تم أمس بالرباط إعطاء الانطلاقة لمسلسل إعداد خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان بالمغرب، خلال افتتاح المناظرة الوطنية التي بدأت أمس وتختتم يومه السبت، بمشاركة الحكومة والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والجمعيات الحقوقية وممثلية الاتحاد الأوربي بالرباط. وبدأ مشروع هذه الخطة في العام الماضي بإعلان الحكومة الانخراط فيه، بعد التزامه منذ مؤتمر فيينا سنة 1993 حول حقوق الإنسان القاضي بحث الدول على دراسة إمكانية صياغة خطة عمل وطنية تبين الخطوات التي ستمكنها من تعزيز وحماية حقوق الإنسان. وقد اعتمدت 23 دولة حتى الآن هذه التوصية ووضعت خطة عمل وطنية في مجال حقوق الإنسان. وقال الوزير الأول، عباس الفاسي في افتتاح المناظرة أمس، إن خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان تجسد إرادة الانتقال من مرحلة تميزت بطي صفحة الماضي و«التعويض المنصف» للضحايا إلى مرحلة أخرى تتركز الجهود فيها على تحصين مكتسبات المغرب في مجال حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة، مضيفا أن المغرب يعرف دينامية في مجال حقوق الإنسان. وأوضح الفاسي أن ما ينتظر من الخطة هو تحديد معالم المرحلة المقبلة، والتركيز على ترسيخ الحقوق الاجتماعية والاقتصادية بالقضاء على الفقر والتهميش والهشاشة وتقليص الفوارق المجالية، وتكريس المواطنة الفاعلة. وقال الوزير الأول إن الخطة تتضمن شقا ثانيا هو المتعلق بالديمقراطية، وفي هذا الإطار نوه بالجهود التي بذلها المغرب للسير في مسلسل الديمقراطية، وأبرز توجه المغرب منذ أول دستور في البلاد نحو هذا المنحى باعترافه بالتعددية السياسية والنقابية، كما تم وضع أول ميثاق جماعي وترسيخ حقوق المرأة والطفل ووضع إطار قانوني للأحزاب السياسية. وأكد عباس الفاسي أن الحكومة ستكون داعما رئيسيا في إعداد هذه الخطة الوطنية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان. من ناحيته، قال سفير الاتحاد الأوربي في الرباط برونو دوطوماس إن الاتحاد منح دعما ماليا للمغرب قدره 20 مليون درهم لإعداد هذه الخطة وترسيخ حقوق الإنسان، مشيرا إلى الدعم المستمر للجنة الأوربية في بروكسيل للمغرب في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان. وأضاف دوطوماس أن المغرب يعد الدولة الوحيدة في إفريقيا التي تستفيد سنويا من الدعم الأوربي في مجال تيسير الحكامة، وأن المغرب يحتل أولوية في سياسة الجوار الجديدة التي وضعها الاتحاد الأوربي في إطار تقوية سياسته المتوسطية، منوها في الأخير إلى أن المغرب الذي تحلى بالجرأة لإعداد خطة وطنية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان يمكنه أن يلعب دور القاطرة في المنطقة. ويقوم إعداد هذه الخطة على التشاور بين مختلف المؤسسات الحكومية ومكونات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية ونشطاء حقوق الإنسان، في أفق وضع استراتيجية وطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان وجعلها في صلب السياسات العمومية، وذلك بهدف إشاعة معايير وآليات حقوق الإنسان في صفوف الأجهزة المكلفة بإنفاذ القوانين والعاملين الاجتماعيين، وتطوير برامج خاصة تستهدف تحسين وضعية المجموعات الهشة بالبلاد، وأخذ دور حقوق الإنسان بالاعتبار في التنمية الوطنيةوتقوية المؤسسات الوطنية العاملة في مجال حقوق الإنسان. واعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في اجتماع مكتبها المركزي يوم 20 أبريل الجاري، أن وضع هذه الخطة «مشروع مجتمعي كبير ذو أهمية قصوى بالنسبة إلى المجتمع ككل»، لكنها علقته على التخلي عن المنهجية الحالية لتدبير ملف حقوق الإنسان، وتنفيذ كافة التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة والانطلاق في إنجاز الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان والتجاوب مع التوصيات التي أصدرتها الهيئات الأممية، ووقف التراجعات في مجال الحريات الفردية والجماعية، ووضع حد لسياسة الإفلات من العقاب في الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، واعتبرت الجمعية أن وضع هذه الخطة الوطنية يجب أن يتضمن المصادقة «دون تحفظات» على مجمل المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وإقرار دستور ديمقراطي.