أثناء الإعداد للانقلاب الذي كنا نعد له بشكل دقيق، قررت أنا وأوفقير وضباط آخرين من بينهم أمقران أن نهتم بالجانب الإعلامي من أجل تدبير فترة ما بعد الانقلاب بشكل صحيح وفاعل. لذا قرر ضباب حركة 16 غشت الاتصال بثمانية صحفيين مغاربة لإشراكهم في الثورة الإعلامية التي من المفترض أن تبدأ بعد نجاح الانقلاب وتكون قناة لتوصيل الأفكار والمبادئ التي من أجلها ت الانقلاب على الحسن الثاني. "" وبعد التدقيق في العديد من أسماء بعض الصحفيين الذين كنا نرى فيهم إمكانية المشاركة الإعلامية في ما بعد نجاح المخطط، استقرينا على ثماني صحفيين مغاربة من بينهم عبد الجبار السحيمي الذي كنت شخصيا في ذلك الوقت معجبا بما كان يكتبه في عموده الخاص بجريدة "العلم" لسان حزب الاستقلال، والذي أصبح اليوم مديرا لها. لذا، كان أول من اتصلت به لدراسة إمكانية لعبه لدور "هيكل" في ثورتنا بدون -طبعا- أن يكون في علمه الهدف الحقيقي من اتصالي به! كما لم يكن لي به من قبل أي اتصال أو علاقة، لكن مع ذلك اتصلت به ودعوته لمكتبي في ثكنة مولاي إسماعيل وإلى نادي الضباط بالقيادة العليا للجيش من أجل جس نبضه، ومعرفة مدى إمكانية الاعتماد عليه، لذا أثرت مع الأخ عبد الجبار السحيمي حوارا صريحا عن الفساد والانحلال الأخلاقي والانحطاط السائد في المغرب، وعن العفن والانهيار في جهاز الدولة والإدارة. وفي نفس الإطار، اتصلت أيضا بسبعة صحافيين آخرين كان من المخطط -بدون علمهم طبعا- أن يستعان بهم في الثورة الإعلامية المرتقبة. لكن كل المخططات لم يكتب لها النجاح، لأن البعض مازال يظن أن أوفقير قد تسرع في تنفيذ عملية 16 من غشت، والحقيقة غير ذلك، لأن فشل العملية لها أسباب أخرى، أما أوفقير فكان حينها لو أعطى أوامره للكولونيل اليوسي قائد الطيران لما أطيع، ولو أعطى أوامره لقائد المدرعات أو لقائد المظليين لما أطيع! وبالنسبة بالمدرعات، أنا الذي كنت أقرر ما سأفعله - طبعا بالتشاور معه ومع أمقران وكويرة - وأيضا فيما يتعلق بالتعرض لطائرة الملك كان القرار بيد أمقران وكويرة ولا يمكن لأوفقير أن يعطي أوامره بالطريقة الرسمية لحشاد أو لقائد آخر في قاعدة القنيطرة لأنه انقلاب وليس تدريبا عاديا! ولهذا، كان دور الجنرال أوفقير هو أن يتتبع سير العملية مباشرة بالراديو في برج المراقبة بمطار سلا. ولما سمع صوت الربان القباج يقول أن الطائرة هوجمت وأن الملك مات، غادر أوفقير فورا مطار الرباطسلا للتوجه إلى ثكنة مولاي إسماعيل -مقر قيادة سلاح المدرعات- حيث كنت أنتظره ليقوم بالخطوة التالية في الانقلاب وهو احتلال القيادة العليا، ووزارة الداخلية والإذاعة والقصر الملكي. كما أنه لم تكن هناك وحدة مدرعة تنتظر في المطار كما يظن البعض، فلم يكن مخططا أصلا أن يصل الملك إلى مطار سلا، بل كان مخططا لنزوله في القاعدة العسكرية لاعتقاله، وهو ما لم يتحقق. في الجزء الخامس(القصف العشوائي للقصر بعد فشل محاولة الانقلاب) [email protected] mailto:[email protected]