لقد أثار «مشروع النظام الأساسي لموظفي الجماعات الترابية» جدلا واسعا؛ حيث شكل محورنقاش ا يام دراسية نظمتها بعض الهيئات النقابية ، وذلك في أفق الاستماع إلى آراء وملاحظات موظفي الجماعات الترابية والخبراء في المنظومة الترابية من أجل صياغة مقترحات حول مشروع نظام أساسي يتماشى مع تطلعات الشغيلة الترابية، وينسخ مقتضيات المرسوم رقم 2.77.738 الصادر سنة 1977 بمثابة النظام الأساسي لموظفي الجماعات المحلية والذي تم تعديله وتتميمه بالمرسوم رقم 2.80.255 الصادر سنة 1980 والمرسوم رقم 2.85.265 الصادر سنة 1986 . وإسهاما في هذا النقاش الحالي ، نقدم رؤيتنا للموضوع من خلال هذه القراءة النقدية، وذلك بتسليط الضوء على مقتضيات ومضامين هذا المشروع تحليلا ونقدا وتقييما لمدى استجابتها لمعايير الحكامة الجيدة . فما هي اذن المقتضيات التي أتى بها مشروع المرسوم الآنف الذكر؟ وهل تنضبط هذه المقتضيات لمعايير الشفافية والمساواة والإنصاف والجودة والمبادئ الديمقراطية التي أقرها الدستور؟ وهل هذه المقتضيات ستسد ذرائع المحسوبية والمزاجية والشطط في استعمال السلطة وشخصنة القرارات أم ستفتحها على مصراعيها؟ هل يستجيب هذا النظام الأساسي لمطالب وانتظارات موظفي الجماعات الترابية؟ ان أول التقاطة نلتقطها ونحن نتصفح هذا المشروع، الذي لم يكن من السهل التقيد بمنهجية قراء ته مادة تلو أخرى ، هو التأطير العام للمشرع والذي يأتي ضمن سياق الهجوم الكاسح للحكومة على مكتسبات الموظفات و الموظفين حيث يطرح نفسه بمثابة التعبير عن التراجعات التي تتضمنها كل مادة . وسنحاول من خلال هذه القراءة فك بعض طلاسم خبراء وزارة الداخلية والامانة العامة للحكومة واضعي المشروع، و الكشف عن وجهه القبيح المتخفي بين السطور و الساعي إلى الإجهاز على المكتسبات الهزيلة لشغيلة القطاع ، وذلك عن طريق تقديم مجموعة من الملاحطات . • الملاحظة الأولى : يشطب هذا المشروع نهائيا على فئة الأعوان المؤقتين والمياومين والعرضيين من هيئة موظفي الجماعات على عكس المرسوم رقم 2.77.738 بتاريخ 27 شتنبر 1977 بمثابة النظام الأساسي لموظفي الجماعات المحلية الذي ينص في فصله 6 على مايلي :"يتألف الموظفون العاملون بالجماعات من : 1. موظفي الجماعات المعينين وفقا لمقتضيات الأنظمة الأساسية الخاصة المشار إليها أعلاه في الاطر المرتبة في سلالم الأجور من 1 إلى 9 ؛ 2. الأعوان المؤقتين والمياومين والعرضيين؛....." 3. موظفي الدولة الملحقين لدى الجماعات، 4. الاعوان المتعاقدين الموضوعين رهن إشارة الجماعات، 5. الافراد المدعوين للخدمة المدنية." و يوضح الفصل الرابع من نفس المرسوم أنه « ... تطبق فيما يخص الأصناف الأخرى للأعوان المستخدمين لدى الجماعات المقتضيات المعمول بها بخصوص الأصناف المطابقة للأعوان العاملين بالإدارات العمومية." أما المشروع المقترح فيشطب نهائيا على الأعوان المؤقتين والمياومين والعرضيين من هيئة الموظفين العاملين بالجماعات مع العلم أن هؤلاء يمثلون قاعدة واسعة تؤمن تقديم الخدمات العمومية للمواطنين من قطاع النظافة إلى العمل بمختلف مكاتب الجماعات و العمالات و الولايات. هذا المشروع يتوج البناء القانوني التخريبي للقطاع العام و للوظيفة العمومية عبر رمي المزيد من مئات الآلاف من شغيلة الوظيفة العمومية نحو النخاسة المعاصرة المتمثلة في شركات التدبير المفوض ، المناولة و خوصصة الخدمات العمومية. • الملاحظة الثانية : يُدخل المشروع الاطر العليا الإدارية والتقنية تحت سلطة تعيين وتأديب رئيس الجماعة الترابية إذا كان النظام الاساسي الحالي واضحا في تحديد الاطر الخاضعة لسلطة تعيين رئيس الجماعة الترابية ، و بالتالي لسلطته التأديبية،و المحددة في "الاطر المرتبة في سلالم الأجور من 1 إلى 9 بإدخال الغاية و المشار إليها في الفصل 6 (الفقرات 1 و 2 و 6 و 7) أي باستثناء المشار إليهم في الفقرات : 3 - موظفي الدولة الملحقين لدى الجماعات، 4 - الاعوان المتعاقدين الموضوعين رهن إشارة الجماعات، و في الحالتين المشار إليهما في الفقرتين 3 و 4 اعلاه يمكن أن يكون المعنيون منتمين بصفة نظامية أو عن طريق التشبيه إلى جميع اسلاك الدولة بما فيها الأسلاك المرتبة في سلالم اعلى من السلم رقم 7، إن اختصاص تسيير الأطر العليا في ظل النظام الحالي يرجع إلى السلطة المركزية رغم كون الجماعات هي التي تتحمل ميزانياتها أجورهم ورواتبهم، ويتعلق الأمر ب: المتصرفين والمتصرفين المساعدين، المهندسين والمهندسين المعماريين، الأطباء والبياطرة . فإذا كان المشروع لم يقل وضوحا في رغبته إخضاع فئة الأطر العليا الإدارية والتقنية المرتبة في سلالم الأجور 10 و11، التي تضم كل من موظفي الدولة الملحقين لدى الجماعات والأعوان المتعاقدين والموضوعين رهن إشارة الجماعات، لسلطة رئيس الجماعة الترابية من حيث التعيين، فإن الفصول 3 ، 4 و 5 من المشروع واضحة من حيث شمول الهيئة الدائمة لموظفي واعوان الجماعات الترابية لهذه الفئة. أما الفصل 23 فهو واضح من حيث إخضاعها للسلطة التأديبية لرئيس الجماعة الترابية بحيث لا يستثنى من هذه السلطة سوى قرار العزل الذي لا يصبح نهائيا "إلا بعد الموافقة الصريحة لوالي الجهة المعني بالأمر". • الملاحظة الثالثة : أصبحت ترقية الموظفين مشروطة بوجود المنصب المالي الشاغرو بمخطط التأطير المصادق عليه من طرف المجلس التداولي حسب الفصل التاسع من هذا المشروع ، تفتح "المباريات و الامتحانات المهنية المنظمة لولوج مختلف الاسلاك و الدرجات بمقتضى قرار لرئيس الجماعة الترابية في حدود المناصب المالية الشاغرة بالميزانية" من جهة و "حسب مخطط التأطير الإداري و التقني للجماعة الترابية المصادق عليه من طرف المجلس التداولي" من جهة اخرى. حسب منطوق هذا الفصل على الموظفين الجماعيين ان يودعوا حقهم في الترقية بالاختيار (بالأقدمية) و بالكفاءة المهنية كحق مكتسب بمجرد تحقق الشروط النظامية ست سنوات اقدمية لاجتياز مباراة الكفاءة المهنية و عشرة بالاختيار ضمن نظام التسقيف"الكوطا " المنصوص عليه في المراسيم المتعلقة بالترقية. إن أي مجلس لا يرى في مخططه للتأطير الاداري و التقني الحاجة إلى منصب محرر ممتاز أو متصرف ممتاز مثلا سيحرم الموظف المتوفر على الشروط و الذي قضى سنوات في انتظار هذه الترقية من حقه في الترشح على الاقل لمباراة الكفاءة المهنية أو ولوج جدول الترقي بعد أكثر من عشر سنوات. لقد اضاف المشروع ، إلى جانب شرط التسقيف (ا لكوطا) و تمديد السنوات المطلوبة، عراقيل جديدة أمام ترقي الاعوان و الموظفين الجماعيين ، لكنه لم يكتفي بذلك كما سنرى بعده و نفس الامر يسري على التوظيفات الجديدة بالجماعات الترابية . • الملاحظة الرابعة : لن تتم ترقية الموظفين إلا ضمن نسبة مئوية من كتلة الاجوريحددها وزير الداخلية اما الفصل العاشر من المشروع السالف الذكر ، فيشترط "نسبة مئوية من كتلة الأجور" يحددها وزير الداخلية "حسب صنف كل جماعة ترابية " لا ينبغي تجاوزها عند "فتح المناصب المالية بميزانيات الجماعات الترابية والتوظيفات الجديدة". لقد رأينا في الفصل التاسع شرط المنصب المالي الشاغر للترقي و للتوظيفات الجديدة، اما الفصل العاشر فيضع شرط "نسبة مئوية من كتلة الأجور" لا ينبغي تجاوزها لفتح المناصب المالية الشاغرة بالميزانية في وجه المباريات المهنية او التوظيفات الجديدة. وبذلك ، تصبح ترقية الاعوان والموظفين من سابع المستحيلات إنه اذن مشروع يتوخى بامتياز تحقيق الاهداف المالية المتمثلة في الحد من التوظيف و تقليص أعداد العاملين بالقطاع العام و كتلتهم الاجرية. • الملاحظة الخامسة : يُشرعن هذا المشروع التشغيل بعقود عمل محددة المدة لا تتجاوز سنة قابلة للتجديد مرة واحدة يشرعن الفصل الخامس عشر اللجوء إلى التشغيل بالعقدة و فق دفتر تحملات و لمدة محددة لا تتجاوز سنة قابلة للتجديد مرة واحدة ، و ليس التعاقد بالأمر الجديد بالوظيفة العمومية عموما و لا بالجماعات الترابية بشكل خاص،و يتمثل التراجع الجديد والخطير في تحديد المدة المحددة في سنة قابلة للتجديد مرة واحدة وفي وضع دفتر تحملات. و يأتي هذا الفصل ضمن التنزيل القانوني للتراجعات التي مست النظام الاساسي العام للوظيفة العمومية من خلال التعديلات التي ادخلها القانون رقم 50.05 والمتعلق بتعديل النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية حيث ينص الفصل 6 مكرر على ما يلي "يمكن للإدارات العمومية، عند الاقتضاء، أن تشغل أعوانا بموجب عقود، وفق الشروط و الكيفيات المحددة بموجب مرسوم.ولا ينتج عن هذا التشغيل، في أي حال من الأحوال، حق الترسيم في أطر الإدارة." و ينبغي التساؤل لما سيتم اللجوء إلى توظيف موظفين قارين جدد أو لفتح ابواب الترقي في وجه الاعوان و الموظفين، ما دام رئيس الجماعة يمكنه التعاقد "للقيام ببعض الأشغال المؤقتة" متى شاء. • الملاحظة االسادسة : يسمح المشروع للجماعة الترابية باللجوء إلى التشغيل المؤقت وفق عقود عمل خاضعة لمدونة الشغل حسب الفصل السادس عشر |،يتولى رئيس الجماعة الترابية ، بطريقة مباشرة تشغيل اعوان مؤقتين بمقتضى عقد خاضع للقانون الخاص للقيام بالأشغال العرضية او الموسمية، لمدة لا يمكن ان تتجاوز 6 أشهر". هكذا يتم التخلص نهائيا من عشرات الآلاف من العرضيين والموسميين الذين يتم تشغيلهم بالجماعات الترابية و الذين يحتفظون بأمل ما في استقرار اوضاعهم بإدماجهم و ترسيمهم . إن العديد من موظفي الجماعات الترابية المرسمين الحاليين مروا بهذا المسار، فيما لا زال الآلاف من هؤلاء يشكلون الرافعة الحقيقية لعمل مرافق الجماعات الترابية على طول خريطة الوطن. إن خطورة شرعنة العمل وفق عقود عمل محددة المدة خاضعة لمدونة الشغل بالجماعات الترابية تتجاوز حدود مصالح شغيلة الجماعات لوحدها ستتسبب في مقتل مصالح كل الموظفين وكذا استمرارية الوظيفة العمومية و المرافق العمومية. ألا يؤدي هذا اذن إلى إغلاق نهائي للتوظيف بالوظيفة العمومية؟ ألا يشكل ذلك خطرا حقيقيا على توازن صناديق التقاعد الهش اصلا؟ ألا تصبح الوسيلة المفضلة للتشغيل في يد رئيس الجماعة الترابية نظرا لمرونتها و تكلفتها المالية الهزيلة مقارنة بمباريات التوظيف و تكلفة الاعوان و الموظفين الخاضعين لنظام الوظيفة العمومية؟ من دون شك إن أهداف هذا المشروع هي نفسها التوصيات التي أوصى بها ممثل البنك العالمي "سيمون كراي " خلال مناظرة الإصلاح الشامل للنظام الاساسي للوظيفة العمومية بقوله "التحكم في اعداد الموظفين – التحكم في كتلة الاجور ....تقديم خدمات عمومية ذات جودة عالية و باقل تكلفة". • الملاحظة السابعة : تشكل عملية الالحاق و حركية إعادة الانتشار السنوية و الاجبارية أخطر تهديد لاستقرار الموظف "يمكن إلحاق موظفي الجماعات الترابية بالإدارات و المؤسسات المنصوص عليها في الفصل 48 من النظام الاساسي للوظيفة العمومية و كذا لدى المقاولات و الشركات المكلفة بتسيير مرفق عمومي محلي" ويتم "استشارة ممثلي الموظفين باللجن الإدارية المتساوية الاعضاء المختصة" و ذلك عند صياغة الاتفاقية التي يتم بموجبها الإلحاق الجماعي أو الفردي للأعوان والموظفين. من الواضح انه مجرد رأي استشاري في نهاية المطاف لا قوة إلزامية له. اما الحديث عن "ضمان الحقوق المكتسبة للمعنيين بالأمر" فهو من باب الحشو اللغوي ليس إلا و ينبغي الإشارة إلى كون هذه المادة مخالفة للفصل 48 من النظام الاساسي للوظيفة العمومية الذي ينص بشكل صريح على انه "يتم الإلحاق بطلب من الموظف". هذا فيما يخص الإلحاق و الذي يبقى أخف ضرر خاصة إذا تعلق الأمر بنفس المدينة. اما الاخطر فيتمثل في هذا "السم المدسوس في الدسم" الذي نص عليه الفصل الثامن عشر و المتعلق ب "تنظيم حركية سنوية لإعادة انتشار موظفي الجماعات الترابية بطلب منهم او باقتراح من رؤساء الجماعات الترابية بمقتضى قرار عاملي أو لوزير الداخلية حسب الاختصاص. ومن الواضح ان طابعها السنوي سيجعل العديد من الموظفات و الموظفين يجدون انفسهم ضمن حركية لا رغبة و لا مصلحة لهم فيها. إذ يمكن لرئيس الجماعة اقتراح أي موظف لا يروقه او لأتفه الاسباب، خاصة و ان الجماعات الترابية تنعت غالبا بتضخم أعداد العاملين بها الذين ينبغي توزيعهم على باقي الإدارات و المناطق التي تعاني من الخصاص. في نفس المنحى يمكن وضع الموظف الجماعي رهن إشارة إدارة عمومية، مؤسسة أو جمعية خيرية أو ثقافية أو رياضية ذات النفع العام عن طريق اتفاقية لكن فقط "ضمن الحدود الترابية للجماعة" و مرة اخرى سيرغم الموظف على ذلك. وتبدو هنا نية التخلص من الموظفين الجماعيين واستعمالهم كقطع غيار لقطاعات اخرى بذل فتح ابواب التوظيف العمومي أو دفعهم نحو شركات المناولة و التدبير المفوض التي اثبتت انها وسائل لنهب المال العام و للنخاسة في سوق الشغل. الملاحظة الثامنة : جاء هذا المشروع بضمانات تأديبية اقل وباتت الأطر العليا تحت السلطة التأديبية للرئيس "عند استحالة انتخاب لجنة إدارية متساوية الأعضاء"هذه الصيغة كافية للعديد من رؤساء الجماعات المحلية للتخلص من هذه الضمانة المتواضعة التي يمتلكها الموظفون. إذ يكفي لرئيس جماعة ،خاصة مع الصلاحيات الجديدة التي تمت إحاطته بها بصدد اقتراح اللوائح السنوية لإعادة الانتشار و الإلحاق و الوضع رهن الإشارة،ان يلمح إلى عدم رضاه عن المرشحين للجن الثنائية لنجد العديد من الجماعات تسقط ضمن طائلة هذا الاستثناء الذي أتى به المشروع، ليجوز لرئيس الجماعة تشكيل لجنة بعيدا عن التمثيلية النقابية وفرض سلطويته و قراراته التأديبية وانتقائيته في تدبير أمور الموظفين كيفما شاء. وكذلك ضرب الامتداد الوطني لهذا الاقتراع و ما يترتب عنه من نتائج عند تشكيل باقي المجالس و خاصة الغرفة الثانية للبرلمان. يشير نفس الفصل في إحدى فقراته إلى "اعتماد نظام الاقتراع الفردي بالأغلبية النسبية في حالة ما يكون عدد الموظفين يقل عن 100 موظفا" أي أن كل اللجن التي تقل هيئتها الناخبة عن 100 موظف ستعرف ترشيحا فرديا، و يحق لنا ان نتساءل: أليس هذا هو الطريق السيار نحو المزيد من إغراق الانتخابات المهنية ب "عديمي الانتماء النقابي"؟ أليس هذا مدخل لتقزيم التمثيلية النقابية؟ و ينبغي التساؤل كذلك لماذا تم رفع عدد أصغر هيئة ناخبة إلى 50 موظفا بدل 10 في السابق؟، و في حين كان يجري انتخاب ممثلي الموظفين الرسميين و النواب "عن طريق الاقتراع السري باللائحة و بالتمثيل النسبي على قاعدة المعدل الاقوى ودون استعمال طريقة مزج الأصوات و التصويت التفاضلي" أصبحت كل لجنة أقل من 100 موظف تعتمد "نظام الاقتراع الفردي بالأغلبية النسبية"؟ كما تفيد الاشارة الى أن إخضاع الاطر العليا لسلطة التعيين و التأديب لرئيس الجماعة الترابية ، يعني إدراجهم ضمن حظيرة اللجن الإدارية المتساوية الأعضاء المشكلة على مستوى هذه الجماعات ، عكس الوضع الحالي، و هو ما يثير تساؤلات حول احتمال تناول قضاياهم من طرف ممثلين للموظفين من سلالم ادنى، ثم ما العمل إزاء عدم الانسجام الذي يمكن ان نتنبأ به من الآن بالنسبة للجن المنتخبة خاصة على مستوى الجماعات المحلية التي يقل عدد موظفيها عن 100 موظف؟ نقل المشروع اختصاص الموافقة على تشديد العقوبة من طرف رئيس الجماعة المحلية بشكل يتجاوز مقترح المجلس التأديبي من وزير الداخلية إلى عامل الإقليم المعني، و هو بحد ذاته تراجع. كما أن اشتراط الموافقة الصريحة لوالي الجهة المعني بالأمر على قرار عزل الاطر العليا يعد غير كاف خاصة ان تشديد القرار التأديبي فقط كان يقتضي انتظار قرار وزير الداخلية بنفسه بالنسبة لأي موظف كان. • الملاحظة ااتاسعة : تحديد نسبة 1 % من الكتلة الأجرية كتعويض خاص عن المردودية معمم على موظفي الجماعات الترابية "يحدث تعويض عن المردودية لفائدة موظفي الجماعات و أعوان الجماعات المحلية، على أن لا يتجاوز المبلغ المرصود لهذا التعويض بميزانية الجماعة المعنية 1% من كتلة الاجور و في حدود 20% من الراتب الاساسي أو من الأجرة. أول ما يتبادر للذهن عند قراءة هذه المادة هو التعويض الخاص: 270.00 درهم الذي تم إقباره، و الذي كانت المديرية العامة للجماعات المحلية كل ما تم طرحه على طاولة الحوار تساومه بإخراج النظام الاساسي لموظفي الجماعات الى حيز الوجود . يتضح اذن بأن هذا التعويض يبقى هزيلا ولن تناله سوى نسبة ضعيفة من الموظفين المحظوظين الذين يسبحون في فلك رئيس المجلس الجماعي و حاشيته. ان هذا التعويض الذي لا يمثل سوى 1 % من كتلة اجورهم مجرد مزايدة مقابل القبول بهكذا مشروع قد يجمد ترقياتهم إلى الأبد و يعرضهم للإلحاق أو إعادة الانتشار بتراب جماعتهم أو خارجها. وتأسيسا على ما ورد ذكره، يبقى واردا بأن نقول ، إن هذا المشروع هو بمثابة تراجع خطير عن العديد من المكتسبات التي حققها موظفو الجماعات الترابية بعد عدة محطات نضالية ، وان أغلبية مقتضياته لا تنضبط لمعايير الشفافية والمساواة والإنصاف والجودة والمبادئ الديمقراطية التي أقرها الدستور كما أن هذه المقتضيات قد لا تسد ذرائع المحسوبية والمزاجية والشطط في استعمال السلطة وشخصنة القرارات التي باتت السمة الأساسية لأغلبية رؤساء الجماعات الترابية ، بل ستفتحها على مصراعيها كما أن هذا المشروع قد لا يستجيب لمطالب وانتظارات موظفي الجماعات الترابية. وتكمن الغاية الأساسية من اخراجه الى حيز الوجود في تعميم العمل المؤقت وتفكيك الوظيفة العمومية و القطاع العام لفائدة شركات التدبير المفوض و المناولة. كما يستند جوهره على حسابات مالية محضة يقوم بها أصحاب المشروع ضمن استراتيجية عامة تتوخى تقليص الكتلة الاجرية و تقليص اعداد العاملين ضمن الوظيفة العمومية و ما تتضمنه انظمتها الاساسية من مكتسبات في افق إقبارها النهائي . فهل هناك نية حكومية في اذن بالتنازل باليمنى عما حققته القوى الحية باليسرى ؟