تخليدا للذكرى 63 لليوم العالمي لحقوق الإنسان، خلدت بيان اليوم كما عودت قراءها دائما هذه الذكرى، عبر إغناء النقاش حول المسار الحقوقي بالمغرب، والتذكير بالمكتسبات التي حققتها الحركة الحقوقية بالبلاد، والرهانات والتحديات التي ما تزال تنتظر، وذلك عبر محاورة نساء ورجال الحركة الحقوقية في المغرب بيان اليوم تأخذكم عبر هذه الحوارات إلى عالم المجال الحقوقي في المغرب، وترصد عبرها ترقب الحقوقيين لالتزامات الحكومة المقبلة، ومستقبل حقوق الإنسان في البلاد، وذلك على ضوء الحراك الذي تشهده مختلف أقطار المنطقة العربية والعالمية، والمتغيرات السياسية والمستجدات المرتبطة بالمسار الحقوقي في العالم وفي المغرب. أمينة بوعياش رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ننتظر التصريح الحكومي لإدلاء ملاحظاتنا حول مسار حقوق الإنسان بالمغرب * كيف تنظرون لوضعية حقوق الإنسان بالمغرب في الوقت الراهن؟ - لابد أن نسجل أن الحراك الذي عرفته المنطقة بما فيها المغرب وضع حدا لحالة الانتظار والالتباس الذي كان قائما قي السنوات الماضية بخصوص وضعية حقوق الإنسان، وهذا القطع مع الماضي فيما يخص الالتباس ترجم إلى محورين أساسيين، أولهما تتمثل في مراجعة الدستور المغربي الذي تمت المصادقة عليه في يوليوز الماضي والتنصيص على الحقوق الأساسية والهامة وإدماج توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وإحداث هيئات الحكامة وتوسيع الحريات، وبذلك يكون الدستور قد ترجم الانتظارات التي طالب بها المغاربة منذ سنوات والتي أكدها الحراك الذي يعرفه المغرب. في حين أن المحور الثاني تمثل في الانتخابات السابقة لأوانها والتي نظمت انطلاقا من الدستور الجديد، والتي كان من نتائجها أن طورت مؤشرات المشاركة وطورت أيضا انخراط المغرب في النادي الديمقراطي الدولي. ويمكن أن أضيف محورا ثالثا يرتبط في كون أن هذا التطور والحراك والانتخابات وضعت حدا للالتباس الذي كان يحيط بالفعل السياسي، هذا الالتباس الذي كان لدى الرأي العام فيما يخص الآراء والمواقف السياسية للأحزاب السياسية، لكن بالرغم من ذلك يمكن أن القول أن لازال هناك التباس لدى السلطات العمومية فيما يخص تدبير التظاهرات، ولازال لديها أيضا التباس وأزمة تدبير الرأي الداعي إلى مقاطعة الانتخابات. فبقدر ما سمح بتنظيم المسيرات والتعبير عن الرأي عن طريق وسائل الإعلام، في نفس الوقت تم التضييق على النشطاء الداعين للمقاطعة، وبالتالي بقدر ما المؤشرات تتطور نحو الديمقراطية بقدر ما لازالت هناك إشكالات حقيقة لأزمة التدبير وللوضوح الاستراتيجي للسلطات العمومية في هذا المجال. * في ظل المستجدات الحالية التي تشهدها الساحة السياسية الوطنية، هل لديتكم تخوف على وضعية حقوق الإنسان في المغرب إمكانية السير في الاتجاه التقهقري؟ - نحن ننتظر التصريح الحكومي الذي سيتقدم به رئيس الحكومة، وإذا كانت هناك ضرورة سنتقدم بالملاحظات اللازمة لأننا نعتبر أن مسار حقوق الإنسان في المغرب هو المؤسس للديمقراطية، وأظن أن أي تراجع عن هذا المسار لن يكون في صالح هذه المؤشرات التي سبق التحدث بشأنها. * كجزء من الحركة الحقوقية المغربية، ما هي المطالب التي سترفعونها خلال المرحلة القادمة؟ - ننتظر التصريح الحكومي وإذاك يمكن أن نبدي ملاحظاتنا ونعد مذكراتنا. مصطفى المانوزي رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف نحن لا نخشى من أي حكومة تأتي مادامت الدولة هي الملتزمة * ما هو تقييمكم للوضع الحقوقي السائد حاليا في المغرب؟ - فيما يتعلق بالوضع الحقوقي الراهن يبدو بعلاقة مع الحراك الاجتماعي وتعامل الدولة مع ما يجري، يتضح بأن هناك مؤشرات تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان سواء فيما يتعلق بالتعذيب أو ما يتعلق بالتعامل بعنف مع الحراك الاجتماعي. فالوضع الحقوقي بصفة عامة تطبعه انتهاكات على مستوى إرساء الحقوق وقد لاحظتم بأن الخطاب الملكي أكد على دسترة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وتم تخصيص الباب الثاني للحقوق والحريات الأساسية، إلا أنه في نظري لا يكفي التأصيل الدستوري للحقوق والحريات بمعنى تمضينها في الوثيقة الدستورية وتخصيص باب خاص لها. فالدستور كما جاء يمكن أن يعتبر صكا للحقوق وليس صكا لفصل السلط لكن مع ذلك يوجد خصاص في التصدير يعتري بعض الضمانات وبعض المقتضيات، فمن بين الضمانات التي تم تغييبها تتعلق بمدنية الدولة التي لم يتم إقرارها ولم يتحمل الحداثيون المسؤولية اتجاهها إذ لم يضغطوا من أجل الدفع لإقرارها. بالإضافة إلى ذلك تغيب العديد من الضمانات الأخرى المرتبطة بإصلاح القضاء والحكامة الأمنية وإقرار عدم الإفلات من العقاب، وهذه قضايا لازالت تتطلب مجهودا وبالأخص أثناء مرحلة التنزيل الدستوري والإيجابي للحقوق والحريات المنصوص عليها. كما لازال يجب القيام بجهود فيما يتعلق بمسالة سمو القانون الدولي، إذ يسجل أن الضمانات التي تضمنها التصدير الدستوري بهذا الخصوص تم إخضاعها للخصوصية المغربية، حيث إذا رجعنا إلى الدستور نجد أن الإقرار بسمو القوانين والمواثيق الدولية ليس صريحا، إذ ينص على صيغة «وفقا لما جاء في الدستور»، وهذا الأخير يعتبر أن الإسلام هو دين الدولة وهذا يبقى باب التأويل والتنزيل الديمقراطي مستبعدا. والمسألة في اعتقادي تتطلب خوض معركة حقيقية تقودها ليست فقط الحركة الحقوقية بل مختلف الفاعلين من أجل مراجعة هذا الموقف. * ما هي قراءتكم لإحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة وطنية ومدى تأثير ذلك على مسار حقوق الإنسان بالمغرب؟ - المجلس الوطني لحقوق الإنسان لعب دورا كبيرا في الأسابيع الأولى لإنشائه وشكل نوعا من التنفيس والانفراج السياسي، و يبدو أن الهدف وراء ذلك هو إقرار مؤشرات الثقة، لكن ذلك توقف عند منتصف الطريق. والآن بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر مازال المجلس لم يكمل هيكلته وباستثناء الملاحظة وحتى التقارير التي تتعلق ببعض الانتهاكات وقف عند «ويل للمصلين» إذا مازال يجب ينتظر منه القيام بمجهود وإطلاق دينامية أخرى. * ما مصير حقوق الإنسان ومدى تأثره وتخوفكم عليه بصعود حكومة يتزعمها حزب العدالة والتنمية؟ - نحن لا نخشى من أي حكومة تأتي مادامت الدولة هي الملتزمة، ونحن بصفة خاصة في المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف نعتبر أن التزام أعلى سلطة ممثلة في الملك بتنفيذ والمصادقة على توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة تبقى هي الضمانة التي تقف في وجه أي تراجع قد تقدم عليه الحكومة. وفي هذا الصدد أشير إلى أننا كمنتدى أصدرنا بيانا توجهنا فيه إلى رئيس الحكومة الجديد باعتباره المكلف بتشكيل الحكومة وهو المسؤول دستوريا لتحمل المسؤولية، أكدنا فيه (البيان) أن توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التزام ومكتسب وطني يجب العمل على تفعيله وأجرأته. * ما هي المطالب التي سترفعونها كمنتدى مغربي من أجل الحقيقة والإنصاف والذي يضم بالأساس ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الماضي وعائلاتهم؟ - مطالبنا تتمحور أساس حول أولوية تسييد الحقوق والحريات في ممارسات الدولة والحكومة ،و إعمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة. * ما هي التحديات التي أصبحت مطروحة عليكم في ظل هذه المرحلة؟ - التحديات ترتبط ب بحماية الحق في التعبير والحق في التظاهر السلمي في إطار تدابير عدم تكرار ما جرى في الماضي، والتحديات ترتبط بالالتزام الذي تعاقدت فيه الدولة مع الضحايا، فنحن نعتبر أننا متعاقدين مع الدولة وليس مع الحكومة ،ومن هذا المنطلق فالدولة هي التي عليها تقديم الاعتذار وتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة عبد المجيد أيت حسين الكاتب العام للهيئة المغربية لحقوق الإنسان ليس هناك تخوف لدى الحركة الحقوقية بل ترقب في ظل الحكومة الجديدة * ما هي قراءتكم لوضعية حقوق الإنسان حاليا بالمغرب؟ - لا بد في البداية أن نذكر -ونحن نخلد الذكرى 63 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان- بأن هذه السنة بالأساس تتميز منذ مستهلها بوضع إقليمي ومغاربي متسم بالثورات الشعبية التي أطاحت بأنظمة قمعية استبدادية في أقطار عربية ومغاربية، ومتسمة أيضا بحالة الحراك الجماعي الذي تقوده حركة 20 فبراير في المغرب منذ أولى تظاهراتها من أجل الكرامة وإسقاط الفساد والاستبداد وإرساء الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، وهو الحراك الذي ساهم بشكل كبير في دفع الدولة المغربية إلى إنجاز إصلاح دستوري أعقبه تنظيم انتخابات سابقة لأوانها.. إن السمة العامة التي يمكن أن نصف بها الوضعية هي استمرار حالة التردد لدى الدولة المغربية سواء في تحصين المكتسبات الحقوقية القائمة التي راكمها نضال الحركة الحقوقية والديمقراطية، أو في التطلع إلى تحصيل مكتسبات حقوقية جديدة؛ وهو التردد الذي ما يفتأ يترجم إلى تراجعات هنا وهناك في مجال الحقوق والحريات، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار استمرار ممارسات خرق حقوق الإنسان والاعتقال السياسي وقمع حرية التعبير والتظاهر والرأي وسجن الصحافيين والناشطين الحقوقيين والنقابيين ونشطاء حركة 20 فبراير والحركة الطلابية...إلخ، أضف إلى ذلك استمرار التحكم في الإعلام العمومي وعدم دمقرطته، فضلا عن حالة التلكؤ في التصديق على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمجال حقوق الإنسان، وهي المواثيق التي ما فتئت -ولا تزال- الحركة الحقوقية والديمقراطية تطالب بأن يتم فعليا ضمان سموها على التشريعات الوطنية دونما التفاف أو تقييد. * بعد إقرار الدستور الجديد الذي نص في مقتضياته على العديد من الحقوق وأقر الالتزام بسمو المواثيق الدولية، هل يمكن القول أن الاتجاه يسير نحو الارتقاء بمسار حقوق الإنسان أم أن التردد سيطبع هذا المجال؟ - لابد من الإقرار أولا بأنه على الرغم من التنصيص الدستوري على العديد من الحقوق والحريات وإدراج بعض من المطالب الحقوقية في الوثيقة الدستورية من قبيل تجريم كل أشكال التعذيب والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، والتنصيص على الحق في الحياة ثم المساواة بين الجنسين..إلخ، وعلى الرغم أيضا من إحداث مؤسسات حقوقية وطنية جديدة من قبيل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مؤسسة الوسيط والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان؛ فإن كل ذلك لم يرقى إلى انتظارات الحركة الحقوقية التي لا زالت تتطلع إلى التفعيل الشامل والأمثل لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة والتصديق على اتفاقية حماية الأشخاص من الاختفاء القسري، والانضمام إلى نظام المحكمة الجنائية الدولية والتصديق على البروتوكول الاختياري المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، إلى غير ذلك من المطالب الحقوقية العالقة التنفيذ أو المؤجلة والتي لا تتطلب إلا إرادة وقرارات سياسية قوية وجريئة وصادقة. وعلاوة على ذلك، فإن كل تلك المكتسبات والإصلاحات الجزئية -على قيمتها- لن يكون لها مدلول ومعنى طالما ظل المناخ الحقوقي والسياسي لم يعرف طريقه إلى الانفراج وإقرار تدابير للثقة من قبيل تصفية كل ملفات الاعتقال السياسي وملفات معتقلي الصحافة والرأي والتعبير (رشيد نيني كنموذج)؛ ثم تحديد المسؤوليات في سقوط ضحايا وتسجيل وفيات في عدة مدن على إثر قمع واستهداف تظاهرات ونشطاء حركة 20 فبراير (صفرو، أسفي، الحسيمة بني بوعياش...)، فضلا عن فتح الإعلام العمومي الممول من قبل المواطنين دافعي الضرائب أمام هذه الحركة وأمام كل الآراء والتعبيرات المجتمعية بمن فيها التي تحمل مواقف مخالفة أو معارضة للتوجهات الرسمية، إضافة إلى التجاوب مع المطالب الاقتصادية والاجتماعية الملحة والحيوية للمواطنين، ومكافحة الفساد بكل صنوفه وألوانه.. أما سؤالكم حول مسألة سمو الاتفاقيات الدولية، فإننا نعتبر بأن الصيغة التي وردت بها في الدستور الجديد صيغة ملتبسة وتفتح المجال مشرعا للتأويل والالتفاف بما قد لا يخدم مصلحة حقوق الإنسان في بعدها الكوني العام، حيث أفرغ المطلب من محتواه الحقيقي بعدما قيد بعدة شروط غير متناغمة مؤداها أن تكون المواثيق مصادق عليها من طرف الدولة المغربية، وبأن لا تكون متعارضة مع أحكام الدستور والقوانين الوطنية، وبأن لا يعمل بها إلا إذا أصبحت التشريعات الوطنية متلائمة معها..؟؟ وهنا نقول بأن التشريعات الوطنية هي التي ينبغي أن تتلاءم منطقيا وبالضرورة مع الاتفاقيات الدولية وليس العكس. واستنادا إلى ما سبق ذكره من غياب لمستلزمات وشروط الارتقاء بالوضعية الحقوقية إلى مستوى الإنتظارات بالمعنى المنشود كما سردنا بعض مقوماته، فإني أستبعد -في اعتقادي- بأن يكون هناك على الأقل في المدى القصير والمتوسط منحى تصاعدي لمسار حقوق الإنسان، ومن الممكن جدا بأن تستمر حالة التردد المفضي أحيانا إلى تراجعات حقوقية تؤثر حتما بصورة سلبية على تطور المشهد الحقوقي والتراكمات والمكاسب المتحصل عليها في إطاره حالا واستقبالا. * في ظل المستجدات التي تشهدها في الوقت الحالي الساحة السياسية الوطنية، هل لديكم تخوف على مسار الارتقاء بحقوق الإنسان في ظل الحكومة المقبلة التي يتزعمها حزب العدالة والتنمية؟ - من المعلوم أن الانتخابات التشريعية الأخيرة قد أفرزت حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية فائزا بالمرتبة الأولى التي خولته بأن يكلف بتشكيل الحكومة المقبلة.. وإذ أهنئ أولا هذا الحزب بهذه المرتبة، أقول بأننا كحقوقيين ليس هناك تخوف، وإنما هنالك ترقب مصحوب بالتطلع إلى أن لا يتم المساس في ظل الحكومة الجديدة بالمكتسبات الحقوقية التي ناضلت من أجلها الحركة الحقوقية لعقود طويلة خاصة في مجال المساواة بين الجنسين وإقرار ترسيم اللغة الأمازيغية، وعدم الوقوف في وجه تطلع الحقوقيين والديمقراطيين إلى تفعيل توصية هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلقة بإلغاء عقوبة الإعدام، وعدم إجهاض الآمال المعبر عنها في إقرار السمو الفعلي والحقيقي للمواثيق الدولية على التشريعات الوطنية...إلخ.. وعلى أية حال، فإن نضال الحركة الحقوقية ? وضمنها الهيئة- مستمر على كل هذه الجبهات والمستويات، وهي تراقب الوضعية وتواكبها عن كثب، وستتدخل بالحزم المبدئي الضروري لإعلان مواقفها تجاه أي مساس أو التفاف قد يصدر من قبل أية دوائر رسمية مسؤولة على اختلاف مواقعها ومستوياتها.. ولعل فرصة استكشاف التوجهات الكبرى للحكومة الجديدة في مختلف الأصعدة والقطاعات والسياسات ليست بالبعيدة، إذ أن مناسبة تقديم التصريح الحكومي سانحة جدا للتعرف على الملامح النظرية العامة لتوجهات وفلسفة هذه الحكومة في مجال حقوق الإنسان وتعزيز الحقوق والحريات الجماعية والفردية وكل المناحي ذات الصلة.. * ما هي في نظركم القيمة المضافة لإحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان المؤسسة ومدى إيجابية وجودها في المشهد المؤسساتي الحقوقي الوطني وانعكاس ذلك على حقوق الإنسان؟ - أولا لابد من الإشارة إلى أنه منذ إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان في شهر مارس من هذه السنة ليحل محل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، تم تسجيل تأخر كبير في تركيب تشكيلته والإعلان عنها الذي لم يتم إلا بعد مضي حوالي سبعة أشهر كاملة، وهذا خلل لا يستقيم مع متطلبات ومقومات ومناهج المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وفقا للمعايير الدولية في هذا المجال.. ويصعب في الوقت الحالي القول أو الجزم بكون المجلس يمثل قيمة مضافة أو العكس، على اعتبار أن المجلس المذكور الذي لم يستكمل هيكلته النهائية إلا مؤخرا لم يختبر كثيرا لحد الآن، حتى يتأتى لنا بأن نقيم شكلا ومضمونا كيفية تعاطيه مع القضايا الحقوقية الحارقة ومع الملفات العالقة الموروثة عن المجلس السابق، وكذا مدى قدرته في المساهمة في حماية حقوق الإنسان وفرض احترامها؛ غير أن سؤال الاستقلالية يظل مطروحا بالنسبة لهذا المجلس الجديد خاصة إذا استحضرنا أسلوب تعاطيه مع المسلسل الانتخابي الأخير عبر إصداره لبيان خاص بالمناسبة أثار جدلا كبيرا وتساؤلات حول مدى توفر هذه المؤسسة على الاستقلالية والحياد المطلوبين، لا سيما عندما عمد إلى الانحياز الواضح للموقف السياسي الداعي للمشاركة في الاقتراع من خلال دعوة بيانه الصريحة إلى الانخراط المكثف فيها، بينما يعرف حق المعرفة أن ثمة تيارا واسعا آخر داخل المجتمع يدعو إلى موقف سياسي مغاير بالمقاطعة ينبغي احترامه أيضا، وبالتالي كان لزاما عليه كمؤسسة وطنية من وإلى الجميع بأن ينحو منحى مستقلا ومحايدا عن كلا الموقفين.. وعلى العموم وارتباطا بسؤالكم، أقول بأنه يظل من المبكر جدا تقييم عمل المجلس الجديد، وسنراقب عن كثب مدى إسهامه في حماية وفرض مبدأ احترام حقوق الإنسان تجاه كل الفاعلين، وتصفية الملفات الحقوقية ذات الصلة التي أنيطت إليه بأسلوب ومقاربات جديدة مختلفة تماما عن مقاربات المجلس السابق.. بمناسبة الأيام 16 لمناهضة العنف ضد النساء شبكة أناروز تؤكد على التعبئة من أجل إصلاح القانون الجنائي وفق مقاربة مساواتية دعت شبكة «أناروز» إلى التعبئة من أجل إقرار قوانين تنظيمية تتأسس على المساواة والمواطنة الكاملة للرجال والنساء، والحرص على وضع سياسة عمومية لتعزيز المكاسب التي حققتها النساء والتي نص عليها بشكل واضح الدستور الجديد. وطالبت شبكة «أناروز» التي تضم عددا من الجمعيات النسائية ومراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف في بلاغ أصدرته بمناسبة تخليد المنتظم الدولي للأيام 16 لمناهضة العنف والتي اختارت الأممالمتحدة منذ سنة 2008 أن تتزامن مع تاريخ 25 نونبر الذي يصادف اليوم العالمي لمحاربة العنف ضد النساء، بإصلاح القانون الجنائي وفق مقاربة مساواتية تلغي التمييز في مواده بين الرجال والنساء، والعمل على تفعيل أهداف ومجالات الأجندة الحكومية للمساواة التي تمتد على مدى خمس سنوات، وتجريم العنف الزوجي وتضمين القوانين نصوصا كفيلة بالتحكم في ظاهرة العنف المبني على النوع الاجتماعي في كل مكوناتها. وأكدت الشبكة في البلاغ الذي توصلت بيان اليوم بنسخة منه، على أهمية إجراء المصادقة على المواثيق الدولية ورفع التحفظ عنها وفق روح الدستور ومبادئ مقتضياته، مطالبة في ذات الوقت بفتح ورش مراجعة قانون الأسرة قصد تجاوز الخلل الذي تبين من خلال تطبيق عدة مقتضيات مثل سن الزواج والتعدد واقتسام الممتلكات المكتسبة أثناء الزواج.. واعتبرت الشبكة أن المغرب يدخل عهد دستور جديد، وبرلمان تشكلت خارطته عشية اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء في إشارة إلى تاريخ 25 نونبر، فإن العمل من أجل قوانين تنظيمية تتأسس على مدخل المساواة والمواطنة الكاملة للرجال والنساء أصبح مطلبا أساسيا لا جدال حوله،بالإضافة على الحرص على وضع سياسة عمومية متكاملة لتعزيز المكاسب التي حققتها النساء. وأبرزت أن تخليد المنتظم الدولي للأيام 16 لمناهضة العنف ضد النساء صادف هذه السنة تاريخ إجراء الانتخابات التشريعية في المغرب واختيار المغاربة عبر صناديق الاقتراع ممثليهم ووممثلاتهم في مجلس النواب منوهة بما حمله الإصلاح الدستوري الذي تميز بتخصيص فصول محددة للمساواة بين الجنسين ومناهضة التمييز بسبب الجنس سواء على مستوى منطوق النص كما هو محدد في الفصل 19 أو على مستوى البنيات والآليات الكفيلة بأجراة روح الدستور الواردة في الفصل 164. وأشارت ّأناروز» في هذا الصدد أنها تنوه بهذه الوثيقة الدستورية التي تتصدر فصولها المساواة بين الجنسين ومناهضة التمييز المبني على النوع الاجتماعي المجسدة إذ تمت دسترة المساواة بين النساء والرجال في الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية كما ظلت تطالب بها الحركة النسائية. كما تم إرساء آليات وتدابير خاصة بالمساواة بين الجنسين على رأسها الهيئة من أجل المناصفة ومناهضة كل أشكال التمييز والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة قادرة على تجسيد إرادة المغرب في أجرأة روح الدستور، هذا فضلا عن إقرار الدستور بسمو المواثيق الدولية على التشريعات الوطنية بما يسمح به من فتح الطريق لإرساء ترسانة قانونية ملائمة للإجماع الأممي، معتبرة أن كل تلك المكتسبات باتت تطرح تحديات على كل المغربيات والمغاربة مما يتطلب القيام بمجهود استثنائي لتعزيز مسار إرساء دولة المؤسسات. في الذكرى الثالثة والستين لليوم العالمي لحقوق الإنسان «الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان» موضوع مائدة مستديرة بالرباط شكلت «الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان» موضوع مائدة مستديرة نظمتها المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أول أمس السبت بالرباط احتفاء باليوم العالمي لحقوق الإنسان وبالذكرى الرابعة والستين لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يوافق العاشر من دجنبر. وأوضح محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية، أن الهدف العام من الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان يتمثل في وضع سياسة حكومية مندمجة ومتكاملة ومتناغمة مع القيم الكونية لحقوق الإنسان تستند إلى قيم المواطنة والديمقراطية والحكامة الجيدة. وأبرز الصبار أن هذه الخطة تؤكد عزم المغرب على وفائه بالتزاماته الدولية وعلى إرادته في تسريع وتيرة الإصلاح المؤسساتي لحقوق الإنسان، مضيفا أن المملكة تعد من بين البلدان القلائل التي أعدت خطة وطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان (من بين 27 دولة على المستوى العالمي، وثاني دولة على مستوى حوض البحر الأبيض المتوسط بعد إسبانيا). من جانبه، أكد المحجوب الهيبة المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان أن الدستور الجديد وضع الخطة الوطنية في سياق إيجابي من حيث تعزيز آليات البناء الديمقراطي وتوطيد حقوق الإنسان وإعطاء دفعة جديدة لمؤسسات حقوق الإنسان. وأشار إلى أن هذه الخطة تكتسي أهمية قصوى بالنسبة للسياق السياسي والاجتماعي للمغرب وللحاجيات المعبر عنها والالتزامات المعلن عنها، مضيفا أن المشروع انطلق بشكل موازي مع المطالب الإصلاحية الدستورية والسياسية التي شهدتها المملكة. واعتبر الهيبة أن أهداف الخطة تحققت من خلال تقوية الإطارات المؤسساتية والنهوض بها من قبيل المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط، مبرزا أن الخطة تندرج في مسارات الإصلاحات التي شهدها المغرب خاصة تلك المتعلقة بتجربة المغرب في العدالة الانتقالية والتزاماته الدولية. وتميز هذا اللقاء بعرض الهيبة لمسار إعداد الخطة الوطنية ومضامينها، على ثلة من البرلمانيين الذين حظوا بثقة الناخبين خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، وذلك في أفق تفعيل مقتضياتها من طرف مختلف الفاعلين المعنيين، بما في ذلك المؤسسة التشريعية، لما أصبح لديها من اختصاصات موسعة في مجال التشريع في إطار الدستور الجديد. وتجدر الإشارة إلى أن الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان هي إستراتيجية وطنية تسعى لجعل تعزيز وحماية حقوق الإنسان في صلب السياسات العمومية من خلال التوفر على إطار منسجم يتيح التنسيق بين مختلف العمليات والتدابير الرامية إلى تحسين المعرفة بحقوق الإنسان والمواطنة ونشر ثقافتها وتعزيز احترامها. وتشتمل الخطة على عدة تدابير وتوصيات تشمل أربعة محاور إستراتيجية هي الحكامة والديمقراطية، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الحقوق الفئوية والإطار القانوني والمؤسساتي. وجاء إعداد الخطة استجابة لإحدى توصيات المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان المنعقد بفيينا سنة 1993 بشأن «صياغة خطة عمل وطنية تبين الخطوات التي ستحسن الدولة بها تعزيز وحماية حقوق الإنسان» من جهة، ومن جهة أخرى استكمالا لمسار تعزيز حقوق الإنسان بالمغرب مع ما يقتضيه ذلك من استثمار للتراكم الذي حققته تجربة العدالة الانتقالية وضرورة التنسيق بين مختلف القطاعات في مجال حقوق الإنسان. ويذكر بأن إعداد هذه الخطة انطلق منذ أبريل 2008، حيث تم تنصيب لجنة الإشراف في 3 دجنبر 2008، التي قدمت الصيغة الأولى لهذا المشروع، على أنظار الحكومة، بتاريخ 09 يوليوز 2010. وبالنظر للمستجدات التي عرفها المغرب، ذات الصلة بالإصلاحات الدستورية والتشريعية والمؤسساتية الأخيرة، تم تكليف المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان بتنسيق إعداد صيغة محينة لهذه الخطة من طرف كتابة لجنة الإشراف، وتم عرض هذه الأخيرة على أنظار الحكومة، برئاسة الوزير الأول آنذاك عباس الفاسي وحضور المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأعضاء لجنة الإشراف، في شتنبر 2011. محمد الزهاري رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان المسار الحقوقي لا يرتبط بتوجهات حكومية ولكن باحترام التزامات تنقل من حكومة إلى أخرى * أين وصلت وضعية حقوق الإنسان بالمغرب؟ - الوضعية تخضع للأسف الشديد لتدبير مزاجي تتحكم فيه عقليات تحن إلى العهد البائد، فمتابعة هذه الوضعية على الأقل منذ 1991 سنة العفو عن معتقلي تازمامرت، والعفو المهم عن أزيد من 400 معتقل سنة 1994 وإحداث هيئة التحكيم المستقلة في غشت 1999 للنظر في طلبات الضحايا للتعويض عن المعاناة التي عاشوها، خلال سنوات الجمر والرصاص والانتهاكات الجسيمة التي طالتهم، وإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة لجبر الضرر الفردي والجماعي، وإنعاش الذاكرة والكشف عن حقيقة ما جرى وفتح حوار وطني حول الموضوع، لم تلقن الدرس مع كامل الأسف لهذه العقليات التي يزعجها إرساء حقيقي لدولة الحق والقانون، دولة تحترم فيها حقوق الإنسان، وتصان فيها كرامته، وتتعزز فيها حرياته، وعندها يمكن أن نتحدث عن مصالحة مع الماضي. بعد إقرار الدستور الجديد الذي نص في مقتضياته على العديد من الحقوق وأقر الالتزام بسمو المواثيق الدولية، هل يمكن القول أن مسار حقوق الإنسان سيتخذ منحى تصاعديا أم أن سمة التردد لازالت ستطبع المشهد الحقوقي؟ لقد اعتبرنا نحن في العصبة أن دستور 1 يوليوز استجاب لعدد مهم من المطالب التي تضمنتها مذكرات الجمعيات الحقوقية ومنها العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، كما تم تضمين بعض توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي جاء بها التقرير الختامي. إلا أن هذا لا يعني أن مسار حقوق الإنسان سيتطور في اتجاه الأحسن، فالأمر عندنا في المغرب مرتبط بالممارسة التي تغيب احترام القانون ومنه الدستور كأسمى تشريع في البلد، مع كامل الأسف في مثل هذه اللحظات في المغرب تحضر التعليمات التي تكرس البنية المخزنية الصرفة، وتعتمد المقاربة الأمنية التي تجهز على كل المكتسبات التي تتحقق من وقت لآخر. فحتى عملية الاستفتاء على الدستور سواء خلال الحملة أو يوم التصويت عرفت خروقات متعددة سبق لنا في المكتب المركزي للعصبة أن أشرنا إليها في بيان سابق للمكتب المركزي. وقد كنا نطمح أن يقطع الدستور الحالي مع حالة الانتظار التي كانت تعالج في مراحل سابقة بعمليات تجميل لفصول الوثيقة الدستورية، ولكننا سنبقى إلى جانب مكونات الإئتلاف الحقوقي نناضل من أجل إقرار دستور ديمقراطي تحترم فيه الإرادة الشعبية، وتوضح فيه اختصاصات السلط، وصلاحيات المؤسسات المكلفة بتدبير الشأن العام. * هل لديكم تخوف على مسار الارتقاء بحقوق الإنسان في ظل الحكومة المقبلة التي يتزعمها حزب العدالة والتنمية؟ - أظن أن نضال الحركة الحقوقية لم يتوقف ولن يتوقف من أجل بناء مجتمع ديمقراطي تحترم فيه حقوق الإنسان، وتتعزز فيه الضمانات الكافية لحماية حريات المواطنين الفردية والجماعية، لهذا فأي قرارات أو مبادرات تسير في الاتجاه المعاكس، لن يكتب لها النجاح، فمرجعية اشتغالنا هي كونية، هي المعاهدات والمواثيق الدولية، وأعتقد أن الدولة المغربية ستكون مساءلة من طرف المجتمع الدولي في حالة الإخلال بتعهداتها التي التزمت بها وهي تصادق سابقا على العديد من الصكوك والاتفاقيات في هذا المجال. لهذا فالأمر لا يرتبط بتوجهات حكومية مقلقة ولكن باحترام التزامات تنقل من حكومة إلى أخرى. * في ظل المستجدات السياسية التي تعرفها الساحة الوطنية حاليا والتي يطبعها إقرار دستور جديد والحراك الاجتماعي وصعود قوة سياسية ممثلة في حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، ماهي مطالبكم التي ترفعونها باعتباركم جزءا من الحركة الحقوقية المغربية؟ - إن العمل الحقوقي يتبنى الدفاع عن كرامة المواطنين، عن الحرية، عن العدالة الاجتماعية، عن إرساء مبدأ عدم الإفلات من العقاب، عن الربط بين المسؤولية والمحاسبة، عن تمتيع كل متهم بشروط المحاكمة العادلة كما هو منصوص عليها في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، عن احترام حرية الرأي والتعبير، عن عدم المس بالسلامة البدنية وتعريض المواطنين للتعذيب، عن عدم وجود معتقلات سرية، عن احترام حرية العقيدة والتدين، عن صون كرامة السجناء، عن المطالبة بالإطلاق الفوري لسراح كل معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين، عن ضمان الحق في الاحتجاج والتظاهر السلمي، هذه هي مطالب العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان التي تمت مناقشتها بالتفصيل خلال أشغال المؤتمر الوطني السادس المنعقد بالرباط أيام 10/9/8 يوليوز 2011. * شهدت هذه السنة في المغرب إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فما هي في نظركم القيمة المضافة لوجود هذه المؤسسة، ومدى إيجابية وانعكاس ذلك على حقوق الإنسان؟ - أشكركم على هذا السؤال المهم، فبعد تعيين الملك لرئيس المجلس وأمينه العام، اعتبرنا ذلك في حينه مبادرة مهمة في اتجاه سير الدولة للالتزام بمبادئ معاهدة باريس المتعلقة بالمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، واعتبرنا تعيين الأستاذ محمد الصبار أحد ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، سيشكل صمام الآمان لعمل المجلس بكل نزاهة وحياد. فالأستاذ الصبار له تجربة وخبرة واسعتين في المجال الحقوقي وسيكون تواجده في المجلس مفيدا للحركة الحقوقية، وانتظرنا لأزيد من سبعة أشهر للإعلان عن التشكيلة النهائية لأعضاء المجلس، لكن التعيين شكل صدمة للحركة الحقوقية، حيث تم إقصاء العديد من الجمعيات الحقوقية ومنها العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، وفوجئنا بسيناريو محبوك بوجود أسماء تتكرر في العديد من الهيئات السابقة، ويبدو أن بصمات الجهات المتحكمة في مثل هذه المؤسسات بدت واضحة كما حدث في هيئة التحكيم المستقلة، وهيئة الإنصاف والمصالحة، والهيئة العليا للإعلام السمعي البصري، واللجنة المكلفة بمراجعة الدستور، والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في طبعتيه لسنة 2001 و2006، ويحدث نفس الأمر الآن في المجلس الوطني، أظن أن الأمر «من الخيمة خرج مايل» فلهذا يجب التدخل لتصحيح الأمور، وعدم تكرار ذلك في تنزيل مقتضيات الدستور عند إحداث المؤسسات الأخرى التي لها علاقة بالحريات العامة وحقوق الإنسان والحكامة. وأذكركم أن المكتب المركزي للعصبة أعلن مقاطعته للمجلس الوطني لحقوق الإنسان للأسباب التي تم ذكرها سابقا، ونتمنى أن تأخذ تحفظاتنا بعين الاعتبار حتى نتجنب خلق مؤسسات توجه أصلا للتسويق الخارجي، وتتحكم فيها جهات نافذة تحتويها على مستوى اختيار أعضائها وصلاحياتها.