فكرت طويلا، فكرتُ عميقا، فكرت بعمايَ وبصيرتي، بعجزي وقدرتي، فكرتُ كيف أهمس بهذه " الأحاسيس الصغيرة" في أذن العالم ...هذا عيدك أيها الشعر، يا رفيقي اللذيذ فأي فستان إذن، أي كعب، أي أحمر شفاه، أي عطر أي ساحة أراقصك فيها وحيدين على إيقاع الحقيقة أية بئر أنزلها، أنتقي منها أسرارك أي ليل أسرق منه هوامك أي نخلة أهزها، يسَّاقَطٌ عنفوانك أي بهاء أراهنُ عليه كي اضفر بلمعاتك أي هباء أتبعه، كي أصل إلى أرضك أي حُنُو، اية قُسْوة، أيّ تضاد في عيدك، سأستل الخنجر من الجرح، وأضمد المطعون بعسَلك سأستكين إليك، لأنك الوحيد الذي لم يغدر بصبابتي في عز التجرية سأردد نشيد الحرية تحت ثقب الاوزون، كي تسمعني كائنات السماء أتلو سيرتك سأقامر بكُلِّي، كي أضفر بتَكَّاتك سأرتكب ما يكفي من الضحكات، كي تفتخِر بي سأكنِس ساحة الوجود من الرماد، ومن الدم المتجمد على الأرصفة، بمكنستك سأنسحب من سراديبك كي أعلم البشرية كيف تسيرك بلا قنديل أو شمع لعيدك، سأدعو الزرافات والسنونوات، وعباد الشمس والغيمات، وفِيَلة يعجبها رنينك سأدعو الفقراء وذوي القلوب المنسية في قاع الحزن سأدعو سربا من أرواح شعراء رحلوا باكرا، وتركوا عندك نواقيسهم سأردد صلواتك في ابتهال، وفي خشوع ساُسْمِعُ العالم هَدْأتك أيها الشعر، يا صديقي ويا محرري من عبودية العبث، ومن سخافة الماوراء أيها الشعر، يا جزري في الخيال يا وقدتي ، يا غبائي، ويا انبهاري.. يا حطامي، ويا نهضتي من غبار السقطة ماذا أشعلُ في عيدك، غير سَهَري ..... وحدي في هذا الركن الأخضر من ليْلي، سأقول لرفاقي الشعراء، كل عام وأنتم معي في مفازات القصيدة، على صهوات الحرف، في حنايا الكلام كل عام وأنتم معي على حافة هذا النهر اليجري ويجري، لا يوقفه زمن، الحصوات في قعهره، نكونُ العشبُ ذو الهَفْهَفَةِ والشميمِ على جنباته، نكونُ الرغوة البلّورية في مُويْجاته الصغيرة، نكون ونحنُ أيضا، صلصالهُ وصهيلُهُ هذا النهر، والجناحُ.. كلُّ شعر، ونحنُ، معا، حتى منتهى الحياة...