خلال الأسبوع الذي سيبدأ يوم 24 مارس، ستطلب الدول الممثلة بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إظهار موقفهم من قرار بشأن سري لانكا. يسعى هذا القرار إلى دعم الدعوة التي تقدمت بها مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان لإنشاء آلية دولية للتحقيق في مزاعم وقوع انتهاكات لقانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الإنساني في سريلانكا من كلا الطرفين خلال فترة الحرب. ومن المتوقع أيضا أن يطالب هذا القرار حكومة سري لانكا بمعالجة القضايا المقلقة المتعلقة بحقوق الإنسان من أجل إحراز تقدم نحو تسوية سياسية ودعم للمصالحة لجميع أبناء الشعب السريلانكي. أعتقد أن هناك إجراءا واحدا فقط يجب اتخاذه من طرف البلدان التي تهتم باستقرار وازدهار سري لانكا في المستقبل، وهو التصويت لصالح هذا القرار. اسمحوا لي أن أشرح لكم لماذا. أولا، سيكون من الصعوبة بما كان لسري لانكا إقامة السلام على المدى الطويل دون مساءلة لأن البحث عن الحقيقة والعدالة يساعد على وضع الدول على المسار الصحيح نحو المصالحة. إن سيراليون مثال جيد على ذلك، فقد استطاعت أحكام المحكمة الخاصة وضع خط نهائي لفترة مضطربة من تاريخ سيراليون كما ساعدت معالجة قضية الإفلات من العقاب على الاستجابة لاحتياجات الضحايا ولئم جراحهم. إن السريلانكيين الذين يريدون فهم ما حدث خلال الأحداث التي أريقت فيها الدماء ينبغي ألا يحرموا من الأجوبة على تساؤلاتهم كما أن على المسئولين عن هذه الأحداث أن يخضعوا للمساءلة لتضميد جراح حرب طويلة ومريرة. ثانيا، لقد فشلت الحكومة السريلانكية في اتخاذ إجراءات بنفسها على الرغم من القرارين السابقين اللذين دعيا إلى إجراء تحقيق وطني مستقل وذو مصداقية واللذين عرضا دعما تقنيا من مكتب مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان. هذا بالإضافة إلى أن لجنة الدروس المستفادة والمصالحة السريلانكية التي أنشئت عام 2010 قد فشلت في معالجة هذه المسألة على نحو كاف. لو عولجت هذه المسألة على نحو كاف ولو أحرزت سريلانكا تقدما ملموسا في هذا الجانب، لما كنا اليوم على ما نحن عليه. بدلا من الدعوة إلى اتخاذ إجراء دولي، كنا سنكون قد هنئنا سريلانكا على جهودها في التصدي لانتهاكات الماضي. ثالثا، إن مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوضع آلية دولية، تدعمها في هذا أصوات مستقلة عديدة بما في ذلك المدافع عن السلام في العالم رئيس الأساقفة الفخري ديزموند توتو وكذا عدد من الجماعات في المجتمع السريلانكي وحزب التاميل الرئيسي، تحالف التاميل الوطني. كما أن هناك أدلة إضافية مقنعة تم جمعها عن طريق العمل مع المنظمات غير الحكومية والصحفيين تدعم هذه الدعوة أيضا. رابعا، ليس هناك شك من أن التصدي للإفلات من العقاب عن الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت خلال الحرب من شأنه أن يعزز سيادة القانون في سري لانكا، لذلك فعلى المجتمع الدولي أن يبعث رسالة قوية على أن للجميع الحق في أن يشعر بالأمن والأمان وعلى أنه لا أحد فوق القانون. إن الذين يعارضون هذا القرار يقولون بأن المسار الوطني لسري لانكا بحاجة للوقت، وبأن الحل الأفضل موجود داخل سري لانكا، وبأنه يجب علينا أن نتعامل مع سري لانكا بشكل بناء وألا ننتقدها، وبأن للحكومة السريلانكية كل الحق في اتخاذ الخطوات اللازمة لوقف عودة نمور التاميل للإرهاب. الكثير مما تقدم صحيح بطبيعة الحال. فالتئام جروح الحرب أمر يستغرق وقتا والحلول الشاملة والمستقلة والشفافة النابعة من الداخل تكون فعالة للغاية والتعامل البناء أمر ضروري – بما في ذلك التعامل عن طريق مجلس حقوق الإنسان – كما أن لا أحد يريد أن يرى الإرهاب يعود مرة أخرى. لكن الأمر هنا لا يتعلق بحاجة للمزيد من الوقت، بل يتعلق بحكومة سري لانكا التي لا تظهر الإرادة السياسية اللازمة لمساندة عملية شاملة وشفافة وذات مصداقية من شأنها توفير الحقيقة لأولئك الذين يبحثون عنها. لقد فشلت سريلانكا في احترام الوعد الذي أعطته لمعالجة قضية المساءلة في البيان المشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة عام 2009. إن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية تشجيع سري لانكا على إحراز تقدم في مجموعة من القضايا التي من شأنها تعزيز وتقوية سري لانكا كأمة. إن اعادة الاعمار مهمة لكنها وحدها غير كافية لتأمين مستقبل سري لانكا، لذلك يجب إحراز تقدم ملموس بشأن التسوية السياسية والمساءلة وحقوق الإنسان والمصالحة. إن مكافحة الإرهاب تتطلب توازنا دقيقا. نحن نعرف هذا جيدا في بريطانيا ونتعاطف مع كل السريلانكيين الذين عانوا على يد نمور التاميل الوحشية. لا أحد يتأسف لأنهم هزموا، لكن الردود على أي تهديدات إرهابية مزعومة ينبغي أن تكون متناسبة لتجنب تأجيج نيران التطرف، وهو ما يعني ضمان إدارة شاملة واحترام حقوق الأقليات ووقف الاعتداءات الجنسية وغيرها والعدالة للجميع. لهذا يجب علينا أن نشجع سري لانكا لتحقيق هذه القيم لجميع أطياف الشعب السريلانكي. لقد ناقشت الحكومة البريطانية العديد من هذه القضايا خلال اجتماع رؤساء حكومات الكومنولث في سري لانكا العام الماضي وذلك خلال اجتماعات مع ممثلي الحكومة السريلانكية بما في ذلك الرئيس راجاباكسا. أخلص بالقول بأن الوقت قد حان لبلدان مجلس حقوق الإنسان للوقوف معا لتوفير الدعم القوي للقرار المقبل بشأن سري لانكا الذي سيتم التصويت عليه في جنيف في وقت لاحق من هذا الشهر والذي يسعى ليس فقط لإنشاء آلية دولية للتصدي لانتهاكات القانون الدولي في الماضي بل أيضا إلى مستقبل أفضل للجميع السريلانكيين. يجب علينا جميعا أن نقوم باللازم لصالح سري لانكا. *مقال رأي لوليام هيج وزير الخارجية البريطاني خصّ به جريدة هسبريس الإلكترونية