يوم الأحد الماضي أضاف المغاربة ستين دقيقة على التوقيت العادي , و غيروا برامجهم رأسا على عقب , كما أن كثيرين منهم اختلط عليهم الحابل بالنابل , و صاروا لا يميزون بين التوقيت العادي الذي ألفوه , و بين التوقيت الجديد الذي ينغص على كثيرين منهم نظام حياتهم المعتاد . مبررات الجانب الرسمي حول إضافة هذا الزمن الجديد تؤول دائما إلى نوازع اقتصادية محضة , من قبيل المحافظة على الطاقة الكهربائية , و تمتين الشراكات الاقتصادية مع الدول الصديقة ذات الريادة في هذا المجال ... لم نسمع مبررات كافية عن عدم تأثير هذه الساعة الجديدة على ما هو اجتماعي , خاصة الأمني , و أيضا علي ما هو صحي في حياة الإنسان المغربي المعروف بعصبيته , و مزاجيته , و أنانيته في بعض الأحيان ... , فمن ألف النوم مع 9 مساء , بعد أن يقضي أكثر من ساعتين في مراجعة دروسه , سيضطر إلى تسريع وثيرة نشاطه ساعة زائدة , لكي ينام في توقيته المعتاد , و لغرابته , فهو يصادف انتهاء غروب الشمس بقليل , و لا شك أن ضوضاء الشارع صاخبة , ما دامت حركيتها ألفت النشاط في هذا الوقت رغم أنه يصادف التاسعة مساء , مما يجعل النوم في هذا الوقت صعبا , و من اعتاد على الوقوف في محطة حافلات المدينة , في السابعة صباحا , و الشمس بازغ ضياؤها , سيكون هذه المرة تحت رحمة ظلام دامس , فقد يخفي بين جوانحه خطرا داهما , خاصة على العاملات اللواتي يصطففن صباح كل يوم أمام هذه المحطات . نفع هذه الساعة الجديدة على اقتصادها أكثر من حاجيات مجتمعها , و ما يثير التساؤل إلى درجة الاشمئزاز , إن كانوا يتحدثون عن تحريك هذا الوقت لعجلة الاقتصاد , فماذا استفدنا من اقتصادنا إلى حد الآن ؟ فأوضاع بلدنا الاقتصادية صعبة , و أغلب الشرائح الاجتماعية ساخطة على الوضع , في ظل الزيادات الأخيرة التي مهما سوغتها الحكومة فهي غير مقبولة البتة . لو تعهدت حكومتنا أن زيادة هذه الساعة الجديدة ستجني أرباحا مهمة , و ستحقق كثيرا من مطالب شعبنا , و ستقوض هواجسنا حول المستقبل القاتم لستسغنا ذلك , لكن , و الواقع أنه لا شيء تحقق بشكل ملموس إلى حد الآن , فتبقى هذه الزيادة , سهما آخر ينهش جسد المواطن المسكين المثخن بزيادات حكومية مرفوضة . لن نستغرب إن كثرت الجرائم الجنحية , و حوادث السير , و المصائب في هذه الفترة , فمن يسوق صباحا , قبل وقت العمل , سيلاحظ نرفزة بادية في محيا السائقين , مرجعها سوء نظام نومهم و استيقاظهم , في حين اللصوص و قطاع الطرق سيتصيدون فرائسهم في أوقات مناسبة ستمنحها لهم الساعة الجديدة , فلن يجد أقل لص احترافية غضاضة من الانقضاض على ضحية خرجت مع السادسة و النصف صباحا متوجهة تحت ظلمة حالكة ظانة أنها صباح مشرق لتصدم برعديد ينقض عليها , و يسلبها ما جنته يداها المكافحتان ... الحق أن هذه الساعة التي تعد خطوة إلى الأمام , سيصدق عليها المثال اللينيني , فإن كان من مبادئ التقدم عنده : خطوة إلى الوراء من أجل خطوتين إلى الأمام , فمبدأ التقدم عندنا , ساعة إلى الأمام من أجل خطوتين إلى الوراء ... * باحث في اللسانيات