اعتبر المركز المغربي لحقوق الإنسان أن تصريحات الحكومة المغربية لا تتطابق والسياسات العمومية التي تتبناها الدولة على المستوى العملي، وأن هناك تضارباً وتناقضاً في الكثير من المعطيات والقرارات، ممّا يؤكد وجود تخبط في إدارة الشأن العام المغربي بين الحكومة وبين جهات خفية غير خاضعة للمحاسبة الدستورية، مشدداً أن الالتزامات التي قطعها المغرب على نفسه من قبيل مناهضة التعذيب ومحاربة التمييز ضد المرأة وغيرها، لا زالت وعوداً لم تعرف بعدُ طريقها إلى النفاذ. استنتاجات المركز الحقوقي المذكور تأتي في تقريره السنوي الخاص بالعام 2013 الذي تضمن الإنجازات الإيجابية في مجال حقوق الإنسان بالمغرب، ثم الاختلالات العشر الكبرى التي تعتريها، فتفاصيل رصد وضعية هذه الحقوق خلال 2013، وهي التفاصيل التي قسمها إلى ثلاثة محاور هي الحقوق السياسية، الاقتصادية والاجتماعية، والحقوق الخضراء. وأشار التقرير إلى أن تنزيل مقتضيات الدستور على المستوى الحقوقي يعرف تلكأ واضحاً وينزلق في كثير من الأحيان إلى انعطافات خطيرة تفرغ الدستور من جوهره، مبرزا أن هناك نوعاً من العبث وقلة الحزم في التعامل مع ملفات الفساد المعروضة على القضاء، وأن كل إصلاحات الحكومة أجهزت على الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، وذلك بعد أن ساهمت السياسات المتخذة في ضرب القدرة الشرائية للمواطنين، وهو ما أدى إلى مزيد من التظاهر، أعقبته ردود عنيفة غير مقبولة من القوات العمومية. وسجل التقرير أن مظاهر الاعتقال والتعنيف الجسدي واللفظي وتلفيق التهم في حق المشاركين في الاحتجاجات السلمية ومن بينها تلك الخاصة بحركة 20 فبراير لا زالت مستمرة، وأن هناك تراجعاً خطيراً في مدى احترام الدولة المغربية لمقتضيات المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 29 من الدستور المغربي، مبرزاً في سياق آخر أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في مظاهر الإجرام بحق المواطنين الأبرياء خلال العام الفارط، الأمر الذي يؤكد الانفلات الأمني وفشل السياسات الأمنية المتبعة في ظل تساهل الأحكام القضائية في حق مقترفي الجرائم. وانتقد التقرير المشهد السياسي المغربي بسبب إطلاق بعض الهيئات لخطابات واتهامات غير مشرفة، اختلقت من خلالها مفردات دخيلة على العمل السياسي المسؤول، لدرجة الوصول إلى "البلطجة السياسية وتمييع العملية السياسية برمتها"، مُلفتا أن الإعلام ببلادنا لا زال يئن تحت وطأة التضييق والتعتيم، وأن العمومي منه لا يرقى إلى تطلعات الشعب المغربي. كما ذكر التقرير أن المرأة المغربية لا زالت تعيش إقصاءً خطيراً، وأن الطفولة المغربية لا زالت تئن تحت وطأة الفاقة والبؤس والاغتصاب، فضلاً عن أن التعذيب في السجون ولدى الشرطة القضائية لا زال موجوداً عكس ما تلزم به الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب، منتقداً كذلك وضعية الصحة بسبب انتشار مظاهر الرشوة والابتزاز، وتنامي مظاهر الخصاص في الموارد البشرية وفي البنى التحتية الطبية، مقابل تزايد احتياجات المواطنين في الحق في الصحة. وطالب المركز في نهاية تقريره بأن تُفعّل الدولة التزاماتها الحقوقية وتكف عن اعتقال المواطنين والصحافيين على خلفية آراء سياسية أو بسبب كشفهم للفساد، وكذا عن ممارسات التعذيب وفبركة التهم، وأن تتحمل الحكومة مسؤوليتها التاريخية وأن تتوقف عن التراخي في التعاطي مع جرائم نهب المال العام، وأن يضطلع البرلمان بدوره في تسريع التنزيل الديمقراطي لمقتضيات الدستور، فضلاً عن ضرورة مراجعة الدولة لقانون الإرهاب رقم 03-03.