثلُ نموذجًا للاستقرار والإصلاحات، التِي وصفها بالهادئة، مستدلًا بالبلاغ المشترك الذِي أعقب زيارة الملك، محمدٍ السادس، إلى واشنطن، في نوفمبر الماضي، معتبرًا إياهُ خارطَة طريقٍ للبلدين للمضِي قدمًا في علاقاتهما. القسمُ الأكبر من كلمَة مزوار أمام ضيوفه، انصرفت إلى الشقِّ السياسي، بدءً من التذكير بالإصلاحات التي انخرطَ فيها المغرب منذ سنوات، ومعالجة إرثه الحقوقي بهيئة الإنصاف والمصالحة، التي جعلَت المملكة مرجعًا، حسب المتحدث، وصولًا إلى التجاوب مع المتغيرات الإقليميَّة، وتبنِي دستور 2011؛ في سياقِ إصلاحِي ينكبُّ على العدالة كما الحكامة. وفيمَا بدأ مجلسُ الأمن، بالأمس، اجتماعه الاستشارِي غير الرسمي حول الصحراء، وسطَ دعواتٍ مناوئة للمغرب، تصبُو إلى توسيع صلاحيات المينورسُو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، لفتَ مزوار إلَى إرساء المغربِ آليَّاتٍ وطنيَّة لمراقبة احترام حقوق الإنسان، الذِي أنشئت له فروع في جهات المغرب، واضطلاعهِ بدورٍ في حثِّ الحكومة على الانخراط في جيلٍ جديد من الحقوق. ولأنَّ محاربة الإرهاب بالمنطقة، كانَت فِي صدارة الأجندة التِي جاء كيري مثقلًا بها إلى الجارين المغاربيين، فقد عرجَ مزوار على دور المغرب في المجال، عبر إمارة المؤمنين، باعتبارهَا سلطةً روحيَّة يتمتعُ بها الملك المغربيُّ، تمكن من محاربة التطرف، وإشاعة الإسلام المعتدل. بيدَ أنَّ معالجة الاضطرابات التِي ترجُّ المنطقة، تستلزمُ، بالموازاة مع بناء أرضيَّة معتدلة، عبرَ التسويَة النهائيَّة للنزاع حول الصحراء، الذِي قال مزوار، إنَّ المغربَ يقدرُ فيه الدعم الأمريكِي لمساعِي بان كي مون ومبعوثه إلى المنطقة، كريستوفر روس، يستطرد المتحدث. وارتباطًا بإفريقيا، أحالَ رئيس الديبلوماسيَّة المغربيَّة إلى تقاطعٍ بين توجه المغرب نحو إفريقيا، كما تبدَّى مع الجولة الأخيرة للعاهل المغربِي إلى أربعة بلدانٍ إفريقيَّة، وبينَ إيلاء الولاياتِالمتحدة اهتمامًا مماثلًا، وإقبالها على احتضان القمَّة الأولَى للولايات المتحدَة وإفريقيا، فِي غشت المقبل. وإنْ كانت التعاونُ بين المغربِ والولاياتالمتحدة على عدَّة أصعدة، في مستوى مشجع، بشهادة وزيريْ خارجيَّة البلدين، فإنَّ الجانب الاقتصادِي لا يزالُ فِي حاجةٍ إلى المزيد، حسب مزوار، على اعتبار أنَّ حصَّة الولايات المتحدَة من الاستثمارات الأجنبيَّة في المغرب لا تتخطَّى 8 بالمائة، وهُو ما وافقه كيرِي عليه، وأبدَى أملهُ فِي أنْ يشهد تطورًا في المستقبل. وفِي جوابٍ على سؤالٍ لصحافِي أمرِيكي، حولَ اعتقالِ الصحافِي، علِي أنوزلا، ومحاكمته بقانون الإرهاب، أوضحَ مزوار بأنَّ أيَّ شخصٍ ينوه بالإرهاب فهو يستفزُّ المجتمع المغربِي، لافتًا إلى أنَّ الملفَّ معروضٌ على القضاء، ولا يمكنه التدخل فيه، وذكرَ مزوار أنَّ أنوزلا صحافِي كبير ويكنُّ له احترامًا، لكنَّ لكل الدول قوانين تحظَى بإجماع مجتمعاتهَا.