كان إذا أراد الله بك خيرا عظيما إستدعاك الحسن الثاني فاستقبلك ، كما كان إذا أراد الله بك مصيبة عظيمة استدعاك الحسن الثاني فسلطها عليك بالحسن الثاني كذلك ، وليس كل من تبوس يد الحسن الثاني من فوق ومن تحت قد شفعت له، فكثير منهم فصلت رؤوسهم عن أجسادهم وقتلوا، والبعض منهم زج بهم في غياهيب بينها وبين ضوء الشمس أمد بعيد حتى تحولت من أسماء إلى أرقام ، ومن أرقام إلى اللاأرقام. وقد تعلمنا من الملك الحسن العلوي أنه لم يعش على الصدفة ، والحسن الثاني كان يأتي في كثير من الأحيان بتحدياته ليفاوض حتى القدر المكتوب، وعادة ما كان القدر يخضع لمفاوضات ذلك الملك الكبير الذي لا يهون الهروب، فيكون ذلك القدر دائما لصالحه وهكذا . نعم ، أندري أزولاي من اختيارات الحسن الثاني ، ولم يسجل التاريخ على الحسن الثاني أنه اختار أمرا عن طريق هواية أو هوية الاعتباط أو الحلم أو التصابي، وكل أولئك الذين قربهم الحسن الثاني منه إلا وبهم أحاط ، كانوا في منتهى التبصر والبصيرة والحكمة وأعلى درجات الوفاء ، ابتداء بالمرحوم الدكتور إدريس البصري ، الدكتور عبد الهادي بو طالب ، الأستاذ رضى اكديرة والأستاذ بن سودة . والحديث اللحظة عن أزولاي ، ومن يعرف أندري أزولاي عن جد وعن قرب سيعرف ما معنى الاختيارات عند ولدى الحسن الثاني سواء تلك الاختيارات السياسية أو تلك الاختيارات الأخلاقية ، يمكن ان نقول على أن السيد أزولاي آلة جد متطورة لتقريب ما بين الحضارات . أزولاي ليس موسما عابرا أو رحلة تتسلق الجبل وهي تتصبب عرقا ، أبدا فالسيد أندري أزولاي مهندس كبير في ترميم علم السلوك البشري العقائدي، ولن يكون إلا تلك المائدة المستديرة التي تتغذى عليها كل الأديان . رجل يتمتع بذهن مطاطي أنيق كما له عقل " تداوليا " يحتوي على جاذبية التجاذب ، أخلاقه العالية الموروثة بمرجعيته الفلسفية الخاصة والتي مفادها " خذ ما عندي إني لا أريد ما عندك "! هذا الرجل العظيم الذي أتلف العنصرية وقرب بين الأديان، وآمن على أن لله عز وجل خريطة واحدة المتمثلة في كلمة الله رب العالمين، وليس إلاها مخصصا لشعب وحده من الشعوب أو لمنطقة معينة دون غيرها . فلماذا لا نفكر ، و لا نجهر ثم لا نؤمن على أن أندري أزولاي سفيرمعتمد للنبي موسى بن عمران في المغرب ؟. فإذا كان النبي موسى قد قضى وأنهى المد العنصري لفرعون ضد شعب إسرائيل طبعا عبر مد لوجستيكي إلهي محض ، الذي أنهى كل سخافات فرعون العنصرية وبها هوى إلى نهاية درامية . لذا فإن الله لا يهدي إلا الحق ، والحق موجود لا يموت بملايين السنين ، ولا ألافها ، لذا لا ننسى أن التاريخ يحمل إلينا بين عهد وعهد وزمن وآخر شخصا أو أشخاصا يطهرون العقل من الطفيليات المعفنة للحقد ، والكراهية والإثنية التي تقود إلى الحروب والإرهاب ، لذا ليس من الممكن إلا أن نؤسس فكرة حقيقية حول الوضعية الزمكانية للأستاذ أندري أزولاي الذي يمكن أن نعتبرها وضعية تموقعية استراتيجية جد حساسة تربط بين الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عامة ، والمغرب خاصة ، هذا الربط الذي نعتقد غاية الاعتقاد على أن المرحوم الحسن الثاني قد فاوض من أجله القدر مفاوضات شاقة وطويلة من أجل شيء مقدس يسمو عن حواس العقد البدائية للاثنيات والعشائريات والتقاتلات الدينية والمذهبية ... ولم يكن الشيء الذي فاوض من أجله المعظم الحسن الثاني القدر ، إلا متمثلا في الشخصية الإنسانية الشمولية والذي تمثلها وتعيشها شخصية " أزولاي أندري". وإذا كان الراحل الحسن الثاني قد تنازل له القدر عن عناده ومده بالرجل الذهبي للديانات السيد أندري أزولاي ، فإن أهم وأعظم إرث إنساني وأخلاقي وحضاري حفظه جلالة الملك المقدس محمد السادس أعز الله أمره لفلسفة والده الحسن الثاني، هي شخصية الفيلسوف أندري أزولاي الذي لا زال قصر الرباط يستفيد من إلماماته الكبيرة بالمواضيع الكونية الثقافية والحضارية والسياسية والتاريخية ، رغم المحاولات المتكررة لأولياء النزعة التهميشية الذين حاولوا إبعاد الرجل وتركينه ، لكن تبقى كل البركة في الملك وفي التاريخ الذي يكتب في المغرب كل ساعة . نعم أزولاي كما نرى ليس محطة قطار بالنسبة للمغرب والدولة المغربية محتاجة إليه أكثر من أي وقت مضى، وضمن المنظومة الفيزيائية التعاقدية مع المصلحة العامة للبلاد ، فإن باستطاعة أزولاي أن يكون وقودا كافيا وهاما لتشكيلة النخبة النمطية لحراك سياسي مستقبلي موسع له نجاعته الفاعلة في التقويم بدل الموسوعة التنويمية التي عليها الحال ، خصوصا على الصعيد العلاقات الخارجية الدولية ، التي أصبحت تحت رحمة الأفكار والأفعال الحزبية القاصرة، والتي ليست لها أية علاقة منطقية بوجود دولة تمارس حقها الطبيعي ضمن مدلول سيادتها الطبيعية، حتى أن العلاقات الدولية بالنسبة للمغرب وقعت في يد شبكة تجارية محصنة بالدستور وتنشط لمصالحها الخاصة تحت عنوان مكبر إسمه الدبلوماسية المغربية !. نعم ، أندري أزولاي له ثلاث مهمات كبيرة قد يحقق من خلالها نجاحا باهرا إذا ما وجد تأييدا من طرف القصر ، أما من طرف الآخرين فنستبعد ذلك ! أولها العمل على الفتح المباشر للعلاقة الدبلوماسية بكل أصنافها بين الرباط وعاصمة اسرائيل تل أبيب لما لهذه العلاقة من نقلة سياسية واقتصادية وحتى اجتماعية بالنسبة للمغرب ، وهذا ليس رضوخا للطبيعة بقدر ما هو تعاملا مع الطبيعة ، فكيف يعقل أن نجد سفارة حكام الجزائر في الرباط ، تلك الجزائر والتي منذ استقلالها وهي تشكل لبلدنا متاعب لا حصر لها ، عسكرية واقتصادية ثم سياسية ، في حين لم يسجل على اسرائيل أن ناورت ضد المغرب أو أساءت إلى قائده أو إلى دستوره أو إلى حدوده الجغرافية ، لذا العاطفة الدينية أو العاطفة القومية لا تفيد هي ، مجرد كبث فكرولوجي ، لكن العقل الديني والعقل الحضاري يجعلنا نحسم الأمور لفائدة المنطق ، ولذا من الممكن جدا أن تكون إسرائيل طرفا مهما في قضية الصحراء المغربية . المهمة الثانية وهي مهمة لها ارتباط " لوجستكاني " بالمهمة الأولى، وتتمثل في فتح قنوات متعددة مع اللوبي اليهودي داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية، سواء تعلق الأمر باللوبيات السياسية أو الإقتصادية وجعلها في حراك ديناميكي استرسالي مع مصالح المغرب الداخلية والخارجية لما للوبي اليهودي في أمريكا من تأثير مثير على سياسة واشنطن ، فيمكن لهذا اللوبي أن يكون إلى جانب المغرب سواء في قضية الصحراء التي لن تحل إلا بواسطة تدخل للولايات المتحدةالأمريكية ، خصوصا إذا ما استغل المغرب الوجود المستقيم للولايات المتحدة في ظل رئيسها " باراك أوباما " الذي يعتبر الرئيس المعجزة بالنسبة لبلدان العالم المتخلف التي تسعى إنصاف مصادق عليه ، ونذكر أنه لن تنجح مساعي المغرب في تواصلاته التواصلية مع اللوبي اليهودي بأمريكا إلا بالتبادل الدبلوماسي الرسمي بين العاصمة المغربية والعاصمة الإسرائيلية ، كما أن اللوبي اليهودي بالولاياتالأمريكية ، تأثير ملحوظ على تنشئة الإستثمار الإقتصادي بمختلف أنواعه لفائدة المغرب إذا ما تم ذلك التواصل التقاطبي مع المغرب . المهمة الثالثة والأخيرة بالنسبة للسيد أندري أزولاي تتمثل في إنشاء معهد عالي دولي لتقارب الديانات السماوية بالمغرب، يكون محجا بيداغوجيا لدعاة السلم في العالم، ومتعلمي السلم الدياناتي في العالم كذلك ، على اعتبار أن الله واحد، والعدل واحد، والولادة واحدة والموت واحد كذلك . لهذا يمكن أن نقول على أن مهمة السيد أندري أزولاي قد اكتملت، وأنه ولا غرابة أن يكون سفيرا معتمدا لدى النبي موسى بن عمران في المغرب الأقصى.