تطور المغرب رهين بقدرته على تدبير ملفات حقوق الإنسان الاحتفال بالذكرى السنوية لليوم العالمي لحقوق الإنسان يحمل دلالة قوية بالمغرب، وأنظر إليه أنا شخصيا على أنه يشكل طفرة تاريخية هامة في مسار بلادنا. وأنطلق فيما يخصني من موقعي كمناضل لحقوق الإنسان، واعتبرت عندما لم يكن يلتفت لهذا الموضوع بالقدر الكافي أن تطور المغرب رهين بقدرته على تدبير ملفات حقوق الإنسان التي كانت تراكماتها سلبية كثيرا لسنوات وعقود. وأعتقد أن المغرب بفضل نضالية المناضلين وبفضل حكمة المسؤولين وبفضل الاندفاع القوي لجلالة الملك محمد السادس شخصيا، استطاع أن يتبوأ مكانة متميزة في هذا المجال جعلت العالم كله يعترف له بذلك بكل موضوعية وليس من باب المجاملة. فذكرى إحياء اليوم العالمي لحقوق الإنسان مناسبة لأؤكد أنه إن كان هناك ملف لا يجب أن يتوقف في مساره فهو ملف حقوق الإنسان والدفاع عن حقوق الإنسان وتوسيع مجالاتها فهي معركة حضارية لا تتوقف ولا يجب أن تتوقف ونحن مطالبون بأن نستمر في هذا المسار. خالد الناصري عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية المغرب في عمق التحولات الحقوقية العالمية اعتبر أن التجارب التي راكمها المغرب في مراحل متعددة في مجال تثبيت ودعم حقوق الإنسان، جعلت منه مرجعا إقليميا ودوليا في هذا المجال خاصة في ظل التحولات السياسية والاجتماعية والفكرية التي تعرفها المنطقة. ويمكن رصد أهم التراكمات منذ إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة وخلق آليات لتحقيق العدالة الانتقالية ووضع قطيعة مع ماضي الانتهاكات الجسيمة بحقوق الإنسان. وقد استمرت مع فتح أوراش تنموية تصون كرامة المواطن في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تدخل في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وكذا الإصلاحات الدستورية العميقة وإنشاء المؤسسات الدستورية الاجتماعية والاقتصادية. لقد توجت هذه التراكمات بإصدار دستور 2011 الذي يضمن جيلا جديدا من حقوق الإنسان حيث وضعت أسسا قانونية تروم التدبير السلمي للاختلاف، وتوسيع مجال الحريات وضبط الآليات الديمقراطية التمثيلية والتشاركية، وإشراك المجتمع في تدبير الشأن العام. طبعا فهذه التراكمات تستدعي جهدا إضافيا من قبل كل المجتمع المغربي لكسب الرهانات التي تطرحها الوثيقة الدستورية في أرض الواقع . لهذا فالتحدي الأساسي اليوم هو تنزيل المكتسبات الهامة التي أتى بها دستور 2011 في مجال حقوق الإنسان، وتسهيل انخراط جميع القوى الحية في المجتمع في هذه العملية من أجل جعل حقوق الإنسان واقعا يلمسه المواطنون في معيشهم اليومي. وفي هذا الصدد يمكن ملامسة تطور مجال حقوق الإنسان على المستوى القيمي والثقافي في المغرب من خلال ارتفاع عدد الجمعيات التي تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، وتزايد توظيف القاموس الحقوقي في خطابات مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، فضلا عن تصاعد مختلف الأشكال الاحتجاجية. إن التقدم الذي حققه المغرب في مجال حماية والنهوض بأوضاع حقوق الإنسان ابتداء من تسعينيات القرن المنصرم، أكسبه ثقة متزايدة لدى شركائه الإقليميين والدوليين، حيث أصبحت المملكة تتمتع بوضع الشريك من أجل الديمقراطية لدى الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، والوضع المتقدم في علاقته مع الاتحاد الأوروبي. ولأن الشأن الحقوقي في المغرب ليس بمعزل عن التطورات العالمية التي يعرفها مجال حقوق الإنسان، أصبح المغرب في عمق التحولات الحقوقية العالمية إذ يساهم بفاعلية في كل المحافل الدولية والإقليمية لتطوير المنظومة الحقوقية الكونية، وعبر انخراطه العملي والمثمر في كل المؤسسات ومساهمته في إصدار المواثيق الدولية ذات الشأن وبتفاعله وتجاوبه مع المنظومات الحقوقية المعيارية وتبنيه للمواثيق الدولية . إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان فرصة لتقييم أداء الحركة الحقوقية تاريخ 10 دجنبر تشكل فرصة لتقييم وضعية حقوق الإنسان في أدائنا كحركة حقوقية بالمغرب، وهذه السنة تصادف الذكرى العشرين لآخر قمة عالمية لحقوق الإنسان المنعقدة في فيينا في يونيو 1993، والتي كان قد تمخض عنها العديد من القرارات وعلى رأسها إقرارها مجددا أن حقوق الإنسان مترابطة وشمولية وغير قالبة للتجزيء وبالتالي هذا يلزم الدول بأن تقر وتحترم جميع حقوق الإنسان بدون استثناء أو انتقاء فليس هناك تراتبية في الحقوق بل كلها يجب احترامها في المغرب هناك العديد من المكتسبات التي تحققت بفضل نضال وتضحيات مناضلي الحركة الحقوقية، لكن هذه الالتزامات التي تعهدت الدولة بالتزام بتنفيذها والتي يأتي على رأسها التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة التي كانت تتويجا بل وإحدى نتائج المناظرة الوطنية الأولى لحقوق الإنسان التي نظمت سنة 2001، فهذه التوصيات التي ولو أنها تعد غير كافية لوضع المغرب على طريق الديمقراطية الحقة إلا أنها لم تنفذ إلا القليل منها وهذا النهج في عدم الوفاء بالالتزامات والذي يطبع ممارسات المغرب تعد عائقا أساسيا،لأنه ليس كافيا الإعلان عن الالتزام أو إصدار توصيات أو ووضع قوانين أو وضع مشاريع إصلاحات والتي غالبا ما تبقى حبرا على ورق و لا تدفع في اتجاه تقدم حقوق الإنسان على أرض الواقع، بل تبقى منجزات تتضمنها التقارير التي يقدمها المغرب أمام المنظمات الدولية وإعطاء صورة للخارج، دون أن يكون لكل ذلك تأثير على تحسين أوضاع عيش المواطنين، في حين أن من الأهداف الأساسية لحقوق الإنسان هي جعل المواطنين يتمتعون بممارسة حقوقهم كاملة.. وهذا الفرق بين الواقع النظري والواقع الملموس هو ما يعرقل مسار حقوق الإنسان بالمغرب، وهذا يعود من وجهة نظري لغياب الإرادة السياسية الحقيقية في تنفيذ ما التزمت به الدولة ووضع حد للإفلات من العقاب الذي يعد أكبر عائق أمام تقدمنا في مجال حقوق الإنسان خاصة أن المنتهكين لحقوق الإنسان أنفسهم الذين كانوا خلال مرحلة سنوات الرصاص لازالوا في مراكز القرار على مستوى الأجهزة الأمنية كما أن الذين تورطوا في الانتهاكات لم يتم مساءلتهم نهائيا، بل وأيضا القضاء الذي يجب أن يكون منصفا للمواطنين وحاميا للحقوق والحريات لازال لا يلعب ولا يؤدي هذا الدور المطلوب منه، بل لازال آلية يستعمل من طرف الدولة للتغطية على بعض الممارسات ومحاكمة بعض النشطاء بتهم الحق العام . في حين يتم غض الطرف عن ناهبي المال العام أو عناصر القوات العمومية وبعض مسؤوليها المتورطين في استعمال العنف وانتهاك الحقوق، كالحق في التظاهر السلمي، فأعتقد أنه لن يجدي وضع دساتير متقدمة وإعداد قوانين هامة أو المصادقة على الاتفاقيات والعهود الدولية بمجملها واعتبارها مكاسب إذا لم يكن هناك تأثير نحو تغيير المؤشرات التي تدفع في اتجاه تراجع وضعية حقوق الإنسان، بل سيبدو الأمر كأنها مجرد إصلاحات تبقى على الورق دون أن يكون لما يتم القيام به على الصعيد الإجرائي وقع على أرض الواقع. خديجة الرياضي منسقة الائتلاف المغربي لحقوق الإنسان معا لتحصين المكتسبات الحقوقية تخليد ذكرى اليوم العالي لحقوق الإنسان هذه السنة يحمل بالنسبة لنا شعار «معا من أجل تحصين المكتسبات الحقوقية وحماية كافة الحقوق والحريات»، إذ نسجل أن السياق العام خلال السنتين الأخيرتين يطبعه مظاهر توجس وتخوف الحركة الحقوقية وقوى المشهد الحقوقي بالنظر لظهور مؤشرات تدهور وتراجع مجموعة من المكتسبات وكذا تدهور مناخ الحريات والحقوق. وهذا القلق هو الذي دفع مكونات الحركة الحقوقية بمختلف أطيافها إلى التوحد في إطار ائتلافات لحماية المكتسبات التي تحققت وذلك من أجل الدفاع عن المسار التصاعدي لحقوق الإنسان وتمكين المواطنين من التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية وكذا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي شهدت ترديا في ظل الحكومة الجديدة. ونسجل في هذا الصدد تلكؤ الحكومة بالرغم من مصادقتها على اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، في استكمال إجراءات التصديق على هذه الاتفاقية كما ترفض الانضمام إلى نظام المحكمة الجنائية الدولية، وكذا الأمر بالنسبة للتصديق على البروتوكول الاختياري المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، علما أن هذا التردد يطبع أيضا مسار إنشاء «الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب» التي تنص عليها البرتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة والعقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية. تخوفات الحركة الحقوقية ترتبط أيضا بعد إقدام الحكومة على تنفيذ قانون تجريم ممارسة التعذيب، وعدم تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين بتفعيل الاتفاقية الدولية لمناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، مع الإسراع بأجرأة مساطر رفع التحفظات ذات الصلة،والعمل بشكل حثيث على ضمان وحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة. ونعتبر في الهيئة المغربية لحقوق الإنسان بهذه المناسبة أن ملف ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان مازال مفتوحا لكون مجموعة من الملفات لازالت عالقة، ويبرز ذلك عودة مجموعة من ضحايا الماضي للاحتجاج والاعتصام منذ شهر غشت الماضي أمام مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فالإنصاف كما هو معلوم مقترن بالحقيقة والتي مازالت غير كاملة في ملفات مجموعة من المختطفين والمختفين مجهولي المصير كملف المهدي بن بركة والحسين المانوزي وضحايا من الأقاليم الجنوبية، بل وعدم صدور اعتذار رسمي بعد، لذلك لازالت الدولة مطالبة بالكشف الفوري عن الحقيقة كاملة ومساءلة المتورطين فيها، وجبر الضرر الفردي والجماعي لكافة الضحايا والمناطق، وكذا اعتماد إستراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب تنفيذا لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان تعد مناسبة لتجديد الدعوة لأجرأة تدابير وقوانين تنزيل مكسب الدستور على أرض الواقع، ورفع كافة أشكال العرقلة التي لازالت قائمة في وجه ترسيم الوضع الدستوري الجديد للغة الأمازيغية، وكذا للمطالبة بإرساء أسس إصلاح منظومة العدالة وفق منظور أعمق جديد عماده المقاربة التشاركية الشاملة والفعالة الحاضنة لكل مقاربات الإصلاح ولكل الاختلافات والتمايزات أثناء سن القوانين ذات الصلة. كما نجدد المطلب إعادة النظر الجذري في وضعية المؤسسات السجنية عامة والقوانين المنظمة لها، وضمان حق المنظمات الحقوقية في زيارتها وتدبير مراقبتها، والعمل على تمتيع السجناء بكافة الحقوق التي يضمنها القانون والمعايير الدولية ذات الصلة، لنجدد من جانب آخر رفضنا كمكون من مكونات الحركة الحقوقية استمرار التضييق على الحق في التظاهر والاحتجاج السلميين، والاستعمال المفرط للقوة ضد العديد من الحركات الاحتجاجية الاجتماعية السلمية . عبد المجيد آيت جيد الهيئة المغربية لحقوق الإنسان تثمين المكتسبات والتطلع لمستقبل أفضل يشكل اليوم العالمي لحقوق الإنسان محطة جوهرية للوقوف على وضعية هذه الحقوق في بلدان عالم، سواء على مستوى المكتسبات أو التراجعات المحتملة، والتعبير عن تطلعات لمستقبل أفضل تسود فيه الحقوق الإنسانية كواقع ملموس في العالم بأسره. ويمثل هذا اليوم العالمي، الذي يخلد سنويا ذكرى اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 ، فرصة مثلى للدول المنخرطة فعليا في مسار النهوض بحقوق الإنسان لتقييم مسارها والوقوف عند الاختلالات المحتملة والسعي لإصلاحها، كما هو الشأن بالنسبة للمغرب الذي يعمل دون كلل، منذ عشرات السنين، على إرساء أسس دولة الحق والقانون والدفع نحو انبعاث مجتمع يتمتع فيه الجميع بالمتطلبات الأساسية كالعدالة والإنصاف والكرامة. وشهد هذا الورش الكبير دفعة قوية منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش المملكة، من خلال سلسلة من المبادرات المتعددة الأبعاد الرامية لتعزيز حماية الحقوق لكل فرد مغربي على حدة. ولا يمكن لأحد أن ينكر أن المغرب حقق تقدما في مجال تقوية وحماية الحقوق المدنية والاجتماعية والسياسية منذ تسعينات القرن الماضي وبشكل أوضح تحت قيادة جلالة الملك، من خلال الفلسفة الجديدة لمقاربة السلطة عبر المفهوم الجديد للسلطة والحريات العامة، واعتماد مدونة جديدة للأسرة، وإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة من أجل جبر الضرر المعنوي والمادي لضحايا سنوات الرصاص. كما وضعت المملكة نفسها في المسار الصحيح وذلك في إطار تفاعلها مع الجهود المبذولة على الصعيد الدولي من خلال المصادقة على عدد من الاتفاقيات الدولية والعمل على تجسيدها في أرض الواقع. وفي 2011 ، جدد المغرب التأكيد على التزامه باستكمال منظومته الحقوقية عبر اعتماد دستور جديد عن طريق الاستفتاء تمت الإشادة به داخليا وخارجيا، لأنه جعل تمتع المواطن بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أساسا محوريا في توجهه. وتشكل المكتسبات التي تحققت حافزا للرفع من وتيرة الإصلاحات، حيث إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي ينص عليه الدستور الجديد، أعد في 2012 تقريرين ذوي قيمة مضافة عالية بالنسبة لمسار حماية حقوق الإنسان بجميع تجلياتها. ويكشف التقرير الأولي للمجلس الصادر في شتنبر الماضي حول «الصحة العقلية وحقوق الإنسان: وضعية المؤسسات الاستشفائية المكلفة بمعالجة الأمراض العقلية»، أن الصحة العقلية لا تحظى بالمكانة التي تستحقها في تدبير الشأن العام، مما أسفر عن وضع متدهور بفعل تقادم الترسانة القانونية وضعف البنيات التحتية وسوء توزيعها الجغرافي والخصاص في التجهيزات ومعايير السلامة والموارد البشرية وغياب التخصصات اللازمة في الطب النفسي. ويستدعي هذا الوضع المقلق، حسب التقرير، تدخلا قويا ويقظا ودقيقا على المديين القصير والمتوسط وإرساء تدابير عاجلة وإقرار سياسة جديدة مندمجة وواضحة في هذا المجال. من جهة أخرى، رأى تقرير ثان للمجلس النور حول موضوع حقوق السجناء الذي يحرك باستمرار اهتمامات مناضلي حقوق الإنسان والمجتمع المدني، وذلك تجسيدا للاختصاصات المخولة للمجلس بموجب الظهير المحدث له، خاصة الفصل 11 المتعلق بزيارة أماكن الاحتجاز. وانطلاقا من دراسة موضوعية ودقيقة للانتهاكات التي تمس بحقوق السجناء وتحديد أسبابها المباشرة وغير المباشرة، دعا المجلس عبر هذا التقرير الحكومة لتسريع مسلسل المصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، وكذا مسلسل إحداث آلية وطنية مستقلة للوقاية من التعذيب. كما أكد التقرير على ضرورة اتخاذ إجراءات تشريعية وإدارية عملية من شأنها تجاوز الاختلالات المسجلة والحد من التجاوزات التي تم رصدها. وفي هذا الشأن صادق مجلس للوزراء على ثلاثة بروتوكولات اختيارية تتعلق بالتعذيب والتمييز ضد النساء والحقوق المدنية والسياسية. وقبيل ذلك اعتمدت الحكومة وكذا البرلمان اتفاقية دولية تحظر التعذيب. ويبقى الرهان الأساسي اليوم في ورش حقوق الإنسان الذي انخرطت فيه المملكة في التحسيس والتربية على حقوق الإنسان ونشر ثقافتها في مختلف قطاعات المجتمع، في إطار استمرارية الإصلاحات وضمان نجاعتها، مما يستدعي تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، سواء أصحاب القرار السياسي والفاعلين الجمعويين والمنظمات غير الحكومية. فريق العمل الأممي الخاص المعني بمسألة الاعتقال التعسفي 10 أيام للوقوف على ما حققه المغرب على الدرب الحقوقي لأول مرة يزور المغرب فريق العمل الأممي الخاص المعني بمسألة الاعتقال التعسفي، ويلتقي بعدد من المسؤولين الحكوميين وأساسا وزارة العدل والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ممثلة في المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمؤسسة التشريعية وممثلي منظومة الأممالمتحدة بالمغرب وفعاليات الحركة الحقوقية والمجتمع المدني والأفراد المعنيين أي الضحايا أو أسرهم أو ممثليهم ، فضلا عن القيام بزيارة لمجموعة من المؤسسات السجنية بعدد من الأقاليم، بما فيها الأقاليم الجنوبية وبعض مراكز الاعتقال بمفوضيات الشرطة ومقرات الاستخبارات، ومستشفيات الأمراض العقلية. زيارة فريق العمل الأممي للمغرب والذي يترأسه المقرر مادس أندياس من النروجي ويضم في عضويته الحاج مالك سو من السينغال، وروبيرتو غاريثيون من الشيلي، والتي تتم بدعوة من المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، تأتي لتؤكد من جهة الانفتاح المتواصل للمملكة على آليات الإجراءات الخاصة التابعة لمنظمة الأممالمتحدة، إذ سبق واستقبل سبع إجراءات خاصة منذ سنة 2000، منها ثلاث إجراءات في ظرف سنة واحدة. حيث استقبل على التوالي خلال الفترة الممتدة ما بين 2011و2012، كلا من الخبيرة المستقلة حول الحقوق الثقافية وفريق العمل المعني بالتمييز ضد المرأة في التشريع والممارسة والمقرر الخاص المعني بالتعذيب حوان مانديز، فضلا عن برمجة استقباله قريبا المقرر الخاص المعني بالاتجار بالبشر والمقرر الخاص المعني بالحق في الصحة. ولتؤكد من جهة أخرى على المسار التصاعدي للإصلاحات السياسية التي باشرها المغرب لتعزيز البناء الديمقراطي المؤسساتي وتقوية مد حقوق الإنسان الذي تميز بتجربة جريئة على مستوى المصالحة وتسوية ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، إذ عملت على البحث والكشف عن الحقيقة في هذه الانتهاكات وإثبات نوعيتها وسياقاتها ووقفت عند مسؤولية أجهزة الدولة أو غيرها عن الانتهاكات كما كشفت عن مختلف الأحداث والوقائع التي مورس خلالها الاعتقال التعسفي والأضرار التي خلفها للضحايا وعائلاتهم بمختلف مناطق المغرب دون استثناء، إذ رتبت هذه التجربة وبشهادة من الأمين العام للأمم المتحدة ضمن التجارب الخمس الأوائل في العالم في مجال المصالحة والبحث عن الحقيقة. مهمة فريق العمل الأممي التي ستمتد بالمغرب على مدى عشرة أيام متتالية ستقف ميدانيا على وضعية حقوق الإنسان بالمملكة وبالأخص التحري والتحقيق في موضوع الاعتقال التعسفي أو الحرمان من الحرية المفروض بأية طريقة أخرى تتنافى مع المعايير الدولية ذات الصلة والمبينة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو في الصكوك القانونية الدولية ذات الصلة التي يعد المغرب طرفا فيها، أي الوقوف على مدى التزام المغرب بما تعهد به دوليا في مجال احترام حقوق الإنسان والمقتضيات القانونية ذات الصلة ومبادئ المحاكمة العادلة، على ان تتوج هذه الزيارة بصياغة تقرير يقدم أمام أعضاء المجلس الأممي لحقوق الإنسان خلال سنة 2014. ويشار إلى أن المغرب قد أكد مرارا وعلى أعلى مستوى تفاعله الحثيث مع منظومة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان ، وجدد هذا الالتزام بعد انتخابه مؤخرا عضوا بالمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف ، مبرزا المجهود الوطني الجاد الذي مافتئ يقوم به في هذا الإطار إذ شكلت التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة ذات الصلة بتعزيز حماية حقوق الإنسان إحدى مرجعيات الإصلاح الدستوري، حيث تم اعتمادها في دستور 2011، ولاسيما ما يتعلق بتكريس كونية حقوق الإنسان وسمو المواثيق الدولية ذات الصلة، وتجريم الانتهاكات الممنهجة والخطيرة لحقوق الإنسان بما في ذلك ممارسة كافة أشكال التعذيب، والاعتقال التعسفي أو السري والاختفاء القسري، وجريمة الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، إضافة إلى المقتضيات الهامة على مستوى فصل السلط وتوازنها، وتكريس استقلالية القضاء والارتقاء به إلى سلطة، ومبادئ وقواعد المواطنة الفاعلة والمسؤولة، والنهوض بالحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتوفير ضمانات المحاكمة العادلة. وجدد في ذات الوقت الإعلان عن مسار مواصلة انضمامه إلى باقي الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، والوفاء بالالتزامات المترتبة عنها، وخاصة عن طريق إعمال مقتضياتها على الصعيد الوطني، وتقديم التقارير الدورية إلى الأجهزة المختصة، واستقبال الإجراءات الخاصة، والتفاعل مع التوصيات والملاحظات الصادرة عن هذه الآليات الأممية، ليتوج هذا المد التصاعدي في انخراطه الملتزم بمسار حقوق الإنسان بالمصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري بعد أن سبق له المصادقة على تسع اتفاقيات دولية أخرى. هذا وارتباطا بالاختصاصات الواردة في هذه الاتفاقية، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان في إطار المهام المخولة له بمقتضى الظهير الجديد المحدث له في صيغتها الجديدة وذلك تماشيا مع مبادئ باريس الخاصة بالمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، فإنه يعمل بشكل حثيث من أجل أن يضطلع بمهمة الآلية الوطنية الخاصة بمراقبة مراكز الاعتقال والوقاية والحماية ومن الانتهاكات المنصوص عليها ضمن مواد الجزء الرابع من البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، حيث شرع في تفعيل هذه الصلاحية منذ السنة الماضية بإصدار تقرير لزيارته للمؤسسات السجنية والمؤسسات الاستشفائية الخاصة بمعالجة الأمراض النفسية، وأصدر توصيات بشأن إصلاحها. في حين دعت هيئات الحركة الحقوقية من جانبها، إلى إنشاء هذه الآلية، مع الحرص من جهة الحكومة على أن تكون هذه الآلية الوطنية مستقلة عن كل السلطات، وأن تمنح كل الاختصاصات المنصوص عليها في البروتوكول الاختياري، لتكون آلية تدفع في اتجاه تعزيز حماية حقوق الإنسان ، على اعتبار أن الاختصاصات الموكولة لها ستخول لها القيام بزيارات مفاجئة لمختلف أماكن الاحتجاز أيا كانت طبيعتها سواء تعلق الأمر بمراكز الشرطة، أو السجون، ومراكز احتجاز الأحداث، ومؤسسات العلاج النفسي ومقرات الخدمات الأمنية والاستخباراتية، ومقرات الاحتجاز في ظل اختصاص القضاء العسكري ....فضلا عن مراكز شرطة الحدود ومناطق العبور في المطارات والموانئ ونقط الحدود البرية.