إذا سألتني هل حاول الحسن الثاني أن يصفي أوفقير، سأقول لك نعم، لقد حاول ذلك في مرة واحدة تحدث لي أوفقير عنها، وهي المحاولة التي كانت بعد أحداث الصخيرات. ففي أحد أيام شهر مارس سنة 1972 كاد الجنرال أوفقير أن يلقى حتفه في حادثة كادت تتحطم فيها الطائرة المروحية التي كان يركبها قرب مدينة أكادير. وهي الحادثة التي ذكر لي أوفقير على أنه حصل على إثرها على معلومات مؤكدة، بأنها محاولة بأوامر من الحسن الثاني لتصفيته بواسطة تدبير "حادثة سقوط طائرته". "" لكن هذه المحاولة فشلت، لأن ربان الطائرة المروحية بمجرد ما شعر بأن هناك خللا خطيرا في جهاز قيادة الطائرة وهي فقط على علو 10 أمتار والتحكم فيها أصبح صعبا، حينها حاول الهبوط بسرعة، لكنه لم يتمكن من ذلك وسقطت المروحية من علو منخفض جدا مما جعل الخسائر والإصابات غير خطيرة – واكتُشف- بعد الفحص، أن الحادث كان بسبب محاولة تخريبية في جهاز التحكم بمحرك الطائرة. أما إذا سألتني عن متى بدأنا في التفكير بالانقلاب عن الملك؟ فسأقول لك، أن أوفقير وأنا بدأنا نفكر بجدية في الإطاحة بالحسن الثاني خمسة أيام فقط بعد فشل محاولة انقلاب الصخيرات، وقد قلت لأوفقير مرة، إني أفضل شخصيا – لو كان لي أن أختار – أن نعامله كما عامل عبد الناصر الملك فاروق، فابتسم أوفقير وقال: في تلك الحالة من المؤكد أن الحسن الثاني لن يختار اللجوء إلى إيطاليا.. لكن مع هذا، يمكنني القول أن أوفقير لم يكن بمقدوره شخصيا أن يحرك دبابة واحدة أو طائرة واحدة، ولا حتى أن يصدر أوامر عادية للإطاحة بالنظام. الضباط الشباب هم من كانوا يتحكمون مباشرة في الأسلحة وبالوحدات. هؤلاء الضباط كان بالنسبة الأمر بالنسبة لهم لا يتعلق بشخص الحسن الثاني مقابل شخص أوفقير، الأمر كان يتعلق بنظام فاسد. فأنا وكويرة وعبابو وأمقران لم يحركنا هدف دعم شخص ضد شخص، أو طموح لمنصب أو مكتب أو مغنم، حتى أن بعض رفاقي من "الضباط الأحرار" الذين لاحظوا علاقتي الشخصية مع أوفقير ، طلبوا مني أن أهيئ تصميما دقيقا لبيت أوفقير لاعتقاله بعد نجاح الانقلاب، - دون أن يكون لهم علم طبعا بأنه هو نفسه مشارك في الانقلاب -، هذا بحد ذاته يدل على العقلية السائدة في الجيش لذا "الضباط الثوريين". وفي كل لقاءاتي وأحاديثي بعبابو وأمقران وكويرة لم يكن الأمر أبدا يتعلق بتغيير شخص بشخص، أي أن نطيح بالحسن الثاني ونبايع أوفقير. في الجزء الرابع (لقائي مع عبد الجبار السحيمي) [email protected]